الباحث: أ. م. د طارق حسن الأسدي / جامعة ذي قار كلية العلوم الإسلامية
*المطلب الثاني: آثار الأفكار الإلحادية في المجتمع:
أوَّل الآثار التي يخلفها الإلحاد في نفوس الأفراد هو القلق والحيرة والاضطراب والصراع النفسي. وذلك أن داخل كل إنسان منا فطرة تلح عليه، وأسئلة تتلجلج في صدره: لماذا خلقنا؟ ومن خلقنا؟ وإلى أين نسير؟ وإذا كانت زحمة الحياة، وشغلها الشاغل يصرف الإنسان أحياناً عن الإمعان في جواب هذه الأسئلة، والبحث عن سر الحياة والكون فإن الإنسان يصطدم كثيراً بمواقف وهزات تحمله حملاً على التفكير في هذا السؤال، فالأمراض والكوارث، وفقد بعض الأهل والأحبة، والمصائب التي تصيب الإنسان لابد أن تفرض على الإنسان أن يفكر في مصيره ومستقبله. ولما كان الإلحاد عقيدة جهلانية -لأنه يقوم على افتراض عدم وجود إله- فإنه لا يقدم شيئاً يخرج هذا الإنسان من الحيرة والقلق والالتباس ويبقى لغز الحياة محيراً للإنسان، ويبقى رؤية الظلم والمصاعب التي يلاقيها البشر في حياتهم كابوساً يخيم على النفس ويظل الإلحاد عاجزاً عن فهم غاية الحياة والكون، ولا يقدم للإنسان إلا مجموعة من الظنون والافتراضات لا تقنع عقلاً ولا تشفي غليلاً. ومع إلحاح نداء الفطرة الداخلي وتردد تلك الأسئلة الخالدة في النفس يظل الإنسان قلقاً معذباً.
ومن الآثار الأخرى هو أن الإلحاد يقطع صلة الإنسان بالآخرة، كدار أخرى للنعيم إذا ما آمن وأحسن العمل في الدنيا؛ فلا يبقى للإنسان منظور لهذه الدنيا غير المتعة واللذة الشهوانية الخالصة. ومع قصر عمر الإنسان يصبح التلذذ بالشهوات والتمتع بها في ظل التنافس عليها والتباهي بها والصراع من أجلها غايته الأسمى وهدفه الأول.
فالملحد يعيش ليتمتع بالشهوات فقط، وكل جهده في الحياة مبذول لهذه الغاية؛ حتى العلم يخوضه استمتاعا ويوظفه للمتعة، أو مقابل الحصول على مردود مالي يوصله للمتعة.
وأيضا من الآثار التي يمكن ذكرها هو دفع الفرد إلى الأنانية المطلقة والنظرة المنفعية التي تدور حول لذاته هو ومتعه، غير مبالٍ بمن حوله، طالما وأنه لا غاية خلف الوجود والحياة غير الفناء، فيعيش الملحد فراغا روحيا.
لكن قد تنعكس الآثار على المجتمع إذ نرى شيوع حالات الانتحار وخاصة الشباب منهم، ورغم أنَّ هناك أسباباً عدة خلف الانتحار، وتختلف الدوافع من شخص إلى آخر، إلا أنَّ كثيرا من الدراسات النفسية تؤكد أن الاضطرابات النفسية –مثل القلق والاكتئاب والانهيار النفسي- تحت تأثير ضغوطات الحياة المادية والاجتماعية تقف وراء هذه الظاهرة بالدرجة الأولى.
فإذا كان الإلحاد سببا من أسباب هذه الاضطرابات النفسية النابعة من فقدان الهوية وتيهان الوعي وغياب أي معنى رسالي للوجود وغائي للحياة، فإن من الطبيعي أن يكون الانتحار أثرا من آثاره.
ومما دمره الإلحاد في البشرية الأسرة، الخلية الأولى للبناء الاجتماعي. فقد أدى الإلحاد إلى إشاعة الفواحش وإطلاق الغرائز الجنسية خارج إطار الزوجية. فنشأ عن هذه الممارسات ضياع الأنساب واختلاط الأرحام، فلا يجد المولود رعاية ولا أسرة مرتبطة ينتمي إليها.
