هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

دراسة «نظرية مقاصد الشريعة» في الفكر الاجتهادي للإمام الخميني (قدس سره) سماحة الأستاذ الشيخ محمد جواد فاضل اللنكراني

الندوة العلمية

دراسة «نظرية مقاصد الشريعة» في الفكر الاجتهادي للإمام الخميني (قدس سره) سماحة الأستاذ الشيخ محمد جواد فاضل اللنكراني

تعریب: علي‌رضا مکتب‌دار؛ رئیس التحریر

ادُّعي في بعض المقالات والخطابات أن الإمام الخميني (قدس سره) يُعد من الفقهاء المقاصديين، لكن عند دراستها يتبين أنه لا يوجد دليل واضح على هذا الادعاء؛ بل مجرد كتابات لا تقدم بحثًا علميًا محددًا. ما ندعيه هو أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر الإمام الخميني (قدس سره) من الفقهاء المقاصديين، وهناك أدلة وشواهد كثيرة على هذا الادعاء.
مقدمة: شرح نظرية مقاصد الشريعة
في البداية وكمقدمة، من الضروري أن نشرح باختصار نظرية مقاصد الشريعة؛ لأننا في كثير من المقالات المتعلقة بهذا الموضوع، نصل إلى نتيجة مفادها أن مفهوم مقاصد الشريعة غير واضح للكتّاب. إن لم نقل جميعهم، فإن معظمهم ليس لديهم فهم صحيح لهذا الموضوع. بالطبع، لا أقصد التعريض بشخص أو شخصية معينة وأتابع النقاش بطريقة علمية بحتة.
نشأت نظرية مقاصد الشريعة من إمام الحرمين الجويني (478هـ) وبدأت بسؤال أساسي: إذا كان من الضروري للحاكم الإسلامي أخذ أموال من الأغنياء لسد حاجة الفقر في المجتمع، فهل يمكنه القيام بذلك دون موافقة أصحاب الأموال؟ الجويني یقول بأن الحفاظ على المصلحة العامة ضروري، ومن أجل الحفاظ على المصلحة، يمكن أخذ أموال الأشخاص؛ حتى لو لم يوافق أصحابها.
كان الغزالي - تلميذ الجويني - يعتقد أن المصلحة في الدين تقتصر على الأمور الخمسة: الدين والمال والنفس والعقل والنسل وكل ما يتعلق بأحد هذه الأمور الخمسة يُعتبر مصلحة.
بعد الغزالي، وسّع الشاطبي دائرة المصلحة، معتقدًا أن كل ما يتعلق بحياة الإنسان واحتياجاته هو جزء من المصالح؛ يقول: "أعني بالمصالح ما يرجع إلى قيام حياة الإنسان وتمام عيشه ونيله ما تقتضيه أوصافه الشهوانية والعقلية على الإطلاق".
مقاصد الشريعة من وجهة نظر ابن عاشور تعني المعاني والعلل التي روعيت في جميع أحكام الشرع. على سبيل المثال، عندما حرّم الشارع الربا، يجب أن نرى ما هي الغاية من هذا الحكم؟ في رأي ابن عاشور، يجب أن نستخرج غاية الغايات من هذه الحالات الجزئية ونقول إنها المقصد العام للشارع.
بعده، اعتقد الغزالي أنه إذا استخرج المجتهد مقاصد الشارع، فإن تلك المقاصد تعمل كأصل حاكم على جميع النصوص والظواهر الشرعية. على سبيل المثال، نعلم أن مقصد الشارع هو العدالة، لذلك إذا لم يرد قيد العدالة في آية مثل "وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ"، فمن الضروري إضافة قيد العدل لتحقيق مقصد الشارع وهو عدم الاختلاف.
يعتقد الغزالي أن التشريع وسن القوانين هو لمنع الاختلاف، وبالتالي يقيد الآية رغم أنها مطلقة. يرى فقهاء الإمامية أنه إذا كان هناك دليل مطلق ولم يكن هناك دليل على التقييد، فإننا نعمل بإطلاق الدليل وعمومه؛ لكن في رأي المقاصديين، يجب التخلي عن الظواهر والمعيار هو المقصد الرئيسي للشارع.
كما صرح ابن القيم في القرن الثامن: إذا أراد أحد الاجتهاد، فليس له الحق في البحث عن معنى الموضوع له  اللّفظ؛ فلا ينبغي تفسير النصوص على أساس الوضع اللغوي والعرفي بل يجب تفسيرها على أساس المقاصد. على سبيل المثال، يعتبر ابن القيم زواج المحلل باطلاً، في حين أن القرآن ينص صراحة على أن الزواج مرة أخرى يحتاج إلى محلل، لأنه يعتقد أن نكاح المحلل غير صحيح لعدم توافقه مع روح الدين وكرامة الإنسان.
