مقالة
الأسس والمصادر الاجتهادية المشتركة - الجزء الثاني
وهبة الزحيلي
الانتباه: الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي «الآفاق» بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
3 ـ القياس:
القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع عند أهل السنة، ومعناه عندهم: إلحاق أمر غير منصوص على حكمه، أي أن وجود التشابه أو التماثل في معنى الحكم أو علته بين الأصول والفرع هو سبب القول بمشروعية القياس؛ لأن العقلاء يقررون للأشياء المتماثلة في المعنى حكما واحداً، والمنطق والعدالة يقضيان بذلك، فلا يعقل القول بتحريم الخمر (الشراب المتخذ من عصير العنب) بسبب الإسكار، وعدم تحريم النبيذ (أي شراب مسكر متخذ من غير العنب كالفواكه الأخرى والحبوب).
والقياس مظهر للحكم لا مثبت ولا منشئ له، والعلة أساس الحكم، وعمل المجتهد هو إظهار الحكم في الفرع بسبب اتحاد علة الحكم في المقيس والمقيس عليه وطريق
الإظهار أو الكشف أنّه إذا ورد نص في الكتاب أو السنة على حكم واقعة، وعرف المجتهد علة الحكم، ثم لاحظ وجود العلة نفسها في واقعة أخرى، فإنه يغلب على الظن الاشتراك في الحكم بين الواقعتين، فيلحق ما لم ينص عليه بما ورد فيه نص، ويسمى هذا الإلحاق القياس، والقياس قطعياً كان أو ظنيا وإن كان متفقاً عليه في المذاهب الأربعة من حيث المبدأ إلاّ أن المجتهدين قد يختلفون في ثمرته ونتيجته، وقد يقيس بعضهم،ولا يقيس بعض آخر، لوجود ما نع من القياس. مثل قياس الوصية على الإرث في حالة القتل، فيمنع الموصى له القاتل من الوصية عند الجمهور، كما يمنع الوارث القاتل من الإرث بالحديث النبوي: «ليس للقاتل من الميراث شيء» والعلة هي استعجال الشيء قبل أوانه، فيعاقب بحرمانه، وهذه العلة متحققة في تقل الموصى له الموصي. ولم يقس الشافعية الوصية على الإرث في جعل القتل مانعاً منها كجعل التقل مانعاً من الإرث، فأجازوا في الأظهر الوصية للقاتل، لأنها تمليك بعقد فأشبهت الهبة، وخالفت الإرث. وصروتها: أن يوصي لجاره ثم يموت، أو لإنسان فيقتله، فالقتل لا يمنع الوصية.
وتعريف القياس عند الإمامية هو: «إثبات حكم في محل بعلة لثبوته في محل آخر بنفس العلة» أو هو «مساواة فرع لأصله في علة حكمه الشرعي».
وتعريفه عند الزيدية كما جاء في كتاب معيار العقول هو: «حمل الشيء على الشيء لضرب من الشبه».
وهذا التقارب في التعارف لا يعني الاتفاق على حجية القياس «فأهل السنة يعتبرونه مصدرا رابعاً بعد المصادر الثلاثة الأولى وهي: الكتاب والسنة والإجماع. أماالشيعة الإمامية فلا يعتبرونه مصدراً رئيساً، وإنّما هو قرينة كسائر القرائن، وليس هو حجة إلاّ في صورتين فقط».
الأولى: أن يكون القياس بنفسه موجباً للعلم بالحكم الشرعي.
الثانية: أن يقوم دليل قاطع على حجيته إذا لم يكن بنفسه موجبا للعلم.
أي أن القياس القطعي هو الحجة دون القياس الظني، فما كان مسلكه قطعياً أخذ به، وما كان غير قطعي لا دليل على حجيته قال الشيخ محمّد تقي الحكيم: «والشيء الذي لا اشك فيه هو أن المنع عن العمل بقسم من أقسام القياس يعد من ضروريات مذاهب الإمامية، لتواتر أخبار أهل النبي في الردع عن العمل به، لا أن العقل هو الذي يمنح التعبد له ويحيله».
