هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

لـ «علماء الشيعة» القِدح المعلى في تطوير العلوم وبناء الحضارة

مقالة

لـ «علماء الشيعة» القِدح المعلى في تطوير العلوم وبناء الحضارة

السيد رعد المرسومي

الانتباه: الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي «الآفاق» بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
فيما يخص دور الشيعة الإمامة في الحضارة الإسلاميّة، فنورد ما ذكره المحقّق العلّامة الشيخ جعفر السبحانيّ في هذا الصدد في كتابه (بحوث في الملل والنحل)، (ج6/ص525 وما بعدها).إذْ يُبيّن أنّ الحضارة الإسلامية تستمد من الكتاب والسنّة، فكل من قدّم خدمة للقرآن لفظاً ومعنى، صورة ومادة فقد شارك في بناء الحضارة الإسلامية ومثله السنّة، فيبيّن أنّ لعلماء الشيعة الإمامية الدور الأساسي في ازدهار العلوم والفنون وكانوا في الطليعة من العلماء المشاركين في ذلك سواءٌ أكان ذلك في علم النحو أم علم الصرف أم علم اللغة والعروض أم علم التفسير أم علم الحديث والرجال أم علم الكلام أم علم الفلسفة أم علم الفقه أم علم العقليات أم غيرها من العلوم، فيبدأ بذكر الأدلّة على ذلك في عدّة نقاط، نوردها لك مع الاختصار بحسب ما يسع المقام.
  1. قدماء الشيعة وعلم النحو:
إنّ دراسة القرآن بين الاُمة ونشر مفاهيمه، يتوقّف على معرفة العلوم الّتي تعد مفتاحاً له إذ لولا تلك العلوم لكانت الدراسة ممتنعة، ونشرها في ربوع العالم غير ميسور، جدّاً. بل لولا هذه العلوم ونضجها لحرم جميع المسلمين حتّى العرب منهم من الاستفادة من القرآن الكريم. لأنّ الفتوحات فرضت على المجتمع العربي الاختلاط مع بقية القوميات وسبَّب ذلك خطراً على بقاء اللغة العربية وكان العرب عند ظهور الإسلام يعربون كلامهم على النحو الّذي في القرآن إلاّ من خالطهم من الموالي والمتعرّبين، ولكن اللحن لم يكثر إلاّ بعد الفتوح وانتشار العرب في الآفاق فشارع اللحن في قراءة القرآن فمست الحاجة الشديدة إلى ضبط قواعد اللغة(جرجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية 1 / 219  .)
فقام أبو الأسود الدؤلي بوضع قواعد نحوية بأمر الإمام أميرالمؤمنين(ع) فأبو الأسود إمّا واضع علم النحو أو مدوّنه وكان من سادات التابعين، صاحب عليّاً وشهد معه صفين. ثمّ أقام في البصرة. يقول الشيخ أبو الحسن سلامة الشامي النحوي: إنّ علياً دخل عليه أبو الأسود يوماً. قال: فرأيته مفكّراً، فقلت له: مالي أراك مفكّراً يا أمير المؤمنين(ع)؟ قال: إنّي سمعت من بعض الناس لحناً وقد هممت أن أضع كتاباً أجمع فيه كلام العرب. فقلت: إن فعلت ذلك أحييت أقواماً من الهلاك فألقى إليّ صحيفة فيها: الكلام كلّه اسم وفعل وحرف. فالاسم ما دلّ على المسمّى، والفعل ما دلّ على حركة المسمّى، والحرف ما أنبأ عن معنى وليس باسم ولا فعل وجعل يزيد على ذلك زيادات قال: واستأذنته أن اصنع في النحو ما صنع فأذِن وأتيته به فزاد فيه ونقص، وفي رواية أنّه ألقى إليه الصحيفة وقال له: انح نحو هذه فلهذا سمّي النحو نحوا (حسن الصدر: تأسيس الشيعة 51)
