الشيعة في اذربيجان
مـاذا يحدث جمـهورية اذربيجـان ذات الغالبية الشيعية؟، ولماذا يُمنع فيها رفع علم الامام الحسين(ع)، ولماذا تشارك الاجهزة الامنية الاسرائيلية في قمع المؤمنين الشيعة في تلك البلاد التي تُطبع مع إسرائيل وتشتري بمليارات الدولارات اسلحة اسرائيلية؟.
منذ العام 1992 تشارك كل من اسرائيل والولايات الـمتحـدة مـع الاجهزة الامـنية التابعة للرئيس الديكتاتوري الهام علييف في قمع النشطاء الشيعة الساعين لحقوقهم الانسانية الطبيعية في اقامة شعائرهم وفي نيل حريتهم في التعبير عن انفسهم وعن دينهم وعن افكارهم.
لكن الرئيس الصهيوني العقيدة والكردي الاصل واليهودي الديانة حيدر علييف الذي اورث الحكم في اذربيجان لولده الهام علييف قرر أن شعبه لا يستحق سوى الحديد والنار.
فكل مواطن اذري لم يناصر اسرائيل قمعوه، وكل مواطن طالب بحق التعبير عن تدينه سجنوه، وكل من تثقف دينيا اضطهدوه حتى وصل الامر الى تحول الحكم السوفياتي في اذربيجان الى حكم اشد ديكتاتورية مما كانت عليه البلاد ايام الحكم الشيوعي، والى صيغة اكثر بشاعة مما يمارسه اي نظام ديكتاتوري حول العالم بحق شعبه. فمن البديهي ان يختار الانسان دينه وعقيدته ويختار شكل الحكم ويقرر تداول السلطة كما تنص عليه الشرائع الدولية لكن حكم علييف في اذربيجان لا يعرف معنى الحكم الا بالقمع والسجن والقتل والاخفاء والخطف والاضطهاد.
فالناس هنا يعيشون رعبا من شدة القمع الممارس ضدهم. فرفع الاذان يقابله السجن، ودروس القرآن تعني جريمة وانكار باطل القمع الاسرائيلي بحق الفلسطيني خيانة عظمى برأي الها علييف وابيه الديكتاتور الراحل من قبله.
▪لفهم القضية بشكل اعمق لا بد من العودة الى التاريخ:
تعتبر اذربيجان تاريخيا جزءا من الامبراطورية الفارسية، وتنازعتها روسية والعثمانيين لفترات لكنها اثنيا ولغويا ودينيا ومذهبيا وقوميا لطالما كانت روحا ومصيرا جزء من الامبراطورية الفارسية.
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، سيطر على الحكم شيوعي متصهين اسمه حيدر علييف كان من اركان الحكم السوفياتي في موسكو ورئيسا سابقا للحزب الشيوعي السوفياتي في اذربيجان.
لكن مع سقوط السوفيات والشيوعية وجد علييف ان شعبه المسلم سوف يقضي على حكمه الوارث لكل مساويء الشيوعيين فكان بحاجة لقوة خارجية يستند عليها لقمع شعبه ولضمان حكمه فكان ان تحالف مع الصهيونية العالمية واسرائيل. فمنذ بداية عقد التسعينيات ونظام حيدر علييف وابنه الهام من بعده قائم على القمع والقتل والسجن لكل ناشط متدين من الشيعة.
و قامت الحكومة يشن حملة اعتقالات ضد الشيعة وعلمائهم، حيث بلغ عدد السجناء السياسيين 2400 شخص، 99بالمئة منهم من الشيعة، بتهم مثل لبس الحجاب أو رفع الاذان أو رفع رايات الامام الحسين بذكرى واقعة كربلاء.
وفي العام 2023 الحالي، تم اعتقال 1800 شخص من العلماء الشيعة، وتم رميهم في السجون وتعذيبهم تحت حجة التعاطف الديني او احياء ذكرى عاشوراء او مهاجمة اسرائيل ومناصرة الشعب الفلسطيني. ،علماً انه لم يتم محاكمة اي شخص منهم حيث استشهد منهم ثمانين ناشطا تحت التعذيب..
ومن بين المعتقلين افراد كانوا يسعون للمصالحة بين الشعب والحكومة، وبحسب متابعين لقضية المعتقلين ان سبب سجنهم معاداتهم لإسرائيل، وعدم إظهار معاداتهم لإيران وهو ما تعتبره الحكومة انهم قد يتحولون في المستقبل الى اداة تؤثر على الجيل الصاعد وتعيده الى جذوره وثقافته الدينية وتحاول اخراجه من العلمانية التكفيرية التي فُرضت على هذا الشعب بالإكراه.
▪الحرب الارمنية على الشعب الاذري
مما لا شك فيه ان كل الشعب الاذري مناصر لحقوق الشيعة في ناغورنو كارباخ، لكن هذه الحرب اشعلها الاميركيون في بداية استقلال اذربيجان عن الاتحاد السوفياتي في التسعينيات لاشغال الشعب عن مصير ثرواته من النفط والمعادن النادرة. ورغم ان الروس ساندو ارمينيا في العام 1990 الا ان اميركا ايضا وقفت مع الارمن بشكل سري حتى احتلوا مناطق المسلمين. ثم ساندت الحكم الاذري لابتزازه حتى يبقى محتاجا للحماية الاميركية.