وقد ذكر الكليني الآثار المختلفة عن الإمام جعفر الصادق(ع) في رد الأمر إلى الكتاب والسنة في جميع ما يحتاج إليه الناس.
وذكروا قصة إنكار القياس عن الإمام الصادق في لقائه بأبي حنيفة، لان أول من قاس إبليس.
وردد هذه الكلمة أيضاً داود الأصفهاني، فالإمامية كالظاهرية والشوكاني وهم نفاة القياس يقولون: إنّ القياس الظني جائز عقلاً، ولكن لم يرد في الشرع ما يدل على وجوب العمل بالقياس.
ورد الشهرستاني على عبارة داود وغيره: «إنّ أول من قاس إبليس» بقوله: «لقد ظن أن القياس أمر خارج عن مضمون الكتاب والسنة، ولم يدر أنّه طلب حكم الشرع
من مناهج الشرع، ولم تنضبط قط شريعة من الشرائع إلاّ باقتران الاجتهاد بها، لأن من ضرورة الانتشار في العالم الحكم بأن الاجتهاد معتبر، وقد رأينا الصحابة(رض) كيف اجتهدوا، وكم قاسوا خصوصاً في مسائل المواريث من توريث الإخوة مع الجد، وكيفية توريث الكلالة (من لا والد له ولا ولد) وذلك مما لا يخفى على المتدبر لأحوالهم». والواقع أن امتناع إبليس عن السجود لآدم مبني على ما تخيله من علة للحكم، وهو ليس بعلة، فإن تخيل أن الأمر بالسجود يقتضي أن يبتني على أساس التفاضل العنصري، وهو يعتقد بأنه أفضل في عصنره من آدم لكونه مخلوقاً من نار، وآدم مخلوق من طين.
ويظل الفرق بين أهل السنة والشيعة قائماً بالنسبة للقياس المظنون الذي يعتمد في استنباط علته على مسالك ظنية كالمناسبة والسبر والتقسيم، واطراد العلة، وسلامة العلة عن النقيض، ولك ذلك لا دليل في تقدير الإمامية على حجيته، لأنه مجرد ظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً.
والذي يبدو لي أن منزلة العقل من الأدلة عند الشيعة كمنزلة القياس منها عند أهل السنة، ولكن المقصود من الدليل العقلي عند الشيعة بمذهبيها الإمامي والزيدي غير واضح تماماً وبعضهم فسر دليل العقل بالبراءة أو بالاستصحاب أو بدليل الخطاب أي مفهوم المخالفة وحسم العلامة المظفر في كتابه «أصول الفقه» الخلاف في دليل العقل حينما قال: وكيفما كان، فالذي يصلح أن يكون مراداً من الدليل العقلي المقابل للكتاب والسنة هو: «كلّ حكم للعقل يوجب القطع بالحكم الشرعي».
لكن الفرق بين السنة والشيعة أن حكم العقل دليل مستقل عن الكتاب والسنة ومصدر ثالث عند الإمامية وأول عند الزيدية، وليس دليلا مستقلا عند فقهاء السنة.
ومرد الخلاف في حجية القياس بنحو واضح هو مسألة تعليل النصوص، فنفاة القياس يلتزمون التمسك بظاهر النصوص ويقصرون بيان النصوص على العبارة وحدها ولا يتجاوزونها إلى غيرها، ومثبتو القياس يأخذون بمبدأ تعليل النصوص ووسعوا معنى دلالاتها، فقالوا: إنّ الدلالة على الأحكام تكون بألفاظ النصوص، وبالدلائل العامة التي تبينها مقاصد الشريعة في جملة نصوصها وعامة أحوالها.