فنشأ جيل لا يعرف من العلاقات التي تحكم تصرفه في الحياة غير علاقات المنافع المادية والمصالح الشخصية، أو الجنس والمتعة. فنظرته للارتباطات الزوجية نظرة للقيود، فلا يوجد شعور بأهمية الأسرة والأبناء، وإنما هي المتع. كما أنَّ فكرة المساواة المطلقة التي جعلت من المرأة ندا للرجال في ميادين العمل أخرجت المرأة من دورها الطبيعي كزوجة وأم. لذا يعيش الكثير من الأفراد خارج إطار الزوجية وتبعاتها، وتنتشر العلاقات الجنسية كعلاقات متعة لا تهدف للإنجاب.
بينما الله سبحانه يقول: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)([21])
ويقول سبحانه أيضا: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)([22]).
الفصل الثاني: تصدي المرجعية لهذه الحركات الفكرية المعادية للإسلام ودور الآخرين في مواجهتها
*المبحث الأول: تصدي المرجعية للحركات الفكرية المعادية للإسلام
لقد عمت العالم الإسلامي تيارات فكرية وعقائدية مختلفة، وكان من بينها التيارات الإلحادية، وذلك بسبب ظروف الصراع بين أمريكا والاتحاد السوفيتي (سابقاً)، وكان الكثير من مستضعفي العرب والمسلمين يجدون أن الملجأ لمواجهة الاستكبار الغربي هو الاتحاد السوفيتي والأحزاب الشيوعية التي انتشرت في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وهذا اللجوء لم يكن سياسياً فقط، بل كان في كثير من الأحيان ينجر الوقوع تحت التأثير الفكري للشيوعيين والماركسيين إلى حالة الإلحاد ومحاربة الدين، حيث قام التيار الشيوعي بمساعدة وإسناد المجتمع الإسلامي في التحرر من الاستعمار الغربي، مقابل مكاسب مادية ومعنوية وهي القضاء على العدو الغربي الذي كان ينافسه وكذلك إسقاط المجتمع المسلم تحت تأثير الأفكار الإلحادية التي كان يتبناها الشيوعيون، فكان للإمام محسن الحكيم (23)دور كبير ودقيق في هذه المسألة لأنه من ناحية يحاول أن يحافظ على المواجهة مع الغربيين والدول الاستعمارية ومن ناحية أخرى يحافظ على دين الناس وثقافتهم حيث تمكن من عزل الحزب الشيوعي من ناحية ومن ناحية أخرى أخذ يتصدى للأمور السياسية العامة لمواجهة الحكومات العميلة للغرب وللاستكبار، وذلك جراء الفتوى الكبيرة التي أصدرها فيما يتعلق بتحريم الانتماء للحزب الشيوعي والتي جاء فيها (الشيوعية كفر وإلحاد) وقد صدرت هذه الفتوى عام 1959م.
سئل السيد الحكيم يوما عن رأيه في السياسة وتدخّل العلماء فيها فأجاب: (إذا كان معنى السياسة هو إصلاح أمور الناس بحسب الأصول العقلائية الصحيحة والعمل على تحقيق رفاهيتهم كما هو المعنى الصحيح للسياسة فإن الإسلام كله هو هذا وليس هو غير السياسة وليس للعلماء وظيفة غير هذه وأما إذا كان المقصود من السياسة معنى آخر فإن هذا شيء غريب عن الإسلام).
