هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

دراسة موجزة في آية النفر

مقالة/ الجزء الثالث والأخیر

دراسة موجزة في آية النفر

الشيخ جعفر عبدالنّبي الجبوري


*الجانب الرَّابع: اللجانب الأخلاقي في الآية ‏
يمكن أن ننظر إلى الآية المباركة من زاوية أخلاقيَّة، وهي بالتَّحديد في دور المبلِّغ الأمور الَّتي ينبغي ‏له مراعاتها، ونشير إليها إجمالاً فيما يلي:‏
*أوَّلاً: إخلاص النِّيَّة‏
ينبغي للمبلِّغ في الدَّرجة الأولى أن يخلص عملَه لله تعالى، وينوي أنَّه إنَّما يقوم بتبليغ الدِّين لإحرازِ ‏رضا الله تعالى لا لأمر آخر، فإذا كان كذلك، فسوف تكون كلمته نافذة؛ لأنَّ‌ الموعظة إذا خرجت من ‏القلب دخلت في القلب، وإذا خرجت من اللِّسان لم تتجاوز الآذان. فعن رسول الله‏(ص)‏: مَا ‏أَخْلَصَ عَبْدٌ لِلَّهِ(ع)‏ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً إِلَّا جَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ ، وعن أمير ‏المؤمنين(ع)‏: من أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله ما بينه وبين النَّاس.‏
*ثانياً: ألَّا يخشى أحداً إلَّا اللّه تعالى ‏
وإذا اعتقد المُبلِّغ أنّ‌َ عملَه لله، وأنَّ‌ الله هو الَّذي يراقبه ويحفظه من كيد الأعداء، فينبغي ألَّا يخاف أحداً ‏إلَّا الله تعالى، قال الله تعالى: {الَّذِينَ‌ يُبَلِّغُونَ‌ رِسالاتِ‌ اللّهِ‌ ويَخْشَوْنَهُ‌ ولا يَخْشَوْنَ‌ أَحَداً إِلّا ‏اللّهَ}(الأحزاب:٣٩). ‏
وقال تعالى: {بَلِّغْ‌ ما أُنْزِلَ‌ إِلَيْكَ‌ مِنْ‌ رَبِّكَ‌ وإِنْ‌ لَمْ‌ تَفْعَلْ‌ فَما بَلَّغْتَ‌ رِسالَتَهُ‌ واللّهُ‌ يَعْصِمُكَ‌ مِنَ‌ ‏النّاسِ‌}(المائدة:٦٧).‏
*ثالثاً: العمل بما يقول ‏
ينبغي للمُبلِّغ أن يعمل بما يقوله للنَّاس، فلا ينصح النَّاس إلَّا بما يعمل به قبل النَّاس، فإذا نهاهم عن ‏الغِيبة ينبغي أن يكون مجتنِباً عنها قبل النَّاس، وإذا أمرهم بالإنفاق في سبيل الله ينبغي أن يكون هو ‏منفِقاً في سبيل الله بحسب حاله ومقدرته قبلهم، وإذا دعاهم إلى حسن الأخلاق والمعاشرة ينبغي أن ‏يكون عاملاً بذلك قبلهم، قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا لِمَ‌ تَقُولُونَ‌ ما لا تَفْعَلُونَ‌ - كَبُرَ ‏مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ‌ أَنْ‌ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ}(الصَّف: ٢-٣).‏
وورد عنهم‏: كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِالخَيْرِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ.‏
وهذا عامل مهمٌّ‌ في تأثير قول الإنسان ونصائحه، وقد حكى لنا التَّاريخ عمَّن كان كذلك وكانت ‏موعظته نافذة، منهم الشَّيخ جعفر الشُّوشتريّ الَّذي كان معاصراً للشَّيخ الأنصاريّ(ره) حيثُ كان لا ‏يعظ النَّاس إلَّا بما كان عامِلا به، ولذلك كانت مواعظه مؤثِّرة جدّاً.‏
*رابعاً: الدَّعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ‏
ينبغي للمُبلِّغ أن يكون داعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا يشتم النَّاس في مواعظه، ‏ولا يسبُّهم، ولا يغلظ القول معهم؛ لأنَّ‌ ذلك يُنفِّرهم من الدِّين، بل ينبغي أن يراعي معهم الأخلاق ‏الحسنة، والبشر، وحسن اللِّقاء، ونحو ذلك ممَّا يجلبُ القلوبَ إلى الدِّين ويحبِّبها إليه، قال تعالى ‏مادحاً نبيَّه(ص)‏: {فَبِما رَحْمَةٍ‌ مِنَ‌ اللّهِ‌ لِنْتَ‌ لَهُمْ‌ ولَوْ كُنْتَ‌ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ‌ لانْفَضُّوا مِنْ‌ حَوْلِكَ}(آل ‏عمران: ١٥٩)، وقال تعالى أيضاً: {وَإِنَّكَ‌ لَعَلى‌ خُلُقٍ‌ عَظِيمٍ}(القلم:٤).‏
