
شهداء الفضیلة
الشهید السيد نور الله الطباطبائي نجاد(قد)
في أحد أيام عام 1319 هـ.ش، وُلد طفلٌ في أسرةٍ دينيةٍ مجاهدة، هي أسرة الحاج ميرزا علي آقا الطباطبائي، فاختار له والده اسم "السيد نور الله".
قضى السيد نور الله طفولته في بيتٍ متزينٍ بزينة العلم والإيمان والتقوى، وكان يزداد يومًا بعد يومٍ اهتمامًا بطريق الصلاح والفلاح، ويتحلى بمكارم الأخلاق وفضائل الأخيار.
بعد إكماله دراسته الابتدائية، هاجر إلى مدينة قم المقدسة وهو في سنٍّ مبكرةٍ؛ طلبًا لمزيدٍ من المعرفة بعلوم القرآن والعترة الطاهرة، واستوطن هذه الديار المباركة في مرحلة شبابه.
وبعد اجتيازه المراحل العلمية المختلفة، نال شرف التلمذة على يد المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني(قد)، فنهل من علومه، وزرع في نفسه مكارم الأخلاق والفضائل، حتى صار من روّاد الفكر وحملة الراية في الساحة الدينية.
وبفضل ارتباطه العلمي بالمفكر الشهيد آية الله مرتضى مطهري(قد)، لعب دورًا بارزًا في الدفاع عن العقيدة، ومواجهة التيارات المنحرفة، وتنقية الثقافة العامة من الخرافات، إلى جانب عشرين عامًا من البحث والتدريس. لم يغفل خلالها عن استكشاف مصادر القرآن الكريم، بل أدرك بوعيٍ تامٍ متطلبات عصره، فانطلق بإخلاصٍ مع ثلةٍ من زملائه الفضلاء، وتحت إشراف آية الله مكارم الشيرازي، في تأليف تفسير "نمونه". ومع الإقبال الكبير على المجلد الأول من هذا التفسير القيم، تضاعف حماس الناس لمتابعة هذا العمل المبارك، مما دلّ على الحاجة الملحّة إلى تفسيرٍ واضحٍ وسلسٍ. وقد كان له شرف المساهمة الفعالة في أحد عشر مجلدًا من هذا التفسير النفيس.
وقد كتب آية الله مكارم الشيرازي في مقدمة المجلد الحادي عشر من تفسير "نمونه":
«كان المرحوم حجة الإسلام والمسلمين السيد نور الله الطباطبائي من أعزّ زملائنا في تأليف هذا التفسير، كما كان نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي. لقد كان رجلًا حازمًا، شجاعًا، صبورًا، عالمًا، متدينًا، مخلصًا ومفعمًا بالمشاعر الصادقة، يتمتع بحرارةٍ وصفاءٍ خاصّين، ونشعر دائمًا بفراغه في مجلس أصدقاء تفسير "نمونه". نسأل الله أن يغمره برحمته الواسعة، ويحشره مع شهداء بدر وأحد وأبطال كربلاء».
كان يشعّ كاللهب المتوهّج، وينهل الكثيرون من نور كلماته. وفي أجواء القمع السياسي، جاب مختلف أنحاء البلاد هاديًا ومرشدًا للناس، حتى تعرّض عدة مرات للضرب على يد عناصر السافاك، بعد صلاتي المغرب والعشاء، في حرم السيدة فاطمة المعصومة(س)، بسبب شرحه لخطابات الإمام الخميني(قد).
وكان أسلوبه الخاص في توزيع بيانات الإمام الخمیني(قد)، الذي امتزج بالحذر والتقية، مربكًا تمامًا لعناصر السافاك. وبفضل حكمته، حرص دائمًا على تجنب منح السلطات أي ذريعةٍ قد تُعقّد استمرار نضاله أو تُعرّض رفاقه للخطر.
وفي عام 1349 هـ.ش، وبعد معارضته العلنية للقوانين المناهضة للإسلام والتشيع التي أقرها البرلمان الصوري لنظام الشاه، أُصدر بحقه قرارٌ بمنعه من اعتلاء المنبر، كما نُقل إلى مقرّ السافاك المركزي في أصفهان، بعد أن جرى تلفيق ملفٍّ أمنيٍّ ضخمٍ له.
تحلى هذا العالم الرباني بصفاتٍ كريمةٍ وخصالٍ حميدةٍ كثيرةٍ، لكنّ تواضعه الخاص الذي كان يتجلى في مختلف مراحل حياته، كان الأبرز بينها.
ورغم أنه كان قادرًا على تأمين حياةٍ ماديةٍ مريحةٍ بفضل ميراث عائلته، إلا أنه آثر العيش ببساطةٍ، مكتفيًا بأقلّ الضروريات، مكرّسًا حياته لهداية الناس وإرشادهم.
وفي السابع من تير عام 1360 هـ.ش، ارتقى السيد نور الله الطباطبائي شهيدًا إلى جوار ربه، حيث استُشهد مع قائد شهداء الثورة الإسلامية، آية الله الدكتور بهشتي، و72 من رفاق الإمام الخميني الأوفياء، في التفجير الإرهابي الذي استهدف مقرّ حزب الجمهورية الإسلامية.
برچسب ها :
ارسال دیدگاه