کلمة المحرّر
تدفّق القَدر في نهر الحياة
وفقًا للعقيدة التوحيدية، بالإضافة إلى كون الله سبحانه وتعالی هو الخالق للكون، فإنه سبحانه یکون منظّما لشؤون الکون أيضًا. لذلك، فهو ليس مثل صانع الساعات اللاهوتي الذي خلق العالم وبعد الخلق تخلى عن التخطيط له وزحف إلى الزاوية أو أغلق يديه من التدخل في شؤون الوجود؛ بل بدلاً من ذلك، فهو دائمًا يعمل في الكون ويخطط له في كل لحظة.
فهو سبحانه وتعالی، یستخدم قدرته في مسار ربوبیته ویقدر أمور عباده لکل سنة ویرسل ملف المقدرات بتوسیط ملائکته إلی حجته علی الأرض، فتطوف الملائکة حول وجود الحجة وتبلغ ما قدّر لکل شخص إنساني إلی حضرته وذلک أدل دلیل علی أن الأرض لا تخلو من حجةالله علیها، ووجود الحجة أیضا یکون دلیلا علی دوام لیلة القدر في کل عام إلی نهایة العالم؛ لأن نزول الملائكة يتطلب منزلًا وطوافهم یقتضي مطافا ولیس هذا المنزل وهذا المطاف إلا وجود حجة الله تعالی علی الأرض.
ولذلك، فبقبول وجود ليلة القدر في كل عام لابدّ من الاعتراف أيضًا بوجود حجةالله على الأرض؛ لأن كل من يقبل نزول الملائكة والروح في هذه الليلة المبارکة - التي يجب أن يتقبلها إذا كان يؤمن بالقرآن الکریم- لامحالة عليه أن يتقبل وجود حجة الله وولیه أیضا وإلا يكون كافراً ببعض آيات القرآن، وفي هذه الحالة، مثل هذا الإنسان یکون كافرا حقيقيا علی أساس منطق القرآن الكريم في سورة النساء: 151-152.
ففي ليلة القدر، تأتي الملائكة وتختلف بين عرش الله سبحانه وقلب حجة الله تعالی وتحمل مقدرات العباد إلى الإمام لکي یوقع الإمام علیها؛ فالإمام هو إناء ظهور كل المقدرات وتكوينها، وليلة القدر هي ليلة الإمام الحجة(عج).