هفته‌نامه سیاسی، علمی و فرهنگی حوزه‌های علمیه

نسخه Pdf

اعتبار الأصول الرجاليَّة الأربعة

اعتبار الأصول الرجاليَّة الأربعة

الشيخ محمد صنقور

المسألة:
إنَّ ممَّا يمكن إيراده على جدوى علم الرجال أنَّ أول كتابٍ شيعيٍّ يصل إلينا في علم الرجال هو كتاب اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي، وهذا الكتاب يحتوي على رواياتٍ لها أسانيد، وبحسب المبنى الفقهي للمدرسة الأصولية فإنَّه يتوجَّب علينا الحصول على طريق يُثبت لنا أسانيد كتاب اختيار معرفة الرجال فضلاً عن أنَّ هذا الكتاب قد بلغنا بعد تصرُّف الشيخ الطوسي فكيف نقبل به؟!
وأمَّا عن رجال الطوسي فإنَّ الشيخ قد ضعَّف وقوَّى فيه الروايات ولم يُبيِّن لنا الأسس التي اعتمدها في ذلك فضلاً عن أنَّ غالب الرواة المذكورين لم يتمَّ تصنيفهم، وكذلك رجال النجاشي لم يذكر اسس التصنيف مضافاً إلى ما يُقال إنَّه يُعاب عليه ما كتبه حول الكوفة وأنساب بني نصر بن قعين وأخبار بني سنسن فكيف يُضعِّف من كان لهم الأثر البارز من رواة؟!
الجواب:
إنَّ المقدار الذي وصلنا من كتاب الرجال للشيخ الجليل أبي عمرو الكشي هو المقدار الذي اختاره الشيخ الطوسي من كتابه وسمَّاه اختيار معرفة الرجال، فهذا المقدار إذن هو المعتمَد كأصلٍ من الأصول الرجالية، وأمَّا المقدار الذي لم يقع عليه اختيار الشيخ الطوسي فهو ليس من اصولنا الرجالية لأنَّه لم يصل إلينا.
وأمَّا كيف تمَّ الاعتماد على هذا المقدار من رجال الكشي رغم أنَّه بحاجة إلى اثبات انتسابه إلى الشيخ الكشي فجوابه أنَّ كتاب رجال الكشي كان من الكتب المشهورة المعلوم انتسابه للشيخ الكشي في زمن الشيخ الطوسي، وحيث كان الأمر كذلك فلا يحتاج مثل الشيخ الطوسي ومَن عاصره إلى طريقٍ يُوصله إلى الكتاب، فكما لا نحتاج إلى طريقٍ يوصلنا إلى مثل كتاب الكافي وكتاب الفقيه وذلك لإحراز انتساب ما بأيدينا من الكتابين لمؤلفيهما فكذلك كان كتاب رجال الكشي في عصر الشيخ الطوسي(ره).
ويؤيِّد ذلك ما ذكره الشيخ الطوسي في ترجمة أبي عمرو الكشي في كتابه الرجال قال: (محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، يكنى أبا عمرو الكشي: صاحب كتاب الرجال، من غلمان العياشي، ثقة، بصير بالرجال والاخبار، مستقيم المذهب).
فإنَّ قوله: صاحب كتاب الرجال ظاهر أو لا أقل مشعرٌ بأنَّه كان معروفاً بكتابه الذي هذَّبه بعد ذلك الشيخ الطوسي، وكذلك يُستظهر من ترجمة الشيخ النجاشي له فراجع.
وعلى أيِّ تقدير فإنَّ للشيخ الطوسي طريقاً صحيحاً إلى كتاب الرجال للشيخ الكشي ذكره في كتاب الفهرست قال: (أخبرنا به جماعة، عن أبي محمد التلعكبري، عن محمد بن عمر بن عبد العزيز أبي عمرو الكشي).
وأما القول بأنَّ الشيخ الطوسي قد تصرَّف في كتاب رجال الكشي فكيف نقبل به؟
فجوابه أنَّ الشيخ الطوسي(ره) قد اختار من كتاب الكشي بعض ما أورده فيه من الروايات وأهمل البعض الآخر لذلك سمَّاه اختيار معرفة الرجال، فهو لم يتصرَّف في أسانيد تلك الروايات ولا في متنها بتغييرٍ أو زيادة أو نقيصة لمنافاة ذلك لما هو مقتضى العدالة والصدق التي كان الشيخ في أعلى درجاتهما، فما عمله الشيخُ الطوسي لم يكن سوى نقل عددٍ من الروايات من كتابٍ واسنادها لذلك الكتاب كما هو الشأن فيما فعله الكليني والصدوق في كتابيهما فإنَّهما قد اختارا من روايات الأصول الروائية التي كانت بأيديهما عدداً منها ثم ذكرا طرقهما إلى تلك الأصول، وغاية ما صنعه كلٌّ منهما هو توزيع الروايات التي نقلاها من تلك الأصول على الأبواب التي صنَّفاها.
فالروايات التي اختارها الشيخ الطوسي من كتاب الكشي يبدأ سندها بأبي عمرو الكشي وينتهي سندها إلى الإمام أو المروي عنه المتن، وأمَّا الطريق من الشيخ إلى الكشي فهو الذي ذكره الشيخ في كتابه الفهرست، وبذلك يكون طريق الشيخ إلى الروايات التي اختارها من كتاب الكشي متصلاً وصحيحاً كما ذكرنا.
