هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

تطوير الفقه المعاصر.. تحدياته ومتطلباته الأستاذ الشيخ مجتبى إلهي الخراساني

تقریر / الجزء الأول

تطوير الفقه المعاصر.. تحدياته ومتطلباته الأستاذ الشيخ مجتبى إلهي الخراساني

بدأ الأستاذ الشیخ مجتبي الهي الخراساني في اللقاء العلمي المتخصص تحت عنوان “اتساع الفقه المعاصر و متطلباته”، والذي أقيم في مدرسة ميرزا جعفر العلمية (جامعة العلوم الإسلامية الرضوية) بحضور فضلاء وطلاب الحوزات العلمية، بمقدمة هامة مؤلفة من ثلاث نقاط، ثم انتقل إلى شرح مفصل لـ “اتساع نطاق الفقه المعاصر” و “متطلبات اتساع هذا النطاق”.
 
وأشار أستاذ البحث الخارج في الفقه والأصول بمشهد المقدسة إلى أن الأبحاث الفقهية اكتسبت أهمية مضاعفة في العصر الحديث لأسباب عدة، وقال: إن البرنامج السلوكي للمجتمع الإسلامي على مر العصور قد استند إلى الفقه، ولما كان الفقه هو الجسر الذي يربط الشريعة بسلوك المؤمنين ويوجّه مجموع العلاقات والتفاعلات، فإن الفقهاء والمفكرين المستجدين يرون أن الفقه هو صانع المجتمع والحضارة الإسلامية. ولا ينفي هذا القول أن للحضارة بنية تحتية من قيم ومعتقدات كالكلام والفلسفة والأخلاق، إلا أن التنظيم الأساسي للعلاقات يبقى منوطًا بالفقه.
واستشهد عضو الهيئة العلمية بمركز الآخوند الخراساني التخصصي، بمقولة الإمام الخميني (قد)، إلى أهمية الفقه ودوره في المجتمع، قائلاً: إن أقوال الإمام الخميني (قد) حافلة بنقاط جوهرية يمكن استخلاص دلالات هامة منها، ومن أبرزها قوله: “إذا أراد علماء الإسلام ألا يفقدوا زمام الأمور في المجتمع، فعليهم الإبقاء على مركزية الفقه في الحوزات العلمية”. وفي موضع آخر قال: “إن من مؤامرات الأعداء بعد الثورة الإسلامية في إيران أن يحرّفوا الحوزات العلمية عن محور الفقه”، فقد أدركوا أن سرّ التواصل العميق بين العلماء والشعب يتمثل في علم الفقه.
وأشار الهي الخراساني إلى انتصار الثورة الإسلامية وتأسيس الحكم الإسلامي، قائلاً: إن إسلامية هذا المجتمع مشروطة بتطبيق الشريعة الإسلامية على جميع العلاقات والمجالات، وبالتالي فإن الفقه هو الضامن لتحقيق ذلك. وخلص إلى أن نجاح التجربة الإسلامية، وخاصة الجمهورية الإسلامية، مرتبط إلى حد كبير بنجاح علم الفقه.
ورأى الأستاذ إلهي الخراساني أن الجزء الأكبر من فلسفة العلم الحديثة وتوقعات الإنسان المعاصر، من دون إصدار أحكام قيمية، هو عملي بحت ينتظر أن يرى ما إذا كان هذا القول العلمي يحل مشكلة أم لا. وهذه فرصة فريدة تتاح لنا لكي نتمكن في المجتمعات الخالية من الأسس النظرية الدينية والإسلامية من وضع نماذج في مجالات العلاقات الأسرية والمالية والجنائية وغيرها بناءً على الفقه، ونبين فعاليتها كنجاح عملي للأحكام الإسلامية.
وقد أشار إلى أن استقبال العالم للبنوك الإسلامية التي تطبق مبدأ عدم الربا هو مثال حي على ذلك، معتبراً إياه تجربة فريدة يمكن تكرارها في مجالات أخرى كالأُسرة وحقوق الإنسان.
ثم انتقل رئيس لجنة تطوير وتمكين العلوم الإسلامية في مكتب الإعلام الإسلامي إلى توضيح “ماهية الفقه المعاصر” من ثلاثة جوانب، مشيراً إلى أن مصطلح الفقه المعاصر ليس مصطلحاً جديداً ولا قديماً. وأضاف قائلاً: “في عام 1999م، قمنا لأول مرة في حوزة مشهد العلمية بتنظيم دورة تدريبية في الفقه المعاصر مع تحديد محاورها، واستخدمنا هذا المصطلح بعد استشارة آية الله أشرفي الشاهرودي الذي أشار إلى أن هذا المصطلح قد يثير بعض ردود الأفعال، ولكننا بدأنا ونجحنا في تنظيم ثلاث دورات.
وأضاف: إن مصطلح الفقه المعاصر قد استُخدم بشكل متفرق في المؤلفات الفقهية الشيعية والسنية باللغة العربية. وفي أواخر الستينات، ظهر هذا المصطلح في العديد من المؤلفات، وكان أبرزها في المؤتمر السنوي للفقه المعاصر الذي كان يُعقد على مستوى دولي. وبعد ذلك، بدأ فقهاء شيعة عراقيون أمثال الشيخ حسين الحلي والشيخ حسن الجواهري وغيرهما بنشر مؤلفات في هذا المجال، مما أدى إلى انتشار هذا المصطلح واشتهاره في الثمانينات.
الفقه المعاصر كجزء من الفقه و المسائل الفقهية