▪الشيعة في اذربيجان وايران
في الحرب الاولى بين المسلمين والارمن في منطقة (قره باغ)، اصدر الامام الخميني(قد) انذاك أمراً الى قوات الحرس الثوري الايراني بالدخول الى اذربيجان ومساندة وحماية المسلمين، وعملت هذه القوات على تدريب 5000 من المسلمين، وكان بإستطاعتهم حسم المعركة وإفشال المخطط الاسرائيلي- الاميركي، الا ان حيدر عليياف والد الرئيس الحالي الهام عليياف والذي كان في ذلك الوقت رئيساً للجمهورية، قام بطرد ضباط الحرس الثوري الايراني تحت حجة ان تركيا ستقوم بتحرير الاراضي من قبل الارمن، وأصدر أوامر بالانسحاب من مناطق كثيرة وضعها تحت سيطرة الارمن وبدأ بعدها بحملة اعلامية شرسة ضد إيران واتهمها بأنها السبب في خسارة اذربيجان للحرب، معطيا اشارة اطلاق حملة زرع بذور الفتنة والكراهية بين ابناء الشعب الاذربيجاني ضد طهران.
وبحسب الوثائق الرسمية يدل برنامج مدون لعائلة علييف على حرب ناعمة كان قد بدأها حيدر ضد الشيعة وإيران بعد انتصار الثورة الاسلامية وذلك بهدف التصدي لتمدد الثورة، وتصديرها الى خارج ايران.
وطوال 30 عاماً تقريباً، ظلت اذربيجان تتجاهل عزم ايران ومحور الممانعة مساعدتها في تحرير ارضها، فيما بقيت تُروج على ان ايران لديها علاقات تجارية وسياسية مع أرمينيا.
▪في العام 2020 إندلعت الحرب مجدداً بين الارمن والاذاريين ليس بهدف تحرير (قره باغ)، ولكن لثلاثة اهداف وضعتها إسرائيل وحلف الناتو:
اولها: احتلال اراض بالقرب من الحدود الايرانية.
الهدف الثاني: تموضع قوات الناتو وإسرائيل على الارض الاذاربيجانية وتحديداً عن الحدود مع ايران بهدف تحقيق خطة توران الكبيرة، وإحتلال ممر زنكزور الاستراتيجي، ومنع الشاحنات الايرانية المتجهة الى اوروبا لمحاصرتها إقتصادياً من خلال تطبيق خطة كوبل 3 الاميركية في القفقاز.
الهدف الثالث: تحريك الاحتجاجات المتزامنة في ايران لتحقيق التقسيم.
والى جانب العمل العسكري، عمد علييف على السعي لتسليم وسائل الاعلام الاذرية للاسرائيليين وكذا مراكز القرار في التربية والتعليم فعمد الاسرائيليين مباشرة الى تزييف التاريخ الاذري والى اختراق علاقة قومية مع تركيا والى اختراق حالة عداء قومية مع ايران علما ان في ايران واذربيجان شعب يملك اغلب الصفات المشتركة اللغوية والاثنية والتاريخية والدينية والثقافية. تجاهل علييف واعوانه الاسرائيليين كل ذلك وعمدوا الى تعميم ثقافة في المدارسة تسميها الصهيونية الاذرية بالطورانية التركية المعادية لايران وللتشيع الجعفري.
ايضا سعى علييف لتوطين تكفيريين عرب وشيشان ومن دول اسيوية في بلاده بهدف نشر مذهب السنة في البلاد، وإستعان بالسفارات العربية لتثقيف السنة، والانتقال بعدها الى تثقيف الشيعة بالثقافة السنية، وإيهامهم بأنهم أتراك ولكن الصفويين أجبروا أجدادهم على التشيع بحد السيف، وبذلك يكون تم تحويل الشيعة في اذربيجان الى سنة ومن بعدها الى الوهابية المعادية للشيعة ومن لم يقبل بذلك تتم تصفيته او إعتقاله.
منذ استقلال آذربيجان بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، وجدت إسرائيل ضالتها في هذا البلد، بما يمتلكه من احتياطات كبيرة من النفط واليورانيوم، وموقعه الجيوسياسي لجهة حدوده مع ايران وتركيا واوروبا.
بدأت العلاقات الدبلوماسيـة ما بينهما في 7 نيسان 1992، وقد خالفت الدولة الأذربيجانية بهذه العلاقات، رأي وتطلعات أغلبية شعبها المناصر للقضية الفلسطينية.
خلال اندلاع الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، قدمت إسرائيل كل أشكال الدعم التسليحي لسلطات باكو، خصوصاً على صعيد سلاح المدفعية، وفقًا لمذكرة دبلوماسية اميركية كتب في العام 2009، ونُشرت عبر موقع ويكيليكس، فإن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، فقد وصف علاقة بلاده بإسرائيل بالجبل الجليدي الذي تختفي تسعة أعشاره تحت سطح الماء.
وقد وصلت المبادلات التجارية بين اسرائيل واذربيجان الى سبعة مليارات دولار لصالح اسرائيل في حين لا تستورد اسرائيل من اذربيجان الا النفط واليورانيوم
هذا التعاون أساسه استيراد أسرائيل للنفط الأذربيجاني عبر تركيا، حيث تقدر بنصف حاجاتها النفطية.
ومن المعروف ان أذربيجان هي موطن لحوالي 30 ألف يهودي، يقيمون بشكل أساسي في العاصمة باكو، ومستوطنة «قرميزي قوسوبي» في منطقة«قوبا» شمالي أذربيجان.
ولم يكتف الجانبان بالعلاقة التجارية والعسكرية فيما بينهما بل تعدته الى المجال الاستخباراتي، حيث تحولت آذربيجان الى قاعدة عسكرية وأمنية متقدمة للموساد على حدود ايران التي اعلنت بوضوح أنها لن تتحمل وجود اسرائيل على حدودها، وقد حذّرت باكو اكثر من مرة عبر الطرق الدبلوماسية، وبأنها ستتحمل عواقب انطلاق أي اعمال عدائية اسرائيلية من الاراضي الآذربيجانية.
المصدر : إسلام تايمز