من مقال للمرجع الكبیر آیةاللهالعظمى الصافی الگلپایگانی(قد)
فی ذكرى هدم قبور الأئمة(ع) فی البقیع
بسم الله الرحمن الرحیم
قال الله تعالى: (وذكرهم بأیام الله)
البقیع بقعة من بقاع المدینة الطیبة، تحتفظ فی ترابها بتراث مهم من تاریخ صدر الاسلام، ولازالت منذ ما یزید على أربعة عشر قرن من الهجرة الشریفة تذكارا لأیام عظام یمثل كل یوم منها سندا تاریخیا مهما للتعریف بالاسلام والرسالة والرسول(ص).
ان المحافظة على هذه الآثار والدفاع عنها، لهو دفاع عن المبادئ الاسلامیة والتوحید والقرآن الكریم.
▪هذه الآثار وسائر الآثار التاریخیة فی بلاد الحرمین الشریفین كانت ولا زالت موضع اعتزاز واحترام وتقدیس جمیع المسلمین، یرون فیها السیرة النبویة وجهاد النبی(ص) وغزواته، وسیرة أهل بیته وأصحابه، ولها من المكانة والاعتبار عند المسلمین ما لیس لغیرها.
▪ان كل مكان فی الحرمین الشریفین مبعث للایمان والبصیرة.
أجل، لا ریب فی أن وجود النبی الأكرم(ص) وكل من یتصل به من أسرته الشریفة وجده عبد المطلب وعمه أبو طالب، وفاطمة بنت أسد زوجة عمه أبی طالب - التی كانت عنده بمنزلة أمه - وزوجته الفضلى خدیجة وأزواجه فی المدینة، وسبطه الأكبر وأحفاده، وحمزة عمه، لهم جمیعا جزء مهم جدا من تاریخ الاسلام.
كما أن غزوة بدر وغزوة أحد والمقامات والمساجد، كموضع مولد النبی، وجبل حراء التاریخی وغاره الشریف - مركز البعثة النبویة وبدایة الدعوة - وبیت أم هانی محل المعراج الشریف، وعشرات الأماكن المقدسة الأخرى، لا شك أنها جمیعا معالم یتعرف الناس من خلالها على دین الاسلام. وتمثل هذه الأماكن التاریخیة بعد الكعبة المعظمة ومسجد النبی فی الحرمین الشریفین هویة المسلمین.
▪لكن یاللاسف، قد تم هدم أكثر هذه المشاهد والمقامات. وحلت بتاریخ الاسلام خسارات فادحة بطمس هذه الوثائق والمعالم التاریخیة، ولا یمكن جبر ما خرب من هذه الدعائم التاریخیة للدین المبین.
▪فی العصر الراهن، اذ تفتخر الدول والشعوب بحفظ تراثها الثقافی وتهتم بتاریخها، نجد أن تراثنا یخرب، أو تغیر وتمحى أسماؤه. لا تجد أیة أمة أو فرد واعی یطمس آثاره وتاریخه بهذا النحو !
▪القرآن الكریم یعتبر (البیت) محلا للایات البینات، و(مقام ابراهیم(ع)) مقاما معززا مكرما، وجدیرا بالاحترام والتقدیس.
ان فی الحرمین الشریفین بقاعا تنتسب لخاتم النبیین محمد(ص). من اللازم أن تبقى هذه المقامات الجلیلة المنسوبة للنبی(ص) عبر الأعصار والأجیال، ویجب أن تكون مقامات محمد(ص) فی مكة وفی المدینة معروفة مشهورة كمقام إبراهیم(ع).
▪ كما أن اسم إبراهیم، خالد كمنار للتوحید الأكبر كذلك اسم محمد ورسالته بالتوحید ومقاماته فی مكة والمدینة یجب أن تخلد وتبقى. وكما أن هدم مقام إبراهیم والمنع من عبادة الله واقامة الصلاة حرام كذلك المنع من تعظیم مقامات النبی الخاتم - وكل واحد منها لمحة من مقام ابراهیم - لا یجوز التطاول علیها.
▪ ان المقدسات فی مكة والمدینة وان صارت هی الان اماكن مسجلة باسماء الاخرین لكنها لا زالت باسم النبی(ص) ومواضع لمآثره الكبرى، ولازالت دعامات للتوحید وتاریخ الدین الاسلامی.
ان خلد ابراهیم بمقام واحد فقد خلد محمد(ص) بكل هذه المقامات.
على المسلمین جمیعا التمسك والاحترام لهذه المقدسات والمقامات الاسلامیة والدعائم التاریخیة وأن لا یسمحوا بنسیاها وتضییعها وهجرها.
▪ یوم الثامن من شوال یوم بدایة تخریب قبور أئمة البقیع القبور النورانیة لأئمة أهل البیت(ع) یوم الجنایة الكبرى على الهویة الاسلامیة. لذا على جمیع المسلمین من السنة والشیعة استنكار هذه الجنایة والتذكیر بهذا الیوم العالمی والمطالبة بإعادة بناء هذه المشاهد العزیزة واحیاء التراث الاسلامی الساطع.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم.
لطف الله الصافی/ المصدر: www.saafi.com