كلمة رئيس التحرير
كربلاء بين الجهل والتكفير… حين يختنق الوعي في قلب الأمة
في زمن يُفترض أن يسود فيه الوعي والتقارب بين المسلمين، يطلّ علينا بين الحين والآخر من يثير النعرات الطائفية ويزرع بذور الكراهية في أرض الأمة الواحدة. ما صدر أخيرًا من أحد المشجعين السعوديين من إساءة إلى مدينة كربلاء المقدسة، لم يكن مجرد زلة لسان عابرة، بل انعكاس لثقافة ملوّثة، نشأت في بيئاتٍ حرّضت على كراهية الآخر حتى فقدت بوصلة العقل والضمير.
كربلاء ليست مدينة عادية، بل رمز للحرية والتضحية، ومهد رسالة خلدها التاريخ بدماء الحسين بن علي(ع)، حفيد رسول الله(ص). من يجهل مكانتها إنما جهل صفحة ناصعة من سيرة الإسلام نفسه. والأسوأ من الجهل، أن يبني البعض موقفه من أكاذيب وأفكار تكفيرية تُشيطن الآخر وتتهم المؤمنين بالشرك، وهم في الحقيقة أقرب إلى الإيمان والتوحيد مما يتصورون.
إنّ تصرف هذا المشجع ليس سوى مثال صغير على ما أنتجته عقود من تغذية العقول بخطاب الكراهية، الذي جرّ الويلات على الأمة ومزّق صفوفها. إن الفكر التكفيري لا يقف عند حدود الجهل، بل يتحوّل إلى أداة طيّعة في يد القوى التي تتربص بالإسلام والمسلمين، تسيره كما تشاء، وتستغل جهله لخدمة مصالحها.
نحن بحاجة إلى ثورة وعي تعيد للمسلم قدرته على التمييز بين الحقيقة والزيف، بين العدو الحقيقي والخصم الوهمي. ومن واجب العلماء والمثقفين والإعلاميين أن يواجهوا هذه الأفكار المسمومة بالحجة والعقل، لا بالصمت أو المجاملة. فالإساءة إلى كربلاء أو إلى أي رمز ديني ليست إساءة لطائفة بعينها، بل هي طعنة في خاصرة الأمة كلها.
إنّ كرامة الأمة تُصان بالاحترام المتبادل، ووحدتها تُبنى على المحبة والعقل لا على الجهل والتكفير.
برچسب ها :
ارسال دیدگاه