النقطة المهمة هي أن المقاصديين في الفترة الأولى اعتبروا عدد المقاصد محدودًا؛ لكن في العصر الحديث ذكروا عددها حتى ألف؛ مثل: العدالة، الكرامة، حرية الإنسان، وغيرها.
لذلك، فإن مقاصد الشريعة هي طريقة اجتهادية بين أهل السنة تُستخدم في استنباط الحكم الشرعي. على سبيل المثال، يعتقد بعض علماء أهل السنة المعاصرين أنه على الرغم من أنهم يقبلون أنه قد صرح علی الحجاب في القرآن، إلا أنهم يعتقدون أن وجود الحجاب في زمن نزول الآية کان لم يتعارض مع كرامة المرأة ولكنه يتعارض مع كرامة المرأة في الوقت الحاضر؛ لذلك، بناءً على مقاصد الشريعة، يتجاهلون جميع الروايات التي لا تجيز خروج المرأة دون إذن زوجها. بالطبع، تدركون أن لحكم عدم الخروج استثناءات تمت دراستها في مكانها المناسب. لذلك؛ فإن عدم خروج الزوجة دون إذن زوجه هو مسألة إجماعية في الجملة.
كان القائلون بنظرية مقاصد الشريعة، في البداية، يرون أنه یجب الرجوع إلی المقاصد في حالات عدم وجود نص، أو في حالة اعتبار المقصد وعدم مخالفته مع الإجماع أو لدفع الضرر؛ لكن المتأخرين من المقاصديين يعملون بمقاصد الشريعة حتى مع وجود النص، والإجماع المخالف للمقصد، وحتى لجلب المنفعة. لذلك، يفسرون النصوص بناءً على المقاصد؛ على سبيل المثال، في آية "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ" يقولون إن هذه الآية تقتصر على وقت النزول وفي زماننا تخالف العدالة - التي هي من مقاصد الشارع - فيجب تجاهلها. باختصار، هم يستنبطون الحكم وفقًا للمقاصد حتى لو كان مخالفًا للنصوص.
كتب الشاطبي، في كتاب "الموافقات"، مسائل لم تُطرح قبله. من زمن الشاطبي حتى رشيد رضا في القرن الرابع عشر، تخلى أهل السنة عن مقاصد الشريعة؛ لأنهم اعتبروها عاملاً لتدمير أصل الدين، ولكن مع ظهور رشيد رضا، تم إحياء هذه النظرية مرة أخرى.
في نظرهم، تنقسم المصالح إلى ثلاثة أقسام:
المصالح المعتبرة: هي المصالح التي اهتم بها الدين واعتبرها؛
المصالح غير المعتبرة: المصالح التي نفاها الدين؛
المصالح المرسلة: المصالح التي لا يوجد دليل في الشرع على اعتبارها أو عدم اعتبارها.
من المشاكل الأساسية لهذه النظرية هي أنها کیف یمکن تحديد مقاصد الشارع بشكل صحيح؟  وماذا يجب أن نفعل إذا تعارضت المقاصد مع بعضها البعض؟ وغيرها من المشاكل الموجودة.
نتيجة لذلك، فإن مقاصد الشريعة من الظنون التي لا يوجد لدينا دليل على اعتبارها في استنباط الأحكام. إن الطريقة الاجتهادية لأهل السنة المبنية على مقاصد الشريعة تؤدي إلى حذف الأحكام الإلهية المسلّم بها، وقد أوردنا في كتاب "إطلالة علی مقاصد الشريعة" أحد عشر إشكالاً على نظرية المقاصد، فارجعوا إليه.
بالنظر إلى هذه النقاط والتوضيحات التي قدمناها حول هذه النظرية، يُطرح السؤال: هل يمكن اعتبار الإمام الخميني (قدس سره) من المقاصديين؟ (وأقول بين قوسين أن بعض الكتاب اعتبروا حتى الشهيد الصدر من المقاصديين، وهذا أيضًا غير صحيح.)
المقاصد، وفقًا للتوضيحات أعلاه، تعني عدم الاهتمام بالنصوص والآيات وأصالة العموم؛ في حين أنه عند دراسة كلمات الإمام الخمیني (قدس سره) يتضح أن جموده على ظواهر الآيات والروايات كبير جدًا. هذا يعني أنه لا يقبل نظرية المقاصد؛ لذلك، فإن اعتبار سماحته من المقاصديين هو ظلم له.
 
