printlogo


printlogo


تقریر
استراتيجيات فتح الآفاق للفلسفة الإسلامية

الاجتهاد: يعتقد رئيس مكتب الاعلام الإسلامي أنه إذا كان اتجاهنا في الفلسفة الإسلامية هو ما ينبغي أن يكون وكيف ينبغي أن يكون، فعلينا أن نتبنى استراتيجيات تؤدي إلى فتح آفاق للفلسفة الإسلامية.
وفقا لتقرير العلاقات العامة للمعهد العالي للعلوم والثقافة الإسلامية، نقلا عن وكالة ايکنا للأنباء من أصفهان، أقيم قبل أيام (العاشر من شهر جمادي الأولى 1445هـ) في مكتب الإعلام الإسلامي باصفهان اللقاء الثالث لسلسلة لقاءات الفلسفة الإسلامية، حول موضوع (ضرورة إحياء الفلسفة الإسلامية وکيفيتها).
وفي كلمة قام رئيس مكتب الإعلام الإسلامي في الحوزة العلمية بقم حجة الإسلام الدكتور أحمد واعظي بتبين مسار العلم وتقويته وترويجه وقال: إنّ للعلم والمعرفة وفروعها هوية جماعية. وهذه الميزة مناقضة لأشياء مثل الأدب والفن والتي تعود إلى إبداع المؤلف.
وهذه الميزة أي الهوية الجماعية في العلم والمعرفة تعني يمكن للآخرين المشاركة في محتوى المعرفة والعلم المقدم. أي أن الآخرين ليسوا سلبيين تجاه إنتاج المعرفة ويمكنهم تطوير هذه المعرفة أو تعديلها.
في ظل هذه الظروف، فإن اتساق العلم ينتمي إلى المجتمع العلمي وإقباله؛ إذا قبل المجتمع العلمي محتوی العلمي والمعرفي واهتم به، فهذا تدلّ علی نمو ذلك المجتمع العلمي وارتقائه، وإذا أهمل محتوى العلمي والمعرفي، فإنه لم يعد أمرًا متطورًا وخطيرًا.
وتابع الدكتور واعظي: عندما نريد الحديث عن تعزيز مكانة موضوع ما وتقويتها، يجب أن نأخذها بعين الاعتبار في جغرافيتها الحالية. وبعبارَة أخری لمناقشة قضية ما، أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نتعرف على جغرافيتها؛ بدون هذا التعرف، من المستحيل التحدث عن الترويج لهذا الموضوع وتقويته. عندما نتحدث عن أهمية وكيفية تعزيز وتقوية الفلسفة الإسلامية، يجب أن نعرف كيف تكون الجغرافيا الفلسفية في العالم.
 
*تيارات الفكر الفلسفي في العالم المعاصر
وأشار رئيس مكتب الاعلام الإسلامي في حوزة قم إلى التيارات الفلسفية المعاصرة وقال: لقد شهد الفكر الفلسفي في العالم المعاصر ثلاثة تيارات رئيسية. التيار الأول هو نهاية الفلسفة النظرية. من وجهة نظر تيار مثل هذا التيار، فإن فکرة إمکان اكتشاف الحقائق لأنفسنا والإيصال إلى المعرفة في البعد النظري بمساعدة العقل لم تعد مقبولة.
لهذا السبب هذه الفکرة تعلن نهاية الفلسفة النظرية. هذه المجموعة تترك فقط قسم الفلسفة العملية. حسب موقف هذا التيار تبقي فقط قسم الفلسفة العملية وأن الفلاسفة ليسوا بقادرين على اكتشاف الحقيقة، لكن يمكنهم تعلم أصل المعرفة وماضيها.
وأضاف واعظي: التيار الثاني من الجغرافيا الفلسفية المعاصرة هو تيار يدعو إلى تغيير اتجاه الفلسفة. يعتبر هؤلاء الناس أن تاريخ الفكر الفلسفي يحتوي على أخطاء. من وجهة النظر هذه، يجب تغيير الفلسفة التقليدية وتجنب الاستنتاج العقلاني.
على سبيل المثال، تقول التيارات (الوجودية) أنه في تاريخ الفلسفة بأكمله، يُعرف الإنسان بأنه عامل المعرفة، وقد تم دائمًا الحديث عن البعد المعرفي للإنسان. هؤلاء الناس ينتبهون إلى عاملية الإنسان و بعد اختياره. ما يميز هذه الحركة أنها تحيد عن النهج التقليدي وتقدم مقترحات جديدة لبقاء الفلسفة النظرية.
وحول التيار الثالث قال حجة الإسلام واعظي موضحاً: هذا التيار هو تعميم وازدهار الفلسفات المضافة. في الواقع، من المفترض أن تتعامل مع الفروع الفرعية للفلسفة النظرية مثل فلسفة العقل وفلسفة الدين وفلسفة الثقافة وفلسفة العلوم الاجتماعية، إلخ. وبدلاً من التركيز على الأنطولوجيا العامة والفلسفة الأولى، يركز هذا التيار على الفروع الفرعية للفلسفة.
 