وقد استطاع(ص)‏ بخلقه العظيم أن يجمع الجفاة من العرب، ويهديهم إلى الإسلام.‏
*خامساً: التَّبشير والإنذار ‏
ينبغي للمُبلِّغ أن يتَّخذ الأسلوب القرآنيّ في التَّبليغ، وهو التَّبشير والإنذار، قال الله تعالى: {إِنّا ‏أَرْسَلْناكَ‌ شاهِداً ومُبَشِّراً ونَذِيراً}(الأحزاب: ٤٥)، وقال الله تعالى: {وَما نُرْسِلُ‌ المُرْسَلِينَ‌ إِلّا ‏مُبَشِّرِينَ‌ ومُنْذِرِينَ‌}(الأنعام: ٤٨).‏
وأغلب الآيات الواردة في التَّبشير والإنذار قدَّمت التَّبشير إلَّا في بعض الموارد القليلة، وهذا يعطي أنَّ ‏المبلِّغ ينبغي أن يستخدم أسلوب التَّبشير قبل الإنذار.‏
و بناء على ذلك فينبغي ألَّا يقتصر على الإنذار والتَّخويف لئلَّا يقنط النَّاس من رحمة الله تعالى، ولا ‏يقتصر على التَّبشير كي يجترئ النَّاس على المعاصي، بل يجب أن يستخدم كلا الأسلوبَين؛ ليوجد ‏التَّعادل بين حالتي الخوف والرَّجاء في النَّاس، وقد ورد عن أبي عبد الله(ع)‏ أنَّه قال: لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ ‏مُؤْمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلْبِهِ نُورَانِ' نُورُ خِيفَةٍ وَنُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ ‏عَلَى هَذَا.‏
وهنا في البعد الأخلاقيّ في الآية المباركة ممكن أن نذكر مجموعة من الآداب الَّتي ذكرها الشَّهيد ‏الثَّانيN‏ في كتابه منية المريد:‏
آداب طالب العِلم في نفسه ودرسه:‏
‏١. إخلاص النِّيِّة لله تعالى في طلب العِلم وبذله.‏
‏٢. الابتعاد عن مكايد الشَّيطان.‏
‏٣. إنَّ الغرض من طلب العلم هو العمل.‏
‏٤. الغرور في طلب العِلم والمغترِّين من أهل العلم.‏
‏٥. التَّوكُّل على الله تعالى والاعتماد عليه.‏
‏٦. حسنُ الخلق والتَّواضع وتمام الرِّفق وبذل الوسع.‏
‏٧. عفَّة النَّفس والانقباض عن الملوك وأهل الدُّنيا.‏
‏٨. القيام بشعائر الإسلام والتَّخلُّق بالخصال الحميدة.‏
‏٩. الاجتهاد في الاشتغال قراءة ومطالعة وغيرهما.‏
‏١٠. عدم المراء، وعدم السُّؤال تعنتاً وتعجيزاً.‏
‏١١. عدم الاستنكاف من التعلُّم ممَّن هو دونه.‏
‏١٢. الانقياد إلى الحقِّ بالرُّجوع عند الهفوة.‏
‏١٣. تأمُّل ما يريد أن يورده أو يسأل عنه قبل إبرازه.‏
*الجانب الخامس: الجانب الاجتماعيّ من الآية
ممكن أن ننظر إلى الجانب الاجتماعيّ من هذه الآية المباركة في خصوص تعاطي طالب العِلم مع ‏المجتمع، وبيان بعض الصِّفات الاجتماعيَّة المهمَّة الَّتي ينبغي للمُبلِّغ مراعاتها:‏
‏١. فهم النَّاس وتفهُّم طبيعتهم.‏
‏٢. التَّواضع وقضاء حوائج النَّاس.‏
‏٣. التَّغافل والمداراة.‏
‏٤. حفظ أسرار النَّاس.‏
‏٥. التَّعاطي مع النَّاس بحذر ودقَّة.‏
‏٦. محبَّة النَّاس واحترامهم.‏
‏٧. رعاية أدب الاختلاف.‏
‏٨. الدِّقَّة والحذر في التَّعامل مع الجنس الآخر.‏
‏٩. البشاشة مع النَّاس.‏
‏١٠. حلّ مشاكل النَّاس.‏
‏١١. عدم توقُّع طاعة جميع النَّاس، بل المرجوّ من التَّبليغ هو التَّذكير وإيصال الرِّسالة الدِّينيَّة.‏
المبحث الثَّالث: تطبيقات الآية على بعض المصاديق
الفرع الأوَّل: التَّعاليم والتَّوجيهات من الآية المباركة:‏
ذكر المفسِّر المعاصر الشَّيخ محسن قراءتي في تفسيره (تفسير النُّور) بعض التَّعاليم والتَّوجيهات الَّتي ‏يمكن استخراجها من الآية المباركة نذكر بعضاً منها:‏
‏١. لا بدَّ للإنسان من أن يكون ذا نظرة شموليَّة عند التَّخطيط والإدارة، حتَّى لا يؤدِّي التَّركيز على ‏مسألة واحدة إلى الإخلال بباقي المسائل، {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}.‏