ولما أنزلت بريطانيا قواتها في منطقة الفاو الواقعة في الخليج العربي بهدف السيطرة على العراق وقامت طائراتها بقصف مدنه و قتل أبناء الشعب العراقي أصدر أستاذه المرحوم السيد محمد سعيد الحبوبي أمرا بالجهاد وذهب بنفسه إلى مدينة الناصرية الواقعة في جنوب العراق فرافقه السيد محسن الحكيم في سفره الجهادي هذا وأظهر السيد الحكيم وأستاذه صبرا واستقامة في تلك الجبهات.موسوعة أنصار الحسين
كما وقف الإمام الحكيم(قد) موقفاً بطولياً ضد النظام الاشتراكي حيث أصدر الإمام الحكيم(قد) فتواه بتحريم الاشتراكية عام 1965م وكان لهذه الفتوى الأثر الكبير جداً في العالم الإسلامي، فبدأ التحرك ضد الشيوعية والاشتراكية، ففي أفغانستان مثلاً كان هذا التحرك بزعامة السيد الواعظ (محمد سرور) وهو من كبار علماء أفغانستان والذي استشهد على يد السلطات الأفغانية آنذاك، وكان السيد محمد سرور في النجف الأشرف ومن طلاب الإمام الحكيم(قد)، وتبنى خطه الجهادي ثم ذهب إلى أفغانستان في وقت كانت الشيوعية نشطة هناك ، ولما جاء داود خان للحكم قاومه السيد محمد سرور حتى يوم اعتقاله
وفي لبنان انطلق السيد موسى الصدر والسيد محمد حسين فضل الله، والشيخ شمس الدين، وغيرهم من العلماء لمحاربة التيار الشيوعي مع المحافظة على المواجهة مع الحالة الغربية، ونفس الأمر كان في باكستان إذ جاءها السيد مهدي الحكيم(قد) وكان الرائج في الأوساط الشيعية في باكستان، هو تبني الأفكار اليسارية والاشتراكية، ودخل الإمام الحكيم إلى باكستان من خلال نجله السيد مهدي الحكيم(قد) الذي قام بحملة واسعة من الخطابات والبيانات وجمع العلماء ليشكل جبهة دينية إسلامية مقابل التيار الشيوعي في باكستان، كما قام الإمام الحكيم بإرسال العلماء إلى المناطق الشيعية في المدن والقرى والأرياف البعيدة والمجهولة لنفس هذا الأمر.
وهو أول من دافع عن الحكم الإسلامي في الجهاد ضد الانكليز. كما دافع عن المسلمين السنّة عام 1958 و 1959، حيث كانت هناك محاولات لضرب العلماء السنّة. كما دافع عن الأكراد في شمال العراق وأكثريتهم الساحقة من السنة. وكذا موقفه من قضية فلسطين، وموقفه ضد المحاولة التي تبناه آنذاك النظام المصري من الاشتراكية؛ لتحريف الإسلام وجعل المنهج الاشتراكي وكأنه يمثل الخط الإسلامي الأصيل.
وكذلك موقف الإمام الحكيم(قد) من قضية إعدام قادة الإخوان المسلمين بمصر وشجبه لعملية الإعدام ... وتعامله ومواقفه مع التيارات الكافرة التي اجتاحت الساحة الإسلامية، الغربية منها والشرقية، فالإمام الحكيم(قد) حفظ التوازن بين وحدة المسلمين من ناحية، والدفاع عن الشيعة من ناحية أخرى؛ لذلك أصبح للمرجعية الدينية كيانها السياسي القوي المتفاعل في أوساط الأمة، وله أجهزته الناشطة فيها.([24])
هذا وقد تأسست جماعة العلماء سنة 1958م، وذلك بمبادرة من بعض العلماء القياديين في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف، وكان الغرض الأساسي من تأسيسها هو سد الفراغ الديني الذي انتشر بين صفوف الأمة آنذاك بسبب تصاعد المد الإلحادي والعلماني بحكم سيطرة قوى(عميلة) تتبنى تلك المناهج الكافرة، ونتيجة لهذه الأوضاع القلقة واجه علماؤنا الأعلام هذه المحنة بالثبات والصمود،وبدأوا يعالجون الداء الخبيث بصورة سريعة قبل إن يسري إلى جسد الأمة الإسلامية، فعقدوا لذلك اجتماعات سرية وعلنية ليضعوا منهاجا للعمل وليحددوا إبعاد خطة المجابهة، وقد تمخض عن هذه الاجتماعات ولادة جهاز ديني قيادي يدعى ب(جماعة العلماء)،الذي ضم نخبة ممتازة من الشخصيات الدينية والعلمية البارزة في الحوزة العلمية في النجف الأشرف من أمثال الشيخ محمد رضا المظفر، والشيخ محمد الدين زين الدين والشيخ محمد حسن الجواهري، والشيخ محمد طاهر ال راضي… وغيرهم من العلماء.
ذكر السيد كاظم الحائري بخصوص نشأة (جماعة العلماء): (لا بدّ من أجل أن نفهم عمق الأحداث التي سوف أتناولها و المواجهة التي وقعت بين الإمام الشهيد الصدر(ره) و حزب البعث في العراق من أن نرجع إلى بدايات سنة 1378 أي بعد التغيير في الحكم الذي حصل في العراق بعد انقلاب الرابع عشر من تموز عام 1958 م.
فقد ظهرت على سطح المسرح السّياسي في العراق مجموعة من التيّارات السياسيّة و الفكريّة بعد أن حصل الشعب العراقي نتيجة الانقلاب على بعض المكاسب السياسيّة و الاجتماعيّة.