ومن المعلوم إن هذه القواعد لم تكن تسد الحاجة الملحّة. ولكن أبا الأسود قام بإكمالها وضبطها وبتمييز المنصوب من المرفوع والاسم من الفعل بعلامات نسمّيها الاعراب فالروايات مجمعة على أنّ أبا الأسود (وهو شيعي المذهب توفّي سنة 69) إمّا مدوّن علم النحو أو واضعه وأضحى ما دوَّنه مصدراً لهذا العلم في العصور الّلاحقة وهناك كلام لابن النديم دونك لفظه. يقول: قال محمّد بن إسحاق: زعم أكثر العلماء أنّ النحو اُخذ عن أبي الأسود الدؤلي وأنّ أبا الأسود أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع).
ثمّ نقل عن الطبري وقال: انّما سمّي النحو نحواً لأنّ أبا الأسود الدؤلي قال لعلي(ع) وقد ألقى عليه شيئاً من اُصول النحو قال أبو الأسود: واستأذنته أن أصنع نحو ما صنع، فسمّي ذلك نحواً(ابن النديم: الفهرست 66)
2-  وإذا كان أبو الأسود الدؤلي واضعاً للنحو فالخليل بن أحمد الفراهيدي هو المنقّح له والباسط له. قال أبوبكر محمّد بن الحسن الزبيدي: والخليل بن أحمد، أوحد العصر، وفريد الدهر، وجهبذ الاُمة واُستاذ أهل الفطنة الّذي لم ير نظيره ولا عرف في الدنيا عديلة، وهو الّذي بسط النحو ومدّ اطنابه وسبب علله وفتق معانيه وأوضح الحجاج فيه، حتّى بلغ أقصى حدوده وانتهى إلى ابعد غايته...
نذكر من خدم علم النحو من قدماء الشيعة فقط منهم.
1- عطاء بن أبي الأسود: قال الشيخ الطوسي في باب أصحاب الحسين بن علي: ومنهم ابن أبي الأسود الدؤلي. وقال الحافظ السيوطي في الطبقات: عطاء، استاذ الأصمعي وأبو عبيدة. (تأسيس الشيعة 65 )
2-  أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي الكوفي: قال السيوطي: هو أوّل من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو وسمّاه الفيصل وهو اُستاذ الكسائي والفرّاء(تأسيس الشيعة 67 )
قال النجاشي: روى هو وأبوه عن أبي جعفر وأبي عبداللّه ـ عليهما السلام ـ وله كتاب الوقف والابتداء، وكتاب الهمز، وكتاب اعراب القرآن. (النجاشي: الرجال 2 / 200 برقم 884 )
3-  حمران بن أعين أخو زرارة بن أعين: كان نحوياً إماماً فيه، عالماً بالحديث واللغة والقرآن.
4-  أبو عثمان المازني: بكر بن محمّد: قال النجاشي: كان سيد أهل العلم بالنحو والعربية واللغة ومقدمته بذلك مشهورة، وكان من علماء الإمامية.
5-  ابن السكيت: يعقوب بن إسحاق السكيت: كان مقدّماً عند أبي جعفر (الجواد) وأبي الحسن (الهادي): وكانا يختصّانه.

1.  قدماء الشيعة وعلم الصرف:إنّ أوّل من دوّن الصرف أبو عثمان المازني وكان قبل ذلك مندرجاً في علم النحو، كما ذكره في كشف الظنون، وشرحه أبو الفتح عثمان بن جنّي المتوفّي في 392 هـ. (كشف الظنون 1 / 249 ) مادة كافية

2. قدماء الشيعة وعلم اللغة:ونريد بعلم اللغة، الاشتغال بألفاظ اللغة من حيث اُصولها، واشتقاقها، ومعناها وهو يطلب لنفسه تأليف معاجم لغوية إمّا في موضوعات خاصّة كالخيل والشاة والوحوش والإنسان فقد اُلّف حولهما كتب تحتوي كلّ منها أسماء الحيوانات وأعضائها، ومن الإنسان أعضائه وأسماؤه. أو موضوعات عامة وأوّل من ألّف في القسم الثاني هو:
1- أبو عبد الرحمان الخليل بن أحمد البصري الفراهيدي الأزدي: سيد أهل الأدب، هو أوّل من ضبط اللغة وأوّل من استخرج علم العروض إلى الوجود. (آداب اللغة العربية 427 ـ 428 )
​​​​​​​
3. قدماء الشيعة وطرائف الشعر:لا نريد من الشعر في المقام، الألفاظ المسبوكة، والكلمات المنضَّدة على أحد الأوزان الشعرية. وانّما نريد منه ما يحتوي على المضامين العالية، في الحياة ويبث روح الجهاد في الإنسان أو الّذي يشتمل على حجاج في الدين أو تبليغ للحق. وعلى مثل هذا الشعر بنيت الحضارة الإنسانية وهو مقياس ثقافة الاُمّة ورقيّها وله خلود عبر القرون لا تطمسه الدهور والأيّام .
وإليك أسماء قليل من شعراء الشيعة.
1- قيس بن سعد بن عبادة:
وهو سيد الخزرج، الصحابي الجليل، كان زعيماً مطاعاً، كريماً ممدوحاً، وكان من شيعة علي(ع) .
2-  الكميت (60 ـ 126)
وهو الكميت بن زيد شاعر مقدم، عالم بلغات العرب، خبير بأيّامها من شعراء مضر. وكان معروفاً بالتشيّع لبني هاشم مشهوراً بذلك وقد حظى بتقدير الأئمة لا صحاره بالحق، ولجهاده في سبيله، وهاشمياته المقدّرة بـ 578 بيتاً أخلد ذكراه في التاريخ وهي مشتملة على ميمية وبائية ورائية وغيرها.
3-  السيد الحميري(ت 173)
أبو هاشم إسماعيل بن محمّد الملقّب بالسيد، الشاعر المعروف، ومن المكثرين المجيدين، ومن الثلاثة الذين عدّوا أكثر الناس شعراً في الجاهلية والإسلام وهم السيّد و بشار و أبو العتاهية.
4- دعبل الخزاعي ( ت 246)
أبو علي دعبل بن علي الخزاعي وهو من بيت علم وفضل وأدب.
5-  قدماء الشيعة وعلم التفسير:
إنّ مدرسة الشيعة منذ أن ارتحل النبيّ الأكر(ص) إلى يومنا هذا، أنتجت تفاسيراً على أصعدة مختلفة، وخدمت الذكر الحكيم بصور شتّى، فأتى بوجه موجز، لما اُلّف في القرون الإسلامية الاُولى .
ولقد ألّف أصحابنا في بداية التدوين كتباً في ذلك المضمار، نذكر قليلًا من كثير .
  1.  غريب القرآن: لأبان بن تغلب بن رباح البكري(ت 141)
  2.  غريب القرآن: لمحمّد بن السائب الكلبي من أصحاب الامام الصادق ـ عليه السلام.
  3.  غريب القرآن: لأبي روق، عطية بن الحارث الهمداني الكوفي التابعي، قال ابن عقدة: كان ممّن يقول بولاية أهل البيت.
6-  قدماء الشيعة وعلم الحديث:
وممّا يدلُّ على اهتمام الشيعة بعلم الحديث وتدوينه ما تراه في سيرة أمير المؤمنين(ع) في هذا الصدد، إذْ قام الامام أمير المؤمنين علي(ع) بتأليف عدة كتب في زمان النبي، فقد أملى رسول اللّه(ص) كثيراً من الأحكام عليه وكتبها الامام واشتهر بكتاب علي وقد روى عنه البخاري في صحيحه في باب كتابة الحديث. وباب أثم من تبرّأ من مواليه. وقد تبعه ثلّة من الصحابة الذين كانوا شيعة الامام وإليك أسماء من اهتمّ بتدوين الآثار وما له صلة بالدين وإن لم يكن حديث الرسول(ص).
1-  قام أبو رافع صحابي الرسول(ص) بتدوين كتاب السنن والأحكام والقضايا.
2- قام الصحابي الكبير سلمان الفارسي المتوفى سنة 34 بتأليف كتاب حديث الجاثليق الرومي الّذي بعثه ملك الروم بعد وفاة الرسول(ص) قال الشيخ الطوسي: روى سلمان حديث الجاثليق الّذي بعثه ملك الروم بعد النبي(ص)الطوسي: الفهرست 8) .
3- وألّف الصحابي الورع أبو ذر الغفاري المتوفّى سنة 32 كتاب الخطبة يشرح فيها الاُمور بعد رسول اللّه(ص) الطوسي: الفهرست 54.
هذا ما يرجع إلى الصحابة من الشيعة وأمّا الشيعة من غير الصحابة أعني التابعين وتابعي التابعين منهم، فقد قام لفيف منهم بتدوين السنّة إلى عصر الغيبة الكبرى، قد تكفّل بذكرهم وتأليفهم معاجم الرجال قديماً وحديثاً وإليك عرضاً موجزاً من محدّثي الشيعة وموّلّفيهم في القرن الأوّل وبداية الثاني. وهناك عدة من الشيعة لهم الدور البارز في هذا الصدد منهم...
المصدر: الأئمة الإثنا عشر

برچسب ها :
ارسال دیدگاه