‏٢. الهجرة والإيمان متلازمان، فإمَّا أن تكون هجرتكم للدِّفاع عن الدِّين أو التَّفقُّه في تعاليمه وأصوله، ‏‏{فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌}.‏
‏٣. هجرتان ضروريَّتان لطلبة العلوم الدِّينيَّة، الأولى الهجرة إلى الحوزات العلميَّة، والثَّانية من الحوزات ‏إلى المدن والقرى، {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌ مِنْهُمْ‌ طائِفَةٌ‌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا ‏رَجَعُوا}.‏
‏٤. على العلماء أن يذهبوا إلى النَّاس، لا أن ينتظروا قدومهم، {رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}.‏
‏٥. محور الدَّعوة يجب أن يدور حول خلق التَّقوى وذكر المعاد، {لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ ‏يَحْذَرُونَ}.‏
‏٦. الهدف من التَّفقُّه هو تحذير النَّاس، وتوعيتهم، وإنقاذهم من الغفلة، {وَلِيُنْذِرُوا}‌([33]).‏
الفرع الثَّاني: إشکال ودفعُه
استدلَّ جماعةٌ من علماء الإسلام بهذه الآية على مسألة جواز التَّقليد، لأنَّ التَّقليد إنَّما هو تعلُّم العلوم ‏الإسلاميَّة وإيصالها إلى لآخرين في مسائل فروع الدِّين، ووجوب اتِّباع المتعلِمين لمعلِمين.‏
الإشكال:‏
الإشكال الوحيد الَّذي يثار هنا، هو أنَّ الاجتهاد والتَّقليد لم يكن موجوداً في ذلك اليوم، والأشخاص ‏الَّذين كانوا يتعلَّمون المسائل ويوصلونها للآخرين حكمهم كحكم البريد والإرسال في يومنا هذا، لا ‏حكم المجتهدين؛ أي أنَّهم كانوا يأخذون المسألة من النَّبيّ(ص)‏ ويبلِّغونها للآخرين كما هي من دون إبداء ‏أي رأي أو وجهة نظر.‏
الجواب:‏
مع الأخذ بنظر الاعتبار المفهوم الواسع للاجتهاد والتَّقليد يتَّضح الجواب عن هذا الإشكال.‏
وتوضيح ذلك: إنَّ ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ عِلمَ الفقه على سعته الَّتي نراها اليوم لم يكن له وجود ذلك ‏اليوم، وكان من السَّهل على المسلمين أن يتعلَّموا المسائل من النَّبيّ(ص)، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ علماء ‏الإسلام كان عملهم هو بيان المسائل فقط؛ لأنَّ الكثير من هؤلاء كانوا يذهبون إلى الأماكن المختلِفة ‏كقضاة وأمراء، ومن البديهيّ أن يواجهوا من المسائل ما لم يسمعوا حكمها بالذَّات من النَّبيّ(ص)، إلَّا أنَّها ‏كانت موجودة في عمومات وإطلاقات آيات القرآن المجيد، فكان هؤلاء قطعاً يقومون بتطبيق ‏الكلِّيَّات على الجزئيَّات -وفي الاصطلاح العلميّ: ردّ الفروع إلى الأصول وردّ الأصول على الفروع- ‏لمعرفة حكم هذه المسائل، وكان هذا بحدِّ ذاته نوعاً من الاجتهاد البسيط.‏
إنَّ هذا العمل وأمثاله كان موجوداً في زمن النَّبيّ(ص)‏ حتماً، فعلى هذا فإنَّ الجذور الأصليَّة للاجتهاد ‏كانت موجودة بين أصحاب النَّبيّ(ص)، ولو أنَّ الصَّحابة لم يكونوا جميعاً بهذه الدَّرجة.‏
ولما كان لهذه الآية مفهوماً عامّاً، فإنَّها تشمل قبول أقوال موضِّحي وناقلي ‏الأحكام، كما تشمل قبول ‏قول المجتهدين، وعلى هذا، فيمكن الاستدلال بعموم الآية على جواز التَّقليد.‏
*الخاتمة
بعد هذا البحث والعرض نستطيع أن نقول إنَّ من شأن الآيات القرآنيَّة أنَّها ذات معانٍ متعدِّدة؛ كالمعنى ‏الظَّاهريّ، والمعنى المرتبط بسبب النُّزول، والمعنى الباطنيّ الَّذي لا يمكن أن يخبر به غير ‏المعصومينi، وهذا ما قد ذُكر على نحو الإجمال في هذا البحث في هذه الآية المباركة. وفي ختام هذا ‏البحث لا بأس بالإشارة إلى أنَّ هناك عدداً من الآيات القرآنيَّة الأخرى الَّتي تدلُّ على طلب العلم: ‏