نقد ادعاء كون الإمام الخميني (قدس سره) من المقاصديين
استند الذين اعتبروا الإمام الخميني (قدس سره) من المقاصديين إلى أدلة وشواهد يبدو أنها لا تدل على مدعاهم. فيما يلي سنقوم بنقدها ودراستها:
1.         تشكيل الحكومة ومقاصد الشريعة
يقول أصحاب هذا الادعاء: كان الإمام (قدس سره) يعتبر تشكيل الحكومة مقدمة لتنفيذ أحكام الدين، فکان تشكيل الحكومة الإسلامية لغرض تنفيذ أحكام الدين وهذا يعني العمل بالمقاصد!
في الرد نقول: إن هذا الرأي لا يعني أبدًا قبول مقاصد الشريعة كأصل اجتهادي؛ فهو يصرح في كتاب "البيع" بأن إرسال الرسل وإنزال الكتب هو لتشكيل الحكومة، لكن هذا لا يعني تقديم مقاصد الشريعة على النصوص الشرعية؛ بل يرى الإمام الراحل أن "الإسلام هو الحكومة"؛ بمعنى أن الحكومة ليست مجرد مقدمة لتنفيذ الأحكام، بل هي عين الدين، والدين مبني على النصوص والظواهر، وليس لدينا دليل على تدخل المقاصد في الاستنباط. الدين يعني الحكومة، وهذا يعني أن الحاکم هو الله، والرسول، والإمام، والفقیه -في زمن الغيبة-. الحكومة الدينية تعني ولاية الله، أي ما هو أحكام إلهية.
إذا سألنا أحد المقاصديين هل يمكن إعدام المرتد؟ سيجيب: إنه لا يتوافق مع مقصد الحرية وبالتالي فالإعدام باطل. نعم، الدين يؤمن بالحرية، لكن اعتبار الحرية مقصدًا يُترك بسببه حكم الردة، ليس صحيحًا.
في زمن الإمام (قدس سره)، أساء شخص الأدب تجاه السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقال (قدس سره): إذا كان ذلك الشخص ملتفتا وواعیا لكلامه، فهو مرتد ويجب تنفيذ حكم الردة فيه. أو في مسألة الإرث، يفتي على أساس الآية الكريمة "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ" ويقبلها؛ في حين أنها تعتبر مخالفة للعدالة في نظر المقاصديين.
والنقطة التي يجب الانتباه إليها هي أنه للأسف هنا توجد قاعدتان مصطنعتان والبعض یتلقّاهما بالقبول، ولكن لا يمكن الالتزام بهما كقاعدة- وإن لم نخالف مع هاتین في محلهما-:
1.         قاعدة العدالة: يقولون إن الشارع وضع الأحكام على أساس العدالة؛ العدالة، في وضع كل حكم - سواء كان عباديًا أو معامليًّا بالمعنى الأعم - تقع في سلسلة علل الأحكام.
في رأينا، مثل هذا الأمر غير صحيح ولا يمكن الالتزام به. هناك العديد من الحالات التي تنقضه؛ مثلاً في الشبهة الموضوعية، يجري أصل الطهارة أو الحلية؛ في حين أن العدالة لا معنى لها هنا؛ إجراء الأصل في هذه الحالات هو تسهيل من قبل الشارع. نعم، نحن أيضًا نقبل أن العدالة، في بعض الحالات، تقع في سلسلة العلل، لكن أن تكون في كل مكان، فهذا غير صحيح.
2.         قاعدة الكرامة: يتمسك البعض بالآية الكريمة "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..." ويستخرجون منها قاعدة الكرامة. يجب القول: هذه الآية لا تدل بأي شكل على مدعاهم. ليس لدينا دليل يبين أن علة جميع الأعمال - سواء كانت سياسية أو عبادية أو اجتماعية وغيرها - هي الكرامة. كما ذكرنا سابقًا، على أساس هذه القاعدة نفسها، يقول بعض أهل السنة بعدم ضرورة الحجاب في زماننا هذا بسبب مخالفتها مع كرامة المرأة!
