هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

ما هي مكانة الحديث عند الشيعة الامامية؟

□ مقال

ما هي مكانة الحديث عند الشيعة الامامية؟

□  الشیخ صالح الکرباسي

تهتم الشيعة بالحديث الشريف الذي يمثّل السنة الشريفة كل اهتمام باعتباره المصدر الثاني للتشريع الإسلامي على كافة الأصعدة بعد القرآن الكريم. أما الحديث عند الشيعة فهو: كلامٌ يحكي قول المعصوم(ع) أو فعله أو تقريره، وبهذا الاعتبار ينقسم إلى الصحيح ومقابله، وبهذا عُلم أن مالا ينتهي إلى المعصوم(ع) ليس حديثاً، وأما العامة فاكتفوا فيه بالانتهاء إلى أحد الصحابة والتابعين، ولأجل التمييز بين القسمين ربما يسمّون ما ينتهي إلى الصحابة والتابعين بالأثر.

ثم إن الشيعة تعتبر علم الحديث من أشرف العلوم وأكثرها نفعاً، لذا فان علماء الشيعة قد بذلوا قصارى جهدهم من أجل تدوين علوم الحديث، فألّفوا في غريب الحديث وغرائبه، كما ألّفوا في علم رجال الحديث المتكفل بتمييز الثقاة من الرواة عن غيرهم، كما وألّفوا في علم الدراية الذي يبحث عن العوارض الطارئة على الحديث من ناحية السند والمتن وكيفية تحمّله وداب نقله وأدائه.
ولأن الحديث اعتمد في تحمّله ونقله الرواية الشفوية ثم الرواية التحريرية، ولقد جاء أكثر الحديث عن طريق الآحاد، وخبر الواحد  كما هو مقرر ومحرر في علم أصول الفقه  لا يفيد اليقين بصدوره عن المعصوم، فوضع العلماء ما يعرف ب " علم الرجال " و" علم الحديث " لهذه الغاية.
وعلم الرجال: هو العلم الذي يبحث فيه عن قواعد معرفة أحوال الرواة من حيث تشخيص ذواتهم، وتبيين أوصافهم التي هي شرط في قبول روايتهم أو رفضها.
ولقد عدّ العلماء تعلّم علمي الرجال والحديث من شروط الاجتهاد المطلق ومن أساسيات الفقاهة، وأعتبروهما من المقدمات الضرورية للبلوغ إلى مرتبة الاجتهاد الفقهي وتطبيق عملية الاستنباط.
هذا وإن إخضاع الراوي إلى التقييم الدقيق في علم الرجال يعبّر عنه بالجرح والتعديل، ويراد منه النتيجة الحاصلة من التدقيق في أحوال الراوي من حيث الوثاقة أو اللاوثاقة، فالوثاقة تساوي التعديل، كما أن اللاوثاقة تساوي الجرح في مصطلح علم الرجال.
أما الشيعة فتمتاز عن غيرها من المذاهب بإخضاع كافة الرواة من دون استثناء لهذا التقييم للتعرّف على حالهم ولتمييز الصالحين منهم من الطالحين والمؤمنين عن المنافقين، كي يتسنى لهم الأخذ من الصالحين والمؤمنين دون غيرهم. أما السنة فيستثنون الرواة من الصحابة من هذا التدقيق والتقييم، فهم لا يخضعونهم أبدا إلى التقييم و يقولون بعدالة جميع الصحابة بلا استثناء.
هذا وإن موضوع عدالة الصحابة من المواضيع الحساسة التي شغلت جانباً مهماً من أبحاث الحديث والرجال، وقد ذهب جمهور من أبناء العامة إلى أن جميع الصحابة عدول ولا ينبغي أن تنالهم يد الجرح والتعديل كما تناله غيرهم من المسلمين.
والعجيب أنهم مع ادعاء الإجماع على قداسة الصحابة، وأنهم فوق مستوى الجرح والتعديل، رووا عشرات الأحاديث التي اختارها أصحاب الصحاح حول ارتداد الصحابة عن الدين والتمرّد على أصوله ومبادئه على نحو لا يدع مجالاً للريب في أنهم كانوا كسائر الناس فيهم الصالح والطالح، والمنافق والمؤمن، إلى غير ذلك من الأصناف التي يقف عليها المتتبع لآيات الذكر الحكيم والسنة النبوية، وهذا أمر عجيب جداً.
لكن علماء الشيعة يصرحون بضرورة التدقيق في أحوال الرواة بصورة كاملة، ويرون بأن الحديث إنما يصبح صالحا لأن يكون مصدراً من مصادر التشريع بعد مروره بالمراحل التالية:
1. تقييم رواة الحديث بصورة دقيقة لا تقبل التسامح لتشخيص وتعيين هوية الراوي بصورة كاملة،  وذلك على أسس علمية وقواعد مرسومة في علم خاص بهذا الأمر يسمى بعلم الرجال، وبالاستعانة بهذا العلم يتعرف العلماء على حال الرّواي من حيث الوثاقة واللاوثاقة، فيقررون قبول روايته أو رفضها.
2. تقييم كافة الأحاديث المروية عن المعصومين(ع) من حيث متن الحديث و طبقته لتمييز الأحاديث الصحيحة عن السقيمة، ويتم هذا التدقيق والتقييم على أسس علمية رصينة وقواعد مدونة في علم خاص بهذا الأمر يسمى بعلم الدراية.
3. ثم بعد ذلك تخضع الرواية للمناقشة في حجيتها في علم الأصول.
4. وبعد ذلك كله تأخذ الرواية طريقها إلى استنباط الحكم الشرعي منها في علم الفقه، وبعد ثبوت حجية الرواية وصلاحيتها للاستدلال بها يعتمدها الفقيه مصدراً تشريعياً يفيد منه الحكم المطلوب.
نعم هذه هي المراحل التي لابد وإن يمر الراوي وما رواه من خلالها حتى يصل الحديث إلى مرحلة استنباط الحكم الشرعي منه، خلافا لأهل السنة، فهم يعتبرون الصحابة فوق مستوى الجرح والتعديل، إذ جعلوا عدالة الصحابي هي الأصل، سواءً كان معلوم الحال أم مجهولها، فالصحابة في رأيهم في منأى عن النقد، فلا يصح التعرّض لهم بشكل من الأشكال، إذ لا يتسرب الشك إليهم أبداً.
مواصفات الراوي المقبول روايته و مؤهلاته:
1. الإسلام: فلا تقبل رواية الكافر مطلقاً، أما قبول شهادة الذمي في باب الوصية في حق المسلم، فهو خارج بالدليل، و هو قول الله تعالى: ]يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ...[،  فقد فَسّرت الروايات قوله تعالى: ]أو آخران من غيركم[ بالذمي.
2. العقل: فلا يقبل خبر المجنون وروايته، وهو واضح وبديهي.
3. البلوغ: فلا يقبل خبر الصبي غير المميّز، وبالنسبة إلى المميّز فالمشهور عدم قبول روايته.
4. الإيمان: أي كون الراوي شيعياً إمامياً إثنا عشرياً.
5. العدالة: وهي كما يراه المشهور، عبارة عن ملكة نفسانية راسخة باعثة على ملازمة التقوى وترك ارتكاب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر، وترك منافيات المروءة التي يكشف ارتكابها عن قلة المبالاة بالدين، بحيث لا يوثق منه التحرّز عن الذنوب.
المصدر: موقع حوزة إمام أمیرالمؤمنین(ع) الدینیة

برچسب ها :
ارسال دیدگاه