تقریر رئيس مؤسسة الإمامة الدولية يستعرض:
التيارات المؤثرة على علم الكلام في القرن الأخير في حوزة قم العلمية في قم / أي تيار كان يدعمه رضا شاه؟
تعریب: الآفاق
في اللقاء الثاني من سلسلة اللقاءات التي ترتبط بموضوع "تحولات علم الكلام في الحوزة العلمية في قم في القرن الأخير"، تناول حجة الإسلام والمسلمين محمد تقي السبحاني التيارات المؤثرة على علم الكلام في القرن الأخير في الحوزة العلمية في قم، وسبب دعم رضا شاه لأحد هذه التيارات.
وفقا لتقرير وكالة أنباء الحوزة، أوضح حجة الإسلام والمسلمين محمد تقي السبحاني في الجلسة الثانية من "تحولات علم الكلام في الحوزة العلمية في قم في القرن الأخير" ضمن سلسلة جلسات الذكرى المئوية لتأسيس الحوزة العلمية في قم، التي نظمتها الأمانة العامة للذكرى المئوية لتأسيس هذه الحوزة بالتعاون مع معاون البحث العلمي للحوزات العلمية: "أن علم الكلام في الحوزة العلمية في قم مر بأربع مراحل، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى بدأت مع دخول المرحوم آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري في ظروف صعبة للغاية وانتهت بوفاته في عام 1315ش."
وأضاف: "في هذه الفترة، كانت الحوزة العلمية في قم لا تزال في طور التشكيل ولم تكن المواجهات الفكرية الموجودة في إيران والعالم مرتبطة بشكل مباشر مع الحوزة. کما كان عدد الطلاب والخريجين قليلًا جدًا، ولم تكن هناك بيئة ملائمة لتأسيس وتطوير علم الكلام، وكانت الكتب الكلامية تُدرس بشكل متفرق في قم، كما تم تأليف بعض الرسائل والنصوص للرد على بعض الأفكار."
وأشار رئيس مؤسسة الإمامة الدولية إلى أن المرحلة الثانية كانت مرحلة حاسمة في علم الكلام، حيث بدأت هذه المرحلة من وفاة الحاج الشيخ عبد الكريم(ره) حتى وفاة آية الله العظمى بروجردي(ره). وكانت تلك الفترة مليئة بالتحديات، حيث تفاعلت الحوزة العلمية مع الأفكار الخارجية، وبذل العلماء والأساتذة جهودًا للرد على هذه التحديات بشكل مناسب وجاد.
وتابع الأستاذ في الحوزة: "تنقسم المرحلة الثانية (مرحلة النهوض) إلى قسمين؛ القسم الأول من عام 1315ش (1936م - 1355ه) حتى عام 1325ش (1946م – 1365ه)، وهو الفترة التي دخل فيها آية الله بروجردي(ره) إلى قم حتى وفاته، والقسم الثاني بدأ بعد وفاته."
وأضاف: "في المرحلة الثانية، ظهرت تيارات أسهمت في تشكيل ونهوض الأفكار الكلامية في الحوزة العلمية في قم، وكان أحد التيارات المؤثرة هو تيار التجديد -الاشتراكية التطويرية- الذي بدأه الشيخ هادي نجم آبادي وتابعه كل من السيد أسد الله خرقاني وشريعت سنكلجي. هؤلاء الأفراد كانوا متعلمين لكنهم لم يكملوا دراستهم في علم الكلام والفقه الشيعي."
وأوضح حجة الإسلام والمسلمين السبحاني أن هذا التيار تزامن مع واقعة شهر شهريور 1320ش (1941م – 1360ه)، أي طرد رضا شاه من إيران، الذي أتاح جوّا سياسيا منفتحا وفرصة أوسع للتعبير عن الأفكار. فبدأ شريعت سنكلجي من جهة وأحمد كسروي من جهة أخرى الهجوم على المذهب الشيعي.
وأشار إلى أنه بالرغم من سعي رضا شاه إلى إخراج رجال الدين من الساحة وإغلاق أبواب التبليغ الديني، إلا أنه لم يقصر في دعم الجماعات المعادية للدين أبدا، وقد أظهر هؤلاء الأفراد ولاءهم لتوجهات التجديد التي قادها رضا شاه.
وتابع الأستاذ في الحوزة أن أحمد كسروي، قد درس في ألمانيا وتأثر بالتيار الفكري العصري خلال الحقبة الدستورية، أسس مجلات بعد مجيئه في إيران ونشر مقالات تنتقد عقائد الشيعة مثل الإمامة، مقامات أهل البيت(ع)، والتوسل و..، محاولًا تقويض الجوانب القدسية للمجتمع الإيراني، وهو ما أثار ردود فعل من الحوزات العلمية، ومنها حوزة قم العلمية.
وأردف: "نظرًا لأن الحوزة العلمية في قم كانت حديثة العهد وعدد الطلاب قليلًا، لم تكن لديها الاستعدادات الكافية لمواجهة هذه القضايا، وكان غياب نظام دراسي وتعليمي متكامل في مجال علم الكلام يجعل ردود فعل علماء قم تجاه موجة الابتعاد عن الدين ومناهضته أقل وضوحًا."
رئيس مؤسسة الإمامة الدولية قال: "عندما بدأ علي أكبر حكمي زاده، وهو شاب طالب كان يدرس في مدرسة رضوية، بالتواصل تدريجيًا مع كسروي وحركة التجديد ومناهضة الشريعة، تأثر بذلك وأسّس نشرة في قم مستوحاة من مجلة كسروي وطرح تساؤلات وجهها إلى علماء الشيعة، وكانت نتيجة ذلك كتاب "أسرار هزار ساله" الذي دفع كبار العلماء في قم للتفكير."