و قد احتدم الصراع في المرحلة الأولى بين التيار الماركسي - الذي كان يقوده الحزب الشيوعي العراقي و الذي كان يحصل على الدعم المعنويّ من قائد الانقلاب عبد الكريم قاسم من جانب و مجموعة التيارات السياسية الأخرى، كالتيّار القومي الذي كان يجمع بين الناصريين و البعثيين و غيرهم و الذي كان له وجود سياسي في الحكم و في الشارع بسبب الدعم الذي كان يحصل عليه من الجمهورية العربية المتحدة حينذاك بقيادة جمال عبد الناصر، و كالتيار الإسلامي الذي كانت تتعاطف معه جماهير واسعة من الشعب العراقي المسلم دون أن يكون له وجود سياسي قوي عدا بعض الأحزاب السياسية الإسلاميّة الصغيرة. و قد وجد علماء النجف الأشرف أنّ من الضروري أن يطرح الإسلام كقوة فكريّة و سياسيّة أصيلة تنتمي إلى السماء و تمتدّ جذورها في الشعب المسلم.
و ولدت من أجل ذاك أطروحة (جماعة العلماء) التي يمكن أن نقول بحق أن وجودها يرتبط بشكل رئيسي بعقليّة السيّد الشهيد الصدر و اهتمامات المرجعيّة الدينية و طموحاتها الكبيرة التي كانت تتمثل بالمرحوم الإمام السيد حسن الحكيم بالإضافة إلى الشعور بالحاجة الملحّة لمثل هذه الأطروحة لدى قطّاع واسع من الأمة. و رغم أن السّيد الشهيد(ره) لم يكن أحد أعضاء جماعة العلماء لصغر عمره إلاّ أنّه كان له دور رئيسي في تحريكها و توجيهها كما ذكرت ذلك في مذاكراتي عن جماعة العلماء في النجف الأشرف، و من خلال ذلك تمكن علماء النجف الأشرف أن يطرحوا الخطّ الإسلامي الصحيح، و يعملوا على إيجاد القوّة السياسيّة الإسلاميّة المتميّزة.
و قد باشرت جماعة العلماء - بالرغم من قوّة الأحداث و عدم توفر الخبرة السياسيّة الكافية و تخلف الوعي الإسلامي السياسيّ في الأمّة - عملها من أجل إرساء قواعد هذا الخط الأصيل و ذلك من خلال بعض المنشورات و الاحتفالات الجماهيريّة و الاتصالات ببعض قطاعات الشباب و إصدارها لمجلّة الأضواء الإسلامية التي كانت تشرف عليها لجنة توجيهيّة مكوّنة من شباب العلماء كان لها اتصال وثيق بالسيد الشهيد الصدر... بعد مضي أقل من عام تمكّنت جماعة العلماء من بناء قاعدة إسلاميّة شابّة، و لذا قرّرت هذه الجماعة إصدار نشرة الأضواء الإسلاميّة كأداة للتعبير عن وجودها من ناحية و لمواصلة السير في الطريق الذي رسمته من ناحية ثانية... و قد بعثت مجلّة الأضواء من خلال خطّها الفكريّ و السياسيّ و من خلال ما رسمته من معالم الطريق الإسلامي و خطوطه العريضة و بالأخص الخطوط التي كانت ترسم ضمن موضوع (رسالتنا) الذي كان يكتبه السيد الشهيد الصدر باسم جماعة العلماء و بإذنها طبعا بعث الروح الإسلاميّة في قطّاعات واسعة من الجماهير) ([25])
وعندما مرض الإمام الحكيم(قد) في آخر حياته في المستشفى مرض الوفاة، تحدث إليه بعض ولده وسأله عن موقفه من الحكم الظالم الكافر، حكم العفالقة البعثيين المجرمين، وتقييمه لهذا الموقف، بعد الآلام والمعاناة التي لاقاها من هؤلاء المجرمين، فقال لهم: ( إني أشعر بالرضا تجاه هذا الموقف لأني لو لم أصنع شيئاً في موقفي هذا إلا أن أضع حاجزاً بين البعثيين المجرمين والشعب العراقي، ولو لمدة عشر سنوات لكان هذا الموقف يستحق كـل هذه التضحية)(26). وقد أفتى السيد الشهيد محمد باقر الصدر وتصدى(قد) بحرمة الانتماء لحزب البعث، حتى لو كان الانتماء صورياً، وأعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، فكان هو المرجع الوحيد الذي أفتى بذلك، وحزب البعث في أوج قوته وكان ذلك جزءاً من العلة وأحد الأسباب التي أدت إلى استشهاده(27)