فنص آية (إنّما الخمر) يدل على تحريم الخمر بالعبارة، وفيه دلائل تشير إلى أن كلّ ما فيه ضرر غالب يكون حراماً، بدليل آية: (قل فيهما إثم كبير)
وحينئذ يكون القياس في الحقيقة إعمالا للنص وليس خروجاً عن النص، كما يذكر منكرو القياس. فالخلاف راجع إذن إلى مسألة تعليل النصوص، فالمثبتون قرروا أن الأحكام الشرعية معللة معقولة المعنى، والعلة باعثة على نقل الحكم من الأصل إلى الفرع. وونفاة القياس قرروا أن النصوص غير معللة تعليلا من شأنه تعدية الحكم إلى ما وراء النص.
والمنهج العام في القرآن الكريم والسنة النبوية يدل على استعمال القياس، فمن الآيات القرآنية: قوله تعالى: (ولقد جاء آل فرعون النذر. كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر. أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر) والزبر: الكتب التي
أنزلها الله تعالى، فهذا إنذار من الله سبحانه إلى كفار قريش بإنزال العذاب عليهم، كما عذب آل فرعون، لتماثلهم في السبب وهو تكذيب الرسل. وفي هذا تعدية للحكم الذي كان لقوم فرعون إلى من جاء بعدهم.
ومن السنة النبوية: وقائع عملية وأقوال مروية تدل على استعمال الأقيسة التي لها دلالة التواتر المعنوي، مثل النيابة في الحج وهي «أن رجلا من خثعم جاء إلى الرسول(ص)، فقال: إنّ أبي أدركه الإسلام، وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل، والحج مكتوب عليه أفأ حج عنه؟ قال: أنت أكبر ولده؟ قال: نعم، قال: أرأيت لو كان على أپيك دين فقضيته عنه، أكان يجزئ ذلك عنه؟ قال: نعم، قال: فاحجج عنه».
فالرسول(ص) قاس هنا دين الله على دين العباد في وجوب القضاء أو الإنابة في الحج.
والخلاصة: اتفقت المذاهب كلها على العمل بالقياس المقطوع به كالقياس المنصوص العلة والقياس الذي قطع فيه بنفي تأثير الفارق بين الأصل والفرع وانحصر الخلاف في القياس المظنون العلة، ومن الصعب تجاوزه أو نفيه، وإلاّ لم يوجد اجتهاد بالرأي أصلاً، أي الرأي المتفق مع روح الشريعة ومقاصدها العامة، لا الرأي المحض النابع من الفكر الذاتي والهوى الشخصي.
4 ـ المصادر التبعية:
إنّ المستقلات العقلية أو حكم العقل المقرر دليل ثالث عند الإمامية، ودوره في إدراك الأحكام الشرعية، وإن لم يكن حاكماً عليها في رأي الشيعة الإمامية يتفق تماماً مع ما قرره فقهاء السنة من اعتماد مصادر تبعية في الاستنباط تعتبر بمثابة قواعد عامة أو كليات مبدئية تقرر ضرورة الانتباه إلى مصلحة عامة تتفق مع جنس مصالح التشريع التي بنيت الأحكام عليها، أو تراعي ما تتفق عليه الأمة مما هو ملائم للشرع، عملاً بالقاعدة أو الأثر المروي عن عبدالله بن مسعود: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح » وهذه المصادر: ما حقق علماء السنة لا تصلح أن تكون أدلة مستقلة في مقابل الكتاب والسنة، وإنّما هي قواعد كلية. وبذلك يتفق علماء السنة والشيعة على هذا الاتجاه العام وهذا ما أيده بعض علماء الشيعة.
وحكم العقل في التكاليف الشرعية مقبول في المذاهب الإسلاميّة إذا كان بناء على ما جاء به الشرع من عموميات، ولم يرد نص بالتحليل أو بالتحريم، فإذا كان في شيء مصلحة، ولم يرد نهي عنه، وكان خالياً من الفساد، فهو بحكم العقل مباح، وعكس ذلك إذا كان في شيء مضرة كتعاطي المخدرات، ولم يرد نص بتحريمه، كان بحكم العقل حراماً؛ لأن الله لا يرضى لعباده الضرر، ولايريد الفساد.
