مَا أَشْبَهَ الشِّعْرَ تَعْرُونِي مَوَاعِدُهُ
بِغَزَّةٍ في ثُقُوبِ الْمَوْتِ تُكْتَنَفُ
يَمْتَدُّ مِيعَادُهَا الْحَرَّانُ...لاَ دَمُهَا
يَعْنُو... وَلاَ جَسَدٌ بِالنَّارِ يُرْتَشَفُ
نَعَمْ دُخَانٌ وَلَكِنْ دُونَهُ مُدُنٌ
سُمْرٌ وَسَيْفٌ بِهِ لَمْ يَنْحَنِ الشَّرَفُ
هَذِي الْجِرَاحُ فَهَلْ تَخْبُو مَشَاهِدُهَا
يَوْمًا فَتشْرِقُ مِنْ حِنَّائِهَا الصُّدَفُ
وَهَذِهِ ذِكْرَيَاتُ الْجَمْرِ عَائِدَةٌ
بِهَا...بِنَا...بِشَتَاتِ الْجُرْحِ تَأْتَلِفُ!
يَا وَجْهَ غَزَّةَ مِنْ عَينَيَّ مَطْلَعهُ
قُلْ لِي لِأَيِّ سِمَاكَ الْخُضْرِ أَنْصَرِفُ
إِنِّي أُسَائِلُهَا أَرْضًا مَلاَمِحُهَا
أُخْرَى... فَلاَ أَجِدُ الْمِيعَادَ يَنْكَشِفُ
كَانَتْ طُيُورٌ بِلاَ رِيشٍ تَحُفُّ بِهِ
كَانَتْ طُيُورٌ كَمَا لَمْ يَبْدُ مُرْتَجِفُ
تَمْشِي عَلَى الْجُرْحِ مَمْشَاهَا وَتَعبُرُهُ
جُرْحًا فَجُرْحًا إِلَى الْمَأْسَاةِ لاَ تَقِفُ
فَلاَ تَسَلْهَا أَفي ''الْمَسْرَى'' لَهَا حَجَرٌ
بَاقٍ يُذَكِّرُ دُنْيَانَا بِمَنْ سَلَفوا
نَعَمْ... لَهَا حَجَرٌ يَأْبَى تَهَوُّدَهَا
حُرًّا يُجَلْجِلُ....فيِ وَجْهِ الدُّنَى يَقِفُ
لَهَا هُنَاكَ صَدًى مِنْ كُلِّ ذِي وَهَجٍ
مُقَدَّسٍ...بِلِحَافِ الْمَوْتِ يَلْتَحِفُ
لَيْلٌ طَوِيلٌ فَيَا أُمِّي ادْخُلِي كَبِدِي
فَالْغَادِرُونَ عَلَى مَرْأًى وَمَا أَسِفُوا
يَا وَجْهَ غَزَّةَ لَمْ تَذْبلْ سَنَابِلُهُ
رَغْمَ الْحِصَارِ وَلَمْ يَغتَلْهُ مُنْكَسِفُ
لَكَ الْمَعَابِرُ مِنْ رُوحِي وَمِنْ جَسَدِي
إِلَى الْعُلاَ...ثَمَّ لُقْيَانَا بِمَنْ شَرُفُوا
بِالْغَاضِبينَ إِذَا مَا أُوغِرُوا ضَرَبُوا
بِالْعَازِمِينَ فَلاَ يَثنِيهِمُ الصَّلَفُ
بِالذَّاهِبِينَ إِلَى الْأُخْرَى بِأَلوِيَةٍ
خُضْرٍ فَلاَ مَأْرَبٌ يُرْجَى وَلاَ تَرَفُ
بَابَ الْجِنَانِ يَدُقُّونَ الضُّحَى لَهُمُ
دَرْبٌ إِلَيْهَا وَمِيعَادٌ وَمُنْصَرَفُ
هُبِّي هُنَالِكَ هبِّي يَا رِيَاحَ دَمِي
وَامْضِي بِغَزَّةَ حَيْثُ اضْطَرَّكِ الشَّرَفُ!!
يَا وِجْهَةَ الْقَمْحِ لَوْ أَحْلاَمُنَا كَبِرَتْ
يَا قِبْلَةَ الْمَاءِ لَوْ لَمْ تَأْتِهَا الْجِيَفُ
مَاذَا حَوَاليْكِ مِنْ نَارٍ وَمِنْ غَضَبٍ
كَأَنَّمَا الْيَوْمَ تُطْوَى الْأَرْضُ وَالصُّحُفُ
ظَمْآنُ لَيْلُكِ لاَ نُورٌ يَعُودُ بِهِ
إِلَى الْأَمَانِ وَلاَ التَّجْوِيعُ ينْكَشِفُ
شُقِّي دُرُوبَكِ لِلْحُسْنَى مُجَاهِدَةً
لاَ يَسْتَوِي مُنْكِرُ الْحُسْنَى وَمُعْتَرِفُ
يَا أُمِّ لَمْ تَعُدِ الدُّنيَا كَمَا عُهِدَتْ
رَاحَ النَّصيرُ وَجَفَّ الْحِضْنُ وَالْكَنَفُ
إِنَّا شَبِيهَانِ فيِ مَوْتٍ يُهَنْدِسُهُ
اَلْقَاذِفُونَ وَمَنْ فيِ عِرْضِهِمْ قُذِفُوا
أَيْنَ الْمَفَرُّ مِنَ الْحُكَّامِ هوَّدَهُمْ
طَبْعٌ هَجِينٌ بِهِمْ كَالْعَهْدِ يَنْحَرِفُ
حَفُّوا الشَّوَارِبَ وَاعْتَاضُوا بَدَائِلَهَا
مِنَ الْهَوَانِ وَمَا أَجْدَاهُمُ التَّلَفُ
ل '' تَلْ أَبِيبَ '' مَجَانِي الْإِثْمِ تَطْلُبُهُمْ
كُلٌّ وَمَا اخْتَلَفُوا عَارٍ وَمُلْتَحِفُ
يُسَابِقُونَ إِلَيْهَا الرِّيحَ مَا هَمَسَتْ
فَليَذْهَبُوا للِرَّدَى عُرْيًا بِمَا اقْتَرَفُوا
يَبْقَى الشَّهِيدُ/النَّشِيدُ الْأَرْضُ تُرْجِعُهُ
صَدًى قَرِيبًا ... فَيَا أُمِّي لِمَ الْأَسَفُ؟!!
فَإِنَّمَا الْأُمَمُ الأَحْجَارُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَحْجَارُهُمْ تَلَفُوا