*المبحث الثاني: دور الآخرين في مواجهة هذه الأفكار المضادة للإسلام
قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(28)، إن الملحدين يبررون إلحادهم بالكشوفات العلمية والنظريات العلمية كنظرية التطور الحديثة وقوانين الفيزياء الكمية وغيرها في إثبات إما عدم الحاجة للإله، إذ يكتفى بوجود القانون مثلا، أو نفي فكرة الإله أصلا، فالإلحاد يعطي الذريعة للملحد لكنه لا يقدم المبررات للإيمان بالإلحاد.(29)
وقد استغل الملحدون الظروف الاجتماعية للبلد وما يمر به من بؤس وشقاء لإلقاء اللوم على الدين الذي هو السبب في هذه التعاسة التي يمر بها بلدنا، ويقارنون الوضع القائم مع الوضع الحاصل في المجتمعات الغربية التي تنعم بالخير والرفاه ، عن أبي عبد الله (ع): ( لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا )(30)
واليوم نرى أن الإلحاد قد انتشر في أوساط المجتمع العراقي بعدما استغل الظروف التي حصلت في العراق فهو يسعى لخلخلة النظام وإفساد عقول الناس ولا سيما الشباب منهم، ولذلك عليهم أن يدافعوا عن الدين والمذهب وأن يشمروا عن سواعدهم لمحاربة هذه الأفكار والرد عليها وذلك من خلال عقد الندوات والمؤتمرات التي تعنى بشؤون الإلحاد والرد عليه واستئصاله كما هو حال هذا المؤتمر الذي تشكر عليه مؤسسة الهدى وهذا إنما ينم على حرص هذه المؤسسة على إشاعة الثقافة الإسلامية والدفاع عن الإسلام والمذهب.
لذلك علينا معالجة أسباب هذه الظاهرة واجتثاثها، وأول هذه الأمور التربية الصحيحة لأبنائنا وتعليمهم القيم العالية للإسلام وزرع الخير في نفوسهم وتحميلهم المسؤولية والمشاركة في بناء الأسرة التي هي نواة المجتمع، وأما الانشغال عن الأولاد وعدم هديهم سينعكس عليهم ويؤول بهم إلى الانحراف ومن ثم تأثره بالإلحاد.
وأيضا تحصين شبابنا مما يبث من القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الإباحية والتي لها الدور الكبير في انحراف شبابنا، وهذا بحاجة إلى جهد من قبل العاملين في مجال التعليم وعلماء الدين إضافة إلى الأسرة،لذلك على مؤسسات التربية من تعليم ومعاهد وجامعات أن تقوم بأنشطة عديدة ضد موجة الإلحاد الجديدة، وان لا يغيبوا عن المشهد الثقافي ولا بد أن يشاركوا في الوضع الاجتماعي.
وأيضا لا بد من التصدي للشبهات والعمل بكل وسيلة لإيصالها لشبابنا وان لا تكون عن طريق التأليف والكتابة فقط بل لا بد من التطبيق العملي لها في حياتنا، ولو باستغلال النشاطات الرياضية والفنية والأمور اللاصفية والتي تنمي فكر الطالب وتوجهه نحو البناء الفعال في المجتمع وان لا يشعر بفراغ روحي فتتلقفه أيادي الإلحاد، وأخيرا على المرجعية أن تقوم بوظائفها وهي تعلم بها أكثر منا، ومن جملتها:
1- نشر أحكام الإسلام على أوسع مدى ممكن بين المسلمين.
2- إيجاد تيار فكري واسع في الأمة.
3- إشباع الحاجات الفكرية الإسلامية للعمل الإسلامي.
4- القيمومة على العمل الإسلامي.
5- والمرجعية الدينية ليست مسؤولة فقط، بل هي وحدها القادرة على توجيه الأمة، وقيادتها ثم ضمان المسيرة، وتأمينها من الانحرافات المحتملة. وهذا جانب من أطروحة (خط المرجعية) الذي تبناه الشهيد الصدر.(31)
المصدر: موقع مؤسسة الهدی للدراسات الإستراتیجیة