أما حكم العقل المقابل للكتاب والسنة بوصفه دليلاً مستقلا عنهما على أنّه مدرك لا حاكم، فهو مقبول عند الشيعة الإمامية والزيدية، مرفوض عند علماء السنة.
ويحسن استعراض المصادر التبعية لا لتماس بعض وجوه الوفاق والالتقاء بين السنة والشيعة عملا، وان لم يصرح به نظريا.
أولا: الاستحسان:
اشتهر الحنفية بالأخذ بالاستحسان، وأيدهم المالكية والحنابلة حتّى قال الإمام مالك: «الاستحسان تسعة أعشار العلم» وأنكر الإمام الشافعي الاستحسان المقول بمحض الرأي الخارج عن أدلة الشرع ومضامينه، فقال في كتابه الرسالة: «من استحسن فقد شرع» أي وضع شرعاً جديداً.
وحقيقة الاستحسان يتناول أمرين:
1 ـ ترجيح قياس خفي على قياس جلي، بناء على دليل
2 ـ استثناء مسألة جزئية من أصل كلي أو قاعدة عامة، بناء على دليل خاص يقتضي ذلك. وتعريفه: أنّه العمل أو الأخذ بأقوى الدليلين.
ويكون الاستحسان بحسب الدليل الذي يثبت به، وهو إما النص أو الإجماع أو الضرورة أو القياس الخفي أو العرف، أو المصلحة ونحو ذلك مثال الاستحسان بالعرف: إجارة الحمام بأجرة معينة دون تحديد سابق لقدر الماء المستعمل في الاستحمام، ومدة الإقامة في الحمام. ومثله شرب الماء من أيدي السقائين من غير تقدير سابق.
ومثال الاستحسان بالضرورة: تطهير الآبار أو الأحواض التي تقع فيها نجاسة بنزح مقادير معينة من الدلاء بحسب حجم الدلو ومقدار النجاسة. ومثال الاستحسان بالمصلحة صحة وصية المحجور عليه لسفه في سبيل الخير، تحصيلاً للثواب وجلب الخير للموصي، بعد موته، مع عدم الإضرار به في حال حياته، وتضمين الصناع مع أنهم أمناء، حفاظاً على أموال الناس.
والمعروف عن الشيعة والظاهرية أنهم ينكرون العمل بالاستحسان، فهم من النفاة، ويقول الشيعة عن الاستحسان بالإجماع: إنه عمل بالإجماع على الحكم بالخصوص لا على استحسانه.
لكن يلاحظ أن العمل بالعرف مقبول عند الشيعة إذا وصل الحكم الذي يقوم عليه إلى زمن المعصومين واقر من قبلهم، وعندها يكون إقرار المعصوم هو الدليل، لا الاستحسان العرفي، وإقرار المعصوم من السنة عندهم، وهذا يطابق ما قالوا في الإجماع.
والاستدلال بأثر ابن مسعود «ما رآه المسلمون حسناً، فهو عند الله حسن» وإنّما هو في تقديرهم لتأكيد قاعدة الملازمة بني حكم العقل وحكم الشرع، أي ما أطبق العقلاء على حسنه فهو عند الله حسن.
وانتهى الباحث الشيخ تقي الحكيم إلى القول: إنّ كان المراد بالاستحسان «هو خصوص الأخذ بأقوى الدليلين» فهو حسن ولا مانع من الأخذ به، إلاّ أن عده أصلا في مقابل الكتاب والسنة ودليل العقل لا وجه له.
وفي التطبيقات أو الاجتهادات الفرعية لا أجد لبعض الاجتهادات عند الإمامية تسويغاً إلاّ بالاستحسان، وإن طلب الشفعة بعد العلم بالبيع فوري، لا على التراخي، لكنهم قالوا بجواز إمهال أو تأجيل الشفيع في طلب الشفعة لمدة ثلاثة أيام إذا أدعى الشفيع غيبة الثمن، فيؤجل ثلاثة أيام. وسئل الإمام جعفر الصادق عن رجل طلب شفعة، فذهب ولم يحضر؟ قال: ينتظر ثلاثة أيام.