لذلك، فإن نظرية تشكيل الحكومة لا تثبت ولا تدل على أن الإمام (قدس سره) كان يقول بمقاصد الشريعة. نعم، أهل السنة الذين انخرطوا في الحكومة، ذهبوا وراء المقاصد؛ لكننا ببركة أهل البيت (عليهم السلام) لسنا بحاجة إلى المقاصد على الإطلاق.
2.         مجمع تشخيص مصلحة النظام
يذكر مدعو كون الإمام الراحل من المقاصديين تأسيس «مجمع تشخيص مصلحة النظام» كشاهد ودليل على ادعائهم؛ لأن تشخيص المصلحة من العناصر الأساسية في بحث مقاصد الشريعة.
في الرد على هذا الادعاء يجب أن نقول: إن تأسيس مثل هذه المؤسسة لا يعني قبول مقاصد الشريعة. تشخيص المصلحة في هذه المؤسسة هو فقط كعنصر إداري وتنفيذي لاتخاذ القرارات الحكومية وليس استنباط الحكم الشرعي على أساس المقاصد؛ یعني أن عمل الأفراد في هذه المؤسسة ليس استنباط الحكم الشرعي حتى يكون هناك مثل هذا التلازم.
من واجب الحكومة أن تطرح الأحكام الثانوية على أساس المصالح، أو أن تعمل بالأهم فالأهم على أساس المصالح أیضا. مثلاً، إذا اقتضت المصلحة تسعير السلع، تقوم الحكومة بذلك، لكن هذا العمل ليس كاستنباط للحكم الشرعي الأوّلي، كما يستنبط القائلون بنظرية مقاصد الشريعة الحكم الشرعي الأوّلي بالمقاصد. نعم، هناك لزوم الطاعة، فإذا لم يتم الامتثال، يحدث اختلال في النظام وقد يؤدي أيضًا إلى تكذيب الإمام المعصوم - على أساس مقبولة عمر بن حنظلة-.
مثال آخر يمكن ذكره هو سنّ قوانين المرور التي تقتضيها مصلحة النظام في حركة المرور؛ لكن سنّ مثل هذه القوانين ليس، بأي حال من الأحوال، استنباطًا للحكم الشرعي. هذه القوانين ليست أحكامًا أوّلية ولا ثانوية.
3.         نفي الحيل الربوية
قال أصحاب الادعاء المذكور: من الشواهد على عمل الإمام الخميني (قدس سره) بالمقاصد أنه نفى الحيل الربوية وهذا على أساس مقصد الشارع.
الجواب هو أن: رأي الإمام الخميني (قدس سره) في نفي الحيل الربوية لا يدل بأي شكل من الأشكال على مقاصد الشريعة. يعتقد الإمام الراحل أن سبب عدم اعتبار روايات الحيل الربوية هو:
أولاً: أنها مخالفة لنص القرآن الكريم.
وثانيًا: أنها تستلزم إلغاء حكم الربا.
لذلك، طرح الإمام الراحل أسبابه في مسألة نفي الحيل الربوية على أساس المخالفة مع النصوص القرآنية وإلغاء جعل حكم الربا، وليس على أساس مقاصد الشريعة. هذا يعني أن استدلالاته مبنية على النصوص والأصول الفقهية وليست مبنية بأي شكل من الأشكال على مقاصد الشريعة.
الخلاصة
نتيجة البحث هي أنه بالنظر إلى الأسس الفقهية واستدلالات الإمام الخميني (قدس سره)، لا يمكن تقديمه كفقيه مقاصدي؛ بل على أساس المنهج الفقهي للإمام الخميني (قدس سره) وعلى أساس الفقه الجواهري، فإن الاجتهاد المقاصدي هو منهج غير منتظم وغير منضبط يمكن أن يؤدي إلى تخريب الدين. ولم يبتن الإمام الخمیني (قدس سره) أبدًا مثل هذا المنهج في استنباط الأحكام الشرعیة.
مقاصد الشريعة من الظنون التي ليس لدينا أي دليل على اعتبارها في استنباط الأحكام. المنهج الاجتهادي لأهل السنة المبني على مقاصد الشريعة يؤدي إلى حذف الأحكام الإلهية المسلّم بها، وقد قمنا بدراسة هذه النظرية وإشكالاتها بالتفصيل في كتاب " إطلالة علی مقاصد الشريعة" فارجعوا إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

برچسب ها :
ارسال دیدگاه