کلمة المحرّر
ضرورة الالتزام بأدب المناظرة
إزاحة الستار عن وجه الحقيقة هي الغایة الرئيسية من المناظرة. المبدأ في مناظرات الأئمة(ع) کان دائما هو كشف الحقيقة للطرف الآخر والدفاع عنه، وهم كانوا قادرين على القيام بذلك بشكل جيد بدعم من المعرفة الغیبیة التي كانت لديهم.
في المناظرة، يحاول كلا الجانبين لإثبات تفوق وجهة نظره على وجهة نظر أخری من خلال تقديم الحجج والبراهین حتی یکشف عقدة المشكلة من خلال اكتشاف الحقيقة، فمن الطبيعي أن يكون المناظرة دائمًا بين رأيين متعارضين ويكون كل من الطرفین مسؤولاً عن إبداء رأيه والدفاع عنه، ولكن كلاهما یتعهدان أيضًا بالقبول للحقیقة بعد انکشافها وأیضا المساعدة لبث الحقیقة، وهذه هي نقطة الاختلاف بين المناظرة والجدل.
وعلی هذا الأساس ومن أجل اكتشاف الحقيقة وإثباتها، أجرى الإمام الرضا(ع) مناظرات مختلفة مع مختلف الأشخاص من المشارب الفكرية المتنوعة، وفي كل منها أقنع الإمام(ع) أولئك الذين كانوا يبحثون حقًا عن الحقيقة فأذعنوا بها. ومجالس المناظرة التي عقدها المأمون العباسي بين الإمام(ع) وعلماء الأديان والمذاهب في مرو، تصدّق هذا المدعی. کان أكثر ما يبرز في مناظرات الإمام(ع) هو التزامه بآداب المناظرة العلمية؛ کالإخلاص في النية والصدق ومراعاة العدالة والإنصاف والتواضع والتسامح والصبر وغيرها من أساليب المناظرة، التي تلعب دورًا مهما في اكتشاف الحقيقة ودحض الباطل.
على الطلاب والحوزویین، في أداء رسالتهم لاكتشاف الحقيقة وتقديمها للعالم، أن یتّبعوا هذه الطريقة للنجاح في مناظراتهم. اليوم، عند توفر المنصات المختلفة لتبادل الأفكار والرؤی، تصبح مراقبة هذه الآداب مهمة بشكل مضاعف في المناظرات العلمیة.