وأضاف حجة الإسلام والمسلمين السبحاني: "في نقده لكتاب "أسرار هزار ساله"، كتب الإمام الخميني(ره) كتابًا بعنوان "كشف الأسرار"، الذي كان مزيجًا من الأبحاث العلمية والترويجية، ويعتبر تحديًا ضد حكمي زاده وحركة كسروي، مما أدى إلى تهميش تيار حكمي زاده.
وأشار إلى أن الماركسية كان ثاني تيار مؤثر في علم الكلام في الحوزة العلمية في قم. فعندما أصبحت المجموعات الماركسية النشطة في روسيا القيصرية نشطة في شمال إيران، كان من الطبيعي أن تنعكس هذه الميول الثورية الماركسية في إيران. أسس مجموعة من النخب الإيرانية حزبًا يُدعى "حزب الاعتداليون الاجتماعيون العاميون"، الذي كان مقدمة لتأسيس أول حزب ماركسي في إيران يُسمى "حزب الشيوعي الإيراني".
وأضاف رئيس مؤسسة الإمامة الدولية أن حزب الشيوعي نشط في مواجهة رضا شاه، وبعد شهريور 1320ش (1941م)، عندما انفتحت الساحة السياسية والثقافية، اكتسب الماركسية في إيران زخمًا كبيرًا، وتم تأسيس حزب "توده" في هذه الفترة، واستقطب العديد من النخب الشبابية وحتى المتدينة الشيعية تحت شعارات سياسية، وقاموا بالترويج والتبشير بالتفكير الماركسي.
وتابع: "كان تقى أراني أحد الشخصيات الماركسية المؤثرة في إيران. كان من أساليبه استخدام العلم الحديث والنظريات الفيزيائية والكيميائية وعلم الاجتماع وعلم النفس لتأييد النظريات المادية والماركسية، مما أدی إلی ردود فعل من الحوزات العلمية."
وأوضح أنه كان منتدى العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي(ره) في قم عام 1950م أحد أبرز المنتديات التي تناولت الرد على التيار الماركسي، حيث أسس حلقات نقاش حول نقد المادية والديالكتيك وغيرها من الأفكار الماركسية، وأدى هذا العمل إلى إنتاج كتاب "أصول فلسفه و روش رئاليسم" (أصول الفلسفة والمنهج الواقعي)، والذي قام الشهيد مطهري بشرحه وترجمه آية الله العظمى جعفر السبحاني إلى العربية."
وأضاف: التيار الوهابي والبهائي كان ثالث تيار أثر في نهضة علم الكلام في الحوزة العلمية في قم. تأسست الوهابية عام 1160 هـ في السعودية، وبعد حوالي مئة عام في عام 1260 هـ، ظهر التيار البابي، الذي نشط في إيران والعراق كفرقة منحرفة. إن كلا التيارين كان لهما تأثير مباشر وغير مباشر على النهضات الكلامية في الحوزة العلمية في قم."
وأشار حجة الإسلام والمسلمين السبحاني إلى أن الوهابية دخلت الحوزة العلمية الإيرانية مباشرة، وكتب علماء الشيعة أعمالًا ضدها، ولكن المركز الرئيسي لمواجهة الوهابية والبابية كان في الحوزة العلمية في النجف، حيث كان كتاب المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء أول وأهم كتاب في نقد الوهابية من قِبل علماء الشيعة؛ وكانت الآثار المؤلفة من قبل كبار قم نفس النقد الذي قد اُلف في رد التجديد من قبل، لأن مصادرهم الفكرية كانت نفس الفكر الوهابي.
وتابع: "في عهد المرحوم آية الله بروجردي(ره)، أصبح التصدي للبهائية والبابية في إيران أمرًا جادًا، لأن نظام البهلوي الثاني كان مرتبطًا بحركة عالمية دعمت البابية، ووجود مسؤولين بابيين وبهائيين في الحكومة أثار حساسيات العلماء، وخاصة المرحوم آية الله بروجردي(قد)، مما أدى إلى خلق موجة من المقاومة لمنع المزيد من انتشار هذه الفرقة في إيران."
وأشار الأستاذ في الحوزة إلى أن التيارات الناشطة في مجال الإمامة والمهدويّة كانت من العوامل الأخرى التي ساهمت في نهضة الفكر الكلامي في الحوزة العلمية في قم، حيث أن النقطة المحورية في انتقادات معظم التيارات الفكرية في إيران كانت قضية الإمامة والمهدويّة.
وأضاف أن مواجهة التبليغ المسيحي كانت أيضًا من دوافع النهضة الكلامية في الحوزة العلمية في قم، ورغم أن هذه المواجهة بدأت متأخرة عن الحوزات الأخری في إيران والعراق، إلا أنها ظهرت في عهد آية الله بروجردي من خلال المناظرات والنقد المكتوب للديانة المسيحية."
وختم بالقول: "كان للعلاقات الدولية والمناسبات مع المذاهب الإسلامية الأخرى تأثير في هذه النهضة الكلامية في الحوزة العلمية في قم بما أنه كان من اهتمامات الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري(قد) النشر الديني والمعرفي خارج العالم الشيعي، وكانت له دائماً رؤية عالمية وبعيدة النظر لتطور القضايا المعرفية والعقائدية في العالم الإسلامي، لكن آية الله البروجردي أكثر من أي شخص آخر في الحوزة كان مؤسس العلاقات والمنماسبات الدولية."
برچسب ها :
ارسال دیدگاه