منها قول الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ ‏اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}(الطَّلاق: 12).‏
وكفى بهذا الآية دليل على شرف العلم، لا سيَّما علم التَّوحيد الَّذي هو أساس كلِّ علم، ومدار كلِّ ‏معرفة، وجعل سبحانه العِلم أعلى شرف، وأوَّل منَّة امتنَّ بها على ابن آدم بعد خلقه وإبرازه من ظلمة ‏العدم إلى ضياء الوجود فقال سبحانه: في أوَّل سورة أنزلها على نبيِّه محمَّد(ص)‏: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي ‏خَلَقَ - خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ - عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ ‏يَعْلَمْ}(العلق:١-٥).‏
فتأمَّل كيف افتتح كتابه الكريم المجيد بنعمة الإيجاد، ثمَّ أرفدها بنعمة العلم، فلو كان ثمَّت منَّة أو نعمة ‏بعد نعمة الإيجاد هي أعلى من العلم لما خصَّه الله تعالى بذلك، وكان ذلك أوَّل ما نزل من القرآن ‏الكريم.‏
وجعل اللهُ سبحانه ترتُّب قبول الحقِّ والأخذ به مبنيّاً على التَّذكر، والتَّذكر على الخشية، وخصَّ الخشية ‏في العلماء، فقال: {سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى}(الأعلى: ١٠). وقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ‏العُلَمَاءُ}(فاطر: ٢٨).‏
وسمَّى الله سبحانه العِلم بالحكمة، وعظَّم أمر الحكمة فقال: {وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا ‏كَثِيرًا}(البقرة: ٢٦٩)، وحاصل ما فسَّروه في الحكمة مواعظ القرآن والعلم والفهم.‏
وقرن سبحانه أولي العِلم بنفسه وملائكته، فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو ‏العِلْمِ}(آل عمران: 18).‏
وزاد في إكرامهم على ذلك مع الاقتران المذكور، بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ‏وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ}(سورة آل عمران: 7).‏
وبقوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ}‌(الرَّعد: ٤٣).‏
وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ}(المجادلة: 11).‏
وقال تعالى مخاطباً لنبيَّه آمراً له مع ما آتاه من العلم والحكمة: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}‌(طه: ١١٤).‏
وقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ}(العنكبوت: ٤٩).‏
وقال تعالى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ}(العنكبوت: ٤٣).‏
وقد خصَّ الله سبحانه في كتابه العلماء بأربع مناقب:‏
الأولى: الإيمان: {وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}(آل عمران: 7).‏
الثَّانية: التَّوحيد: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ}(آل عمران: 18).‏
الثَّالثة: البكاء والحزن والخشوع: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ..} إلى قوله: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ ‏يَبْكُونَ}(الإسراء: ١٠٧-١٠٩).‏
الرابعة: الخشية: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}(فاطر: 28).‏
فهذه نبذة من فضائل العلم الَّتي نبَّه الله عليها في كتابه الكريم، فحريّ بطالب العِلم أن يجعل هذه ‏الآيات نصب عينه ويبحث عنها في التَّفاسير ويستخرج منها المواضيع الَّتي تنير طريقه في طلب العلم.‏
وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على محمَّد وآلِه الطَّاهرين.‏
انتهت
المصدر: مجلة بقیة الله، العدد 75-76

برچسب ها :

ارسال دیدگاه