ثانياً: المصالح المرسلة أو الاستصلاح:
اشتهر المالكية بالأخذ بالاستصلاح، وأقرهم الجمهور، مثل جمع المصحف وتدوين الدواوين وتضمين الصناع، وأخذ به الغزالي إنّ كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية، أي من إحدى الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسب والمال، ويجزم بحصول المصلحة فيها، وتكون موجبة لفائدة عامة للمسلمين، مثل قتل بعض المسلمين الاسارى الّذين تترس بهم الأعداء حتّى لا يقتحموا بلاد المسلمين ويتذرعوا بدريئة الاسرى أثناء تقدمهم، ففي ذلك مصلحة عامة للمسلمين، وحفظ جماعة المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ مسلم واحد أو عدد محصور. ومثل توظيف الخراج على الأراضي المملوكة للأغنياء إذا خلا بيت المال من الأموال ولم يكن من مال المصالح ما يفي بحاجات الجند، ولو اشتغل الجنود بالكسب لخيف دخول الكفار بلاد المسلمين، فيوظف الخراج دفعاً لأشد الضررين وأهون الشرين.
أما الشيعة الإمامية: فلا يقولون بالمصالح المرسلة إلاّ ما رجع منها إلى حكم العقل على سبيل الجزم، وما عداه فهو ليس بحجة، واتفق فقهاء الشيعة على منع الفتوى بالمصالح المرسلة، فهم كالشافعية الّذين ينكرون الاستحسان والاستصلاح، لان من استحسن أو استصلح فقد شرع وكلاهما متابعة للهوى، هذا في الواقع إنكار للمصالح التي لم يعتبرها الشرع ولو في الجملة، والادق أنهم كالغزالي، يقول المحقق القمي: «والمصالح إما معتبرة في الشرع وبالحكم القطعي من العقل، من جهة إداراك مصلحة خالية من المفسدة كحفظ اليدن والنفس والعقل والمال والنسل، فقد اعتبر الشارع صيانتها، وترك ما يؤدي إلى فسادها. ومثبتو العمل بالمصالح المرسلة ت وان أوهم هذا التعبير شيئاً من اللبس هم في الواقع يأخذون بها إذا كانت من جنس المصالح التي بنى الشرع الحكم عليها، وقد استدلوا بأفعال الصحابة واجتهاداتهم، مثل جمع المصحف وتدوينه بحرف واحد، وقتل الجماعة بالواحد، وتضمين الصناع، مع أنهم في الأصل أمناء على ما في ايديهم من أموال الناس، منعاً من تهاونهم، مع حاجة الناس إليهم، قال الغمام علي كرم الله وجهه « لا يصلح الناس إلاّ ذاك».
والخلاصة: اتفق المحققون من السنة والشيعة على أن المصالح المرسلة لا تصلح كالاستحسان دليلاً مستقلاً في مقابل الكتاب والسنة، ولا في مقابل العقل عند الشيعة الإمامية. والعلماء متفاوتون في مقدار الأخذ بها، فأكثرهم أخذاً بها مالك ويليه أحمد ثم يليه الحنفية، ثم الشافعي من واقع تفريعات مذهبه ونقول الثقات عنه في تأصيلها. ومع هذا اؤيد الغزالي وابن دقيق العيد في ضرورة الاحتياط في الأخذ بها، لان الاسترسال فيها فيه حرج، ويحتاج إلى دقة في الفهم، وعمق في الاستنباط.
ويلاحظ أن الإمامية كالشافعية في أن الصانع أو الأجير المشترك كالملاح والمكاري لا يضمن ما يتلف في يده إلاّ بالتفريط أو التعدي على الأصح؛ لأن يده يد أمانة لا يد ضمان.
تتابع
المصدر: الموقع الإلکتروني لمجمع التقریب بین المذاهب الإسلامیة