وأمَّا كتاب الرجال والفهرست للشيخ الطوسي وكذلك كتاب الفهرست للنجاشي فلم يكن موضوعها تضعيف أو تقوية الروايات -كما توهَّم صاحب الإشكال- بل هي متصدِّية لبيان أحوال الرجال من حيث العقيدة والطبقة وما كانت لهم من مصنَّفات والطرق إلى مصنفاتهم ويتعرضون كثيراً لأحوالهم من حيث الوثاقة والضعف.
والأسس المعتمدة عندهما في قبول رواية الرجل المترجَم له وعدم قبولها هي الأسس المعتمدة لدى العقلاء والمبيَّنة في كتب الأصول، على أنَّهما غالباً لا يتصدَّيان للحكم بقبول رواية المترجَم له أو عدم قبولها وإنَّما يتصدَّى كلٌّ منهما لتوصيف حال المترجَم له فيصفان بعضهم بالثقة وآخر بالضعف أو الكذب والوضع أو الضبط وعدمه وقد يسكتان عن بيان حاله من حيث الوثاقة والضعف ويُشيران إلى مذهب الرجل إذا كان مخالفاً أو منتسباً إلى بعض الفرق المُصنَّفة ضمن فرق الشيعة غير الإمامية الإثني عشرية كالواقفة والغلاة والفطحية، وقد يُشيران إلى سيرة الرجل في الرواية فيصفانه بأنَّه يُكثر الرواية عن الضعفاء أو أنَّه لا يروي إلا عن الثقاة، وقد يُشيران إلى موقع الرجل العلمي أو الاجتماعي فيصفانه بالعين أو الوجه أو المقدَّم ثم يذكران طبقته ومَن روى عنه ومن يروي عنه، وكلُّ هذه التوصيفات وشبهها واضحة المعنى في الجملة متداولة في الأوساط العلمية يستعملها علماء الجرح والتعديل من الشيعة والسنَّة فليس لهما اصطلاحٌ خاص في ذلك حتى يحتاجان إلى التنويه عليه.
على أنَّ الشيخ الطوسي قد بيَّن في كتابه عدَّة الأصول الأسس التي تعتمدها الطائفة في الحكم على الراوي بقبول روايته أو عدم قبولها فقال: (إنَّا وجدنا الطائفة ميَّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثَّقت الثقات منهم، وضعفَّت الضعفاء، وفرَّقت بين من يُعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يُعتمد على خبره، ومدحوا الممدوح منهم وذمُّوا المذموم. وقالوا: فلانٌ متَّهم في حديثه، وفلانٌ كذَّاب، وفلانٌ مخلِّط، وفلانٌ مخالفٌ في المذهب والاعتقاد، وفلانٌ واقفي، وفلانٌ فطحي، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها. وصنَّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم، حتى أنَّ واحداً منهم إذا أنكر حديثا طعن في إسناده وضعفه بروايته. هذه عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم).
وقال في مقام بيان حجيِّة خبر الثقة وإنْ كان فاسقاً أو مخطئاً في بعض الأفعال: (فأمَّا مَن كان مخطئاً في بعض الأفعال، أو فاسقاً بأفعال الجوارح، وكان ثقة في روايته متحرِّزا فيها، فإنَّ ذلك لا يُوجب ردَّ خبره، ويجوز العمل به لأنَّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، وإنَّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانعٍ من قبول خبره، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم).
وقال(ره) في مقام بيان ما يُحتجُّ به من روايات المنحرفين في العقيدة: (وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية، والواقفة، والناووسية وغيرهم نظر فيما يرويه: فإنْ كان هناك قرينة تعضده، أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم، وجب العمل به. وإنْ كان هناك خبر آخر يُخالفه من طريق الموثوقين، وجب إطِّراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة. وإنْ كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرِّجا في روايته موثوقاً في أمانته وإنْ كان مخطئاً في أصل الاعتقاد. ولأجل ما قلناه عملتْ الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة، وعثمان بن عيسى، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال، وبنو سماعة، والطاطريون وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه).
فهذه هي الأسس التي أفاد الشيخ الطوسي انَّ الطائفة تعتمدها في قبول رواية الراوي، فدعوى انَّ الشيخ لم يُبين الأسس التي اعتمدها في قبول رواية الراوي فيها مجازفة واضحة، وأمَّا القول بأنَّ غالب الرواة المذكورين في رجاله لم يتم تصنيفهم فهو غريب لأنَّ الشيخ -وكذلك النجاشي- صنَّف كلَّ من ترجم لهم أو أكثرهم فحدَّد هويتهم وطبقتهم، فصنَّف بعضهم ضمن أصحاب الصادق(ع) مثلا وبعضهم ضمن أصحاب الرضا(ع) وصنَّف بعضهم ضمن من لم يُدرك أحداً من الأئمة(ع) أو ضمن من لم يروِ عنهم رغم ادراكه لأحدهم أو ادراكه لأكثر من واحدٍ منهم، وإذا كان المقصود أنَّ الشيخ لم يُبيِّن أحوال الرواة من حيث الوثاقة والضعف فكلُّ من لم يتصد الشيخ لبيان حاله من هذه الجهة في كتابيه وسائر كتبه فهو إما انْ يكون مجهول الحال عنده أو يكون واقعاً ضمن من تمَّ توثيقهم بالتوثيقات العامة مثل كونهم ممَّن روى عنهم المشايخ الثلاثة وهم ابن أبي عمير وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي وصفوان بن يحيى البجلي الذين صرَّح في كتابه العدَّة أنَّ الطائفة قد سوَّت بين مسانيدهم ومراسيلهم لأنَّهم لا يروون ولا يُرسلون إلا عن ثقة.
وأمَّا القول بأنَّه يُعاب على الشيخ النجاشي ما كتبه حول الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل وما كتبه حول أنساب بني نصر بن قعين وما كتبه حول أخبار بني سنسن فلا أدري ما هو منشأ الطعن عليه في ذلك!! فليس فيما كتبه ما يُوجب الطعن في عدالته وضبطه الذي شهد له بهما علماء الطائفة قاطبة وقد عدَّه علماء الطائفة المتقدمَ في فنِّ الجرح والتعديل والطبقات وأثنوا كثيراً على ضبطه وتثبُّته، ولو لا خشية الإطالة لأفضنا الحديث في نقل كلماتهم إلا أنَّ الوقوف عليها ليس عسيراً.
وأمَّا دعوى تضعيفه لبني سنسن رغم أثرهم البارز فهي دعوى جزافيَّة لا يصحُّ اطلاقها، كيف وهو القائل في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن أبو غالب الزراري: (وقد جمعتُ أخبار بني سنسن وكان أبو غالب شيخ العصابة في زمنه ووجههم له كتب).
وقال في ترجمة زرارة بن أعين بن سنسن: (أبو الحسن، شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم، وكان قارئاً فقيهاً متكلماً شاعراً أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين، صادقاً فيما يرويه).
وقال في ترجمة عبيد بن زرارة بن أعين الشيباني: (روى عن أبي عبد الله(ع)، ثقة ثقة، عين، لا لبس فيه ولا شك. له كتاب يرويه جماعة عنه).
وقال في ترجمة الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو محمد الشيباني: (ثقة روى عن أبي الحسن موسى والرضا(ع))
وقال في ترجمة علي بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو الحسن الزراري: (كان له اتصال بصاحب الامر(ع)، وخرجت إليه توقيعات، وكانت له منزلة في أصحابنا، وكان ورعاً، ثقة فقيها، لا يُطعن عليه في شئ. له كتاب النوادر أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان قال: حدثنا علي بن بن حاتم قال: حدثنا علي بن سليمان بكتابه النوادر).
وقال في ترجمة محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو طاهر الزراري: (حسن الطريقة، ثقة، عين، وله إلى مولانا أبي محمد(ع) مسائل والجوابات. له كتب، منها: كتاب الآداب والمواعظ، كتاب الدعاء. أخبرنا محمد بن محمد وغيره قالوا: حدثنا أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان قال: أخبرني أبي بها، ومات محمد بن سليمان في سنة إحدى وثلاثمائة، وكان مولده سنة سبع وثلاثين ومائتين).
وقال في ترجمة رومي بن زرارة بن أعين الشيباني: (روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن(ع)، ثقة، قليل الحديث)
وغير ذلك من الموارد التي تصدَّى فيها لتوثيق رجال من بني سنسن في كتابه الفهرست وترجم لآخرين منهم سكت عن بيان حالهم من جهة الوثاقة والضعف، ولم أقف في حدود تتبعي على تضعيفٍ منه لأحدهم، ولعلَّه ضعَّف بعضهم وليس في ذلك من بأس، إذ لم يتوهَّم أحدٌ انَّ كلَّ من ولَده سنسن كان ثقة، فإنَّ ذلك لم يتفق لأولاد الأئمة(ع) ولو سلَّمنا أنَّ كلَّ بني سنسن كانوا من الثقاة فإنَّ تضعيف النجاشي لبعضهم -لو كان قد صدر منه- لا يُوجب الطعن في عدالته وضبطه فإنَّ غاية ذلك أنَّه أشتبه، والعصمة إنَّما هي لأهلها.
والحمد لله ربِّ العالمين
المصدر: حوزة الهدی للدراسات الإسلامیة

برچسب ها :
ارسال دیدگاه