ووضح الأستاذ إلهي الخراساني، في شرحه للقراءات الثلاث للفقه المعاصر: القراءة الأولى وهي “الفقه المعاصر كجزء من الفقه والمسائل الفقهية”. أي أن الفقه المعاصر هو بمثابة فقه القضايا المعاصرة، أو فقه المسائل المستحدثة. وبحسب هذه القراءة، فإن الفقه المعاصر هو جزء من الفقه الذي يعنى بالقضايا المستجدّة، إلى جانب المسائل الفقهية التقليدية.
بالتأكيد، هناك من يستخدم مصطلح “الفقه المعاصر” ليشير إلى مسائل لها تاريخ مسجل يمتد إلى خمسمائة عام على الأقل، مثل الإجهاض أو علاقة الطبيب بالمرضى. ولكن جزءًا من مسائل فقه الطب، مثل الموت الدماغي أو زراعة الأعضاء الحيوية، يمكن أن يكون معنى أول للمصطلح “الفقه المعاصر”. بهذا المعنى، لا يفرض الفقه المعاصر بالضرورة منهجًا جديدًا ولا إطارًا هيكليًا جديدًا.
الفقه المعاصر كمنهج و أسلوب فقهي
ووصف عضو هيئة التدريس في المركز المتخصص لآخوند خراسانی القراءة الثانية بأنها “الفقه المعاصر كاتجاه وأسلوب فقهي”. وأوضح أن هذا الرأي يقلل من اعتماد الفقه المعاصر على المناهج الفقهية التقليدية وعلى الاستدلال بالآيات والروايات الخاصة، ويزيد من اعتمادها على الاستدلال بالإطلاق والعمومات، كما يعزز دور سيرة العقلاء والارتكازات العقلائية.
وفيما يتعلق بالموضوعات، يتم التوجه أكثر نحو المسائل العرفية أو المسائل التي تحتاج إلى رأي الخبير، بدلاً من الاعتماد على أسلوب تنقيح الموضوعات المنصوصة. لذلك، يزداد اللجوء إلى آراء العلوم الأخرى بشكل طبيعي في هذا الاتجاه.هنا، الفقه المعاصر يمثل نهجًا ورؤية جديدة. في هذا الاتجاه، للمسائل المعاصرة بنية وتنظيم جديدان، وتختلف ترتيب وكمية الأدلة المستخدمة، وربما يتم إضافة مناهج جديدة في المستقبل. على الرغم من ذلك، أعتقد أنه ليس لدينا حاليًا ما يمكن تسميته بـ “المنهج المعاصر”.
وأضاف فضيلته: في الفقه المعاصر بالمعنى الأول، تشكل المسائل الحديثة المواد الفقهية المعاصرة، ولكن في الرأي الثاني يمكن النظر إلى مسألة قديمة بنظرة معاصرة. والذين يستخدمون هذا المعنى الثاني يرون أن الفقه المعاصر يضيف قيمة إضافية للفقه التقليدي.
الفقه المعاصر كمرحلة تاريخية:
وفي تبيين الرؤية الثالثة والأكثر قبولاً قال الأستاذ إلهي الخراساني: إن الرؤية الثالثة هي “الفقه المعاصر كمرحلة تاريخية”. أي أننا لا نميز بين علم قديم وحديث، ولا نسعى إلى فصل المسائل التقليدية عن المستحدثة. بل إن كل علم، بما في ذلك الفقه، يمر بتغيرات وتطورات عبر التاريخ، سواء على مستوى الأصول أو القواعد أو الفروع.
وبهذا المنظور، لدينا فقه السلف الذي كان سائداً في عصره وله خصائصه الخاصة، ولا نقيم له قيمة سلبية ولا إيجابية. وهذه التسميات المستندة إلى العصور التاريخية تبين مراحل طبيعية لعلم الفقه، وبالتالي، فإن الفقه المعاصر في هذه الرؤية يعني الفقه الجعفري في وضعه الحالي، وليس في وضعه السابق. وهذا الاسم يشير إلى التحولات والتغيرات التدريجية والطبيعية التي يمر بها علم الفقه.
وأضاف أستاذ البحث الخارج في الفقه والأصول بحوزة مشهد العلمية: لو كنا في عصر الوحيد البهبهاني، لكان الفقه المعاصر هو فقه عصر البهبهاني. أما نحن الآن، ونحن في الجيل السادس أو السابع من تلامذة الشيخ الأنصاري، فإن الفقه المعاصر يعني فقه الجيل السادس والسابع من تلامذة الشيخ الأنصاري. وبالتالي، فإن الفقه المعاصر من هذا المنظور هو مرحلة تاريخية.
وأضاف: إننا عندما نقول الفقه المعاصر، نعني به فقه الـ200 سنة الأخيرة وعصر الشيخ الأعظم، وهو فقه له أبعاد اجتماعية وسياسية. فقد بدأ هذا العصر مع مواجهة العالم للمدنية، وبداية التيارات الإسلامية الاستيقاظية، وتأسيس البرامج الإسلامية الجديدة. وأحدث التغييرات كان خلق فضاء اجتماعي للفقه، تزامن مع الثورة الإسلامية. وقد تكثفت منذ الخمسينات محاولات إدخال المنظور الاجتماعي، أو بعبارة أخرى المنظور الحاكم أو النظام، إلى الفقه، وقد خطت في هذا الصدد حلقات في النجف ولبنان وقم خطوات جادة.
یتابع
المصدر: الاجتهاد

برچسب ها :
ارسال دیدگاه