تشهد الحوزات العلمية الشيعية في إيران والعراق وغيرها من المراكز الدينية فرصًا متنامية لتعزيز رسالتها من خلال الإعلام، خصوصًا في ظل تطور الوسائل الحديثة والفضاء الرقمي. فقد بات بإمكان هذه المؤسسات إيصال معارفها إلى جمهور أوسع، عبر وسائل متعددة: مكتوبة، ومرئية، ومسموعة، ومتعددة الوسائط. أسهم تأسيس وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية المتخصصة في نقل نشاطات الحوزة وتحليلاتها بعدة لغات، مما عزز حضورها العلمي والدعوي. كما تلعب المجلات المتخصصة دورًا مهمًا في عرض إنجازات الحوزة والتعريف بعلمائها وربط الحوزات المختلفة ببعضها ومنها أسبوعیة «الآفاق» التي تصدر من قبل مرکز الإعلام والفضاء الافتراضي للحوزات العلمیة في قم المقدسة. الفضاء الرقمي، بما يتيحه من تفاعل مباشر وتنوع في الأساليب، يوفّر فرصة ذهبية لإنتاج محتوى جذّاب يلائم مختلف الفئات، مثل الأفلام الوثائقية، والبودكاست، والرسوم التوضيحية، مما يجعل الخطاب الديني أكثر قربًا وتأثيرًا. ولكي تواكب الحوزات هذه الفرص، فهي بحاجة إلى كوادر تجمع بين المعرفة الدينية والمهارات الإعلامية، إلى جانب دراسات فقهية تنظّم العمل الإعلامي وتوجّهه. كما أن دعم الناشطين في الفضاء الرقمي وتوسيع شبكات النشر خطوات ضرورية لضمان الحضور الفعّال. رغم التحديات، تظل الحوزة تمتلك طاقات عظيمة يمكنها، إذا أُحسن استثمارها، أن تسهم بفعالية في نشر المعارف الإسلامية، ومواجهة الشبهات، وتوجيه المجتمع نحو الهداية والوعي.