*نمو الفكر الفلسفي في إيران بعد الثورة الإسلامية
وأضاف: في إيران بفضل الثورة الإسلامية والتغييرات التي حدثت بعد ذلك، فإن حالة التفكير الفلسفي لا مثيل لها من قبل، ونحن نشهد نموًا كميًا ونوعيًا جيدًا. ازداد إلمامنا بالفلسفات الغربية وأصبحنا أكثر ثراءً. عندما يُسأل عن كيفية تحسين وتقوية الفلسفة الإسلامية، نواجه السؤال: ما هو تصورنا للفلسفة الإسلامية؟
أحيانًا نعتبر الفلسفة الإسلامية كما هي وكهوية تاريخية. أحيانًا نعتبر الفلسفة الإسلامية كما يمكن وينبغي أن تكون، من منظور تنموي. بالطبع يمكننا تقوية الفلسفة الإسلامية وفقًا لكل من هاتين النظرتين. وهاتان النظرتان ليسا مانعتين للجمع ويمكن أن يحدثا معًا.
وناقش عضو هيئة التدريس بجامعة باقر العلوم(ع) الرأي الأول وقال: إذا كان لدينا الرأي الأول، فإن استراتيجيتنا لتعزيز الفلسفة الإسلامية وتنميتها هي إما ترويجية أو تعليمية وبحثية. أي أننا نحاول تعزيز الهوية التاريخية للفلسفة الإسلامية ونحاول تعريف الآخرين بتلك الهوية التاريخية للفلسفة.
يمكننا أيضًا توسيع مجال البحوث والدراسات المتعلقة بالفلسفة الإسلامية وتحليل وجهات النظر المختلفة في الفلسفة الإسلامية. حسب رآيي، في هذه العقود الأخيرة التي تلت انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، حدث هذا وتم اتخاذ خطوات جيدة في هذا المجال.
وأكمل واعظي: لكن إذا واجهنا الفلسفة الإسلامية بالنهج الثاني ورأيناها كما ينبغي ويمكن أن تكون وطورنا نطاق قضاياها، فإن الاستراتيجية الرئيسية ستتغير. بسبب تغيير الاستراتيجية في هذا الصدد، يمكن أن يكون لدينا استراتيجيتان عامتان؛ تتمثل الإستراتيجية الأولى في فتح آفاق فلسفية جديدة والاستراتيجية الثانية هي الانخراط في الانعكاسات الفلسفية المعاصرة والحدود الجديدة للفكر الفلسفي.
من وجهة نظري، إذا حدثت الإستراتيجية الأولى، فسندخل الإستراتيجية الثانية تلقائيًا وبشكل طبيعي. أي أن الإجراءات المتعلقة بالاستراتيجية الأولى تفتح المجال لتنفيذ الاستراتيجية الثانية، وإذا لم يتم الاهتمام بالاستراتيجية الأولى، فلن يتم تنفيذ الاستراتيجية الثانية على الإطلاق.
 
*لا يوجد في الوقت الحالي توازن بين الحكمة العملