الصراع بين الصهيونية الدينية والعلمانية في إسرائيل / علي المدن
نشأة الصهيونية وتعدد تياراتها: الصهيونية حركة علمانية في الأساس، تأسست في أواخر القرن التاسع عشر على يد مفكرين يهود علمانيين كرد فعل على الاضطهاد القومي الذي تعرض له اليهود في أوروبا.
وبينما كانت الصهيونية تستهدف إقامة وطن قومي لليهود، كان هناك صراع داخلي بين العلمانيين والمتدينين اليهود حول هوية هذا المشروع. المتدينون اليهود رفضوا في البداية دعم المشروع الصهيوني باعتبار أن تأسيس دولة يهودية يجب أن يتم بواسطة “المسيح المنتظر” وليس عبر حركات سياسية علمانية.
اليهود في أوروبا والمرحلتان الرئيسيتان من العداء:
مر اليهود في أوروبا بمرحلتين من العداء عبر التاريخ. المرحلة الأولى هي مرحلة العداء في القرون الوسطى، يوم كانت أوروبا مسيحية، فكان استهداف اليهود مؤسسا على خلفيات دينية. ومع ذلك، فإنهذا العداء والإضطهاد كان من الممكن لليهودي حله والتخلص منه من خلال تغيير دينه واعتناق المسيحية.
أما المرحلة الثانية، فتقع في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهي الفترة التي شهدت انحسار المسيحية وتراجعها وصعود التيارات القومية. وهذا المرحلة تعد أصعب وأعقد من المرحلة الأولى؛ لأن استهداف اليهود فيها مؤسس على عداء قومي عرقي، مما جعل إمكانية حل هذا الاستهداف بالنسبة لليهودي مستحيلا؛ فأصبح اليهودي يُولد وتولد معه مشكلته، ولا يمكنه الهروب منها أو معالجتها إذ لا سبيل للمرء أن يغير قوميته وعرقه كما كان في الاستهداف الديني ومعالجته بتغيير الديانة والانخراط في المجتمع الأوروبي.
الخيارات الأربعة لليهود في القرن التاسع عشر:
في القرن التاسع عشر، فكر اليهود في أوروبا في أربعة خيارات رئيسية للتعامل مع وضعهم المتأزم:
1. الاندماج في مجتمعاتهم الأوروبية.
2. الصبر والانتظار حتى تمر العاصفة القومية.
3. الانضمام إلى الحركات التقدمية لتغيير النظام القائم.
4. الهجرة من أوروبا إلى أرض جديدة لتأسيس دولة قومية خاصة بهم.
وبعد أن جربوا الخيارات الثلاثة الأولى دون نجاح واضح، اتجه بعض المفكرين اليهود إلى التفكير في الخيار الرابع، وهو الهجرة وإنشاء وطن قومي لهم. وكان هؤلاء المفكرون علمانيين، وهم الذين طرحوا “أرض فلسطين” كواحدة من الخيارات الممكنة لإقامة دولة يهودية.
برچسب ها :
ارسال دیدگاه