في السادس والعشرين من شهر رجب من السنة العاشرة للبعثة -على رواية-، توفّي بطلُ الإسلام المؤمن الموحّد عمّ النبيّ(ص) أبو طالب(ره)، مؤمن قريش وحامي النبيّ وكافله بعد أبيه.
إسمه عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم، وكنيتُه أبو طالب، وُلد قبل مولد النبيّ(ص) بخمسٍ وثلاثين سنة، وكان سيّد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكّة، تزوّج من فاطمة بنت أسد، وهو أوّل هاشميّ يتزوّج بهاشميّة، فولدت له أكبر أبنائه من الذكور: طالب (وبه يُكنّى)، وعقيل، وجعفر، وعلي، ومن الإناث: أمّ هاني واسمها (فاخته)، وجُمانة.
لمّا بُعث النبيّ محمّد(ص) إلى البشريّة مبشّراً ومنذراً، صدّقه أبو طالب وآمن بما جاء به من عند الله، ولكنّه لم يُظهر إيمانه تمام الإظهار، بل كتمه ليتمكّن من القيام بنصرة رسول الله(ص) ومَن أسلَمَ معه.
قال الشيخ المفيد(قد): «اتّفقت الإماميّة على أنّ آباء رسول الله(ص) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطّلب مؤمنون باللّه عزّ وجل موحّدون له. وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالب (ره) مات مؤمناً، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد، وأنّها تُحشر في جملة المؤمنين».
وقال الشيخ الصدوق(قد): «اعتقادنا في آباء النبيّ أنّهم مسلمون من آدم إلى أبيه عبد الله، وأنّ أبا طالب كان مسلماً، وأُمّه آمنة بنت وهب كانت مسلمة».
قال أبو بصير ليث المرادي: «قلت لأبي جعفر(ع): سيّدي، إنّ الناس يقولون: إنّ أبا طالب في ضحضاحٍ من نارٍ يغلي منه دماغه! فقال(ع): كذبوا والله، إنّ إيمان أبي طالب لو وُضِع في كفّة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفّة لرجح إيمانُ أبي طالب على إيمانهم. ثمّ قال: كان والله أميرُ المؤمنين يأمر أن يحجّ عن أبي النبي وأُمّه(ص) وعن أبي طالب في حياته، ولقد أوصى في وصيّته بالحجّ عنهم بعد مماته».
وقال الإمام الصادق(ع): «نزل جبرئيل(ع) على النبيّ(ص) فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يُقرئك السلام ويقول: إنّي قد حرّمت النار على صلبٍ أنزلك، وبطنٍ حملك، وحجرٍ كفلك، فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطّلب، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، وأمّا حجرٌ كفَلَك فحجرُ أبي طالب».
ولمّا قُبض(ره) أتى أمير المؤمنين(ع) رسول الله(ص)، فآذنه بموته، فتوجّع لذلك النبيّ(ص) وقال: امضِ يا علي، فتولّ غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني. ففعل أميرُ المؤمنين(ع) ذلك، فلمّا رفعه على السرير اعترضه النبيّ(ص) فرقّ له وقال: (وصلتك رحماً، وجزيت خيراً، فلقد ربّيتَ وكفلتَ صغيراً، وآزرتَ ونصرتَ كبيراً).
ثمّ أقبل على الناس فقال: (أما والله، لأشفعنّ لعمّي شفاعةً يعجب منها أهلُ الثقلين).

المصدر: شبکة الکفیل العالمیة