مقال
الكتب المؤلّفة حول روّاد التشيّع
إنّ لفيفاً من علماء الإمامية ومفكّريها قاموا بإفراد العديد من المؤلّفات القيّمة والتي تناولت في متونها بالشرح والتفصيل ما يتعلّق بروّاد التشيع الأوائل ودورهم في تثبيت الأركان العقائدية للفكر الإسلامي الناصع، نذكر في هذا المقام ما وقفنا عليه:
۱ صدر الدين السيّد عليّ المدني الحسيني الشيرازي، صاحب كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر، وأنوار الربيع في علم البديع، وطراز اللغة، توفّي عام (۱۱۲۰ه ) أفرد تأليفاً في ذلك المجال أسماه ب «الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة الإمامية» خصَّ الطبقة الأُولى بالصحابة الشيعة، وخصَّص الباب الأوّل لبني هاشم من الصحابة، والباب الثاني في غيرهم منهم. وقام في الباب الأوّل بترجمة (۲۳) صحابيّاً من بني هاشم لم يفارقوا عليّاً قط، كما قام في الباب الثاني بترجمة (٤٦) صحابيّاً.
۲ ذكر الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه «أصل الشيعة وأُصولها» أسماء جماعة من الصحابة الذين كانوا يشايعون عليّاً في حلّه وترحاله وقال معلقاً على قول أحمد أمين الكاتب المصري: «والحقّ أنّ التشيع كان مأوى يرجع إليه كل من أراد هدم الإسلام» :
ونحن لولا محافظتنا على مياه الصفاء أن لا تتعكّر، ونيران البغضاء أن لا تتسعّر، وأن تنطبق علينا حكمة القائل: «لا تنه عن خلق وتأتي مثله» لعرّفناه من الذي يريد هدم قواعد الإسلام بمعاول الإلحاد والزندقة، ومن الذي يسعى لتمزيق وحدة المسلمين بعوامل التقطيع والتفرقة، ولكنّا نريد أن نسأل ذلك الكاتب: أيّ طبقة من طبقات الشيعة أرادت هدم الإسلام؟ هل الطبقة الأُولى وهم أعيان صحابة النبيّ وأبرارهم كسلمان المحمّدي أو الفارسي، وأبي ذر، والمقداد، وعمّار، وخزيمة ذي الشهادتين، وابن التيهان، وحذيفة ابن اليمان، والزبير، والفضل بن العبّاس، وأخيه الحبر عبد الله، وهاشم بن عتبة المرقال، وأبي أيّوب الأنصاري، وأبان وأخيه خالد بن سعيد بن العاص، وأُبيّ بن كعب سيد القرّاء، وأنس بن الحرث بن نبيه، الذي سمع النبيّ يقول: «إنّ ابني الحسين يقتل في أرض يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره» فخرج أنس وقتل مع الحسين راجع الإصابة والاستيعاب وهما من أوثق ما ألّف علماءُ السنّة في تراجم الصحابة، ولو أردت أن أعدّ عليك الشيعة من الصحابة وإثبات تشيّعهم من نفس كتب السنّة لأحوجني ذلك إلى إفراد كتاب ضخم.
۳ كما أنّ الإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين (۱۲۹۰ ۱۳۷۷ه) قام بجمع أسماء الشيعة في الصحابة حسب حروف الهجاء، وقال: وإليك
إكمالا للبحث بعض ما يحضرني من أسماء الشيعة من أصحاب رسول الله لتعلم أنّ بهم اقتدينا، وبهديهم اهتدينا، وسأُفرد لهم إن وفّق الله كتاباً يوضّح للناس تشيّعهم، ويحتوي على تفاصيل شؤونهم، ولعلّ بعض أهل النشاط من حملة العلم وسدنة الحقيقة يسبقني إلى تأليف ذلك الكتاب، فيكون لي الشرف إذ خدمته بذكر أسماء بعضهم في هذا الباب وهي على ترتيب حروف الهجاء.
ثمّ ابتدأ بأبي رافع القبطي مولى رسول الله، وختمهم بيزيد بن حوثرة الأنصاري، ولم يشر إلى شيء من حياتهم، وإنّما ألقى ذلك على الأمل أو على من يسبقه من بعض أهل النشاط. إلاّ أنّه رحمه الله ذكر ما يربو على المائتين من أسمائهم.
٤ قام الخطيب المصقع الدكتور الشيخ أحمد الوائلي(حفظ) بذكر أسماء روّاد التشيّع في عصر الرسول في كتابه «هويّة التشيّع» فجاء بأسماء مائة وثلاثين من خُلَّص أصحاب الإمام من الصحابة الكرام، وقال بعد ذكره لتنويه النبيّ باستخلاف عليّ في غير واحد من المواقف:
ولا يمكن أن تمرّ هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها من دون أن تشد الناس لعليّ، ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصيّ النبيّ، ثمّ لابدّ للمسلمين من إطاعة الأوامر التي وردت في النصوص، والالتفاف حول من وردت فيه. ذلك معنى التشيّع الذي نقول إنّ النبيّ(ص) هو الذي بذر بذرته، وقد أينعت في حياته، وعرف جماعة بالتشيّع لعليّ والالتفاف حوله، وللتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأوّل من الصحابة الذين عرفوا بتشيّعهم للإمام عليّ.
٥ آخرهم وليس أخيرهم كاتب هذه السطور حيث قام مجيباً دعوة السيّد شرف الدين فألّف كتاباً باسم «الشخصيات الإسلامية» في ذلك المجال في عدّة أجزاء، طُبع منه جزءان، وانتهينا في الجزء الثاني إلى ترجمة أبي ذر (جندب بن جنادة) ذلك الصحابي العظيم، والكتاب باللغة الفارسية، ونقله إلى العربية الشيخ المحقّق البارع جعفر الهادي وطبع ونشر.
وأخيراً فإنّ من أراد أن يقف بشكل جليّ على روّاد التشيّع في كتب الرجال لأهل السنّة فإنّ هذا الأمر ليس بمتعسّر ولا بممتنع، والتي يمكننا الإشارة إلى البعض منها أمثال:
۱ الاستيعاب لابن عبد البرّ (ت ٤٥٦ه ).
۲ أُسد الغابة للجزري (ت ٦۰٦ه ).
۳ الإصابة لابن حجر (ت۸٥۲ه ).
وغير ذلك من أُمّهات كتب الرجال المعروفة.
المصدر:مركز الامام الصادق للدراسات التخصصية