ليلة القدر؛ خصائصها وأسرارها
ليلة القدر كما سماها الله تعالى في القرآن، هي ليلة من ليالي شهر رمضان، وهي ليلة التقدير يقدَّر الله فيها حوادث السنة.
قال الله تعالى: [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ٭ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ٭ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ].
▪ ما هي ليلة القدر؟
ليلة القدر كما سماها الله تعالى في القرآن، هي ليلة من ليالي شهر رمضان، وإنها إحدى الليالي الثلاث (۱۹ - ۲۱ - ۲۳)، والظاهر أن المراد بالقدر التقدير، فهي ليلة التقدير يقدَّر الله فيها حوادث السنة من الليلة إلى مثلها من قابل من حياة وموت، ورزق، وسعادة، وشقاء، وغير ذلك كما يدل عليه قوله في سورة الدخان في صفة الليلة: [فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ].
وهي ليلة متكررة بتكرر السنين، ففي شهر رمضان من كل سنة قمرية ليلة تقَّدر فيها أمور السنة...(تفسير الميزان- سورة القدر)
▪ عظمة ليلة القدر وخصوصيتها
المستفاد من الآيات والروايات هو:
- يتجلى في هذه الليلة أعلى مظاهر الفيض والكرم الإلهي، والضيافة الإلهية.
- إن النبي(ص) قد حرص وأهل بيته والأئمة(ع) على إحياءها، بالعبادة والطاعة.
- إنها ليلة مباركة كما وصفها القرآن.
- فيها تقَّدر الأمور، ويفرق كل أمر حكيم.
- العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر.
- إنها ليلة أمن وسلام حتى مطلع الفجر.
- إنها ليلة نزول القرآن نجوماً، أو على قلب محمد(ص) وبهذا عظيم البركة.
- إنها ليلة نزول الملائكة والروح وهو جبرائيل(ع) على الأشهر.
▪ إحياؤها
ففي الحديث عن الإمام الباقر(ع) عن آبائه(ع): «إن رسول الله(ص) نهى أن يُغفل عن ليلة إحدى وعشرين، وعن ليلة ثلاث وعشرين، ونهى أن ينام أحد تلك الليلة». وعن رسول الله(ص): «من أحيا ليلة القدر حُوِّل عنه العذاب إلى السنة...».
▪ وهي ليلة غفران الذنوب كما في الروايات
عن الإمام الباقر(ع): «من أحيا ليلة القدر غُفرت له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء، ومثاقيل الجبال، ومكاييل البحار».
▪ الليلة المباركة خير من ألف شهر
في الكافي بإسناده عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن حمدان أنه سأل أبا جعفر(ع) عن قول الله عزَّ وجلَّ: [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ] قال: نعم ليلة القدر، وهي في كل سنة من شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر.
قال الله عزَّ وجلَّ: [فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ].
قال: يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في السنة إلى مثلها من قابل: خير وشر، وطاعة ومعصية، ومولود وأجل ورزق، فما قدَّر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم، ولله عزَّ وجلَّ فيه المشيئة، قال: قلت: [ليلة القدر خير من ألف شهر] أي شيء عنى بذلك؟ فقال: والعمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير، خير من العمل في ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر...".
▪ سر إخفاء ليلة القدر
لا يستفاد من القرآن الكريم أن الليلة أية ليلة هي، غير ما في قوله تعالى: [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ] فإن الآية بانضمامها الى آية القدر تدل على أن الليلة من ليالي شهر رمضان، أما تعيينها أزيد من ذلك فمستفاد من الروايات الموزعّة إلى عدة...خلاصتها:
- الروايات التي تدل على أنها في العشر الأواخر، أو في الليالي الوتر منها، عن رسول الله(ص) قال: "تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"، وفي رواية: "في الوتر من العشر الأواخر".
الروايات التي تدل على تحريّها في إحدى الليالي الثلاث:
عن الباقر(ع):
"إن علياً كان يتحرّى ليلة القدر، ليلة تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين"، ومثله عن الصادق(ع) وذكر في بعض الأخبار خصوصية خاصة لكل ليلة من الثلاث.
الروايات التي تدل على إنها إحدى ليلتين:
سئل الصادق(ع) عن ليلة القدر فقال: «إلتمسها في ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين».
الروايات التي تدل على أنها ليلة ۲۳، عن رسول الله(ص): «ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين».
ولعل السرَّ في اخفائها هو توجيه الناس للإهتمام بإحياء هذه الليالي، وليباهي ملائكته بعباده، مع أن المستفاد من الأخبار أن ليلة ۲۳ هي القدر المتيقن بين مختلف الروايات إلا أنه ينبغي إحياء هذه الليالي لما فيها من الفضل والعظمة.
▪ النبي موسى(ع) وليلة القدر
رويَّ عن النبي(ص) قال: «قال موسى: إلهي أريد قربك، قال: قربي لمن استيقظ ليلة القدر، قال: إلهي أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر، قال: إلهي أريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدق بصدقة ليلة القدر، قال: إلهي أريد من أشجار الجنة وثمارها، قال: ذلك لمن سبح تسبيحة في ليلة القدر، قال: إلهي أريد النجاة من النار، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر، قال: إلهي أريد رضاك، قال: رضائي لمن صلى ركعتين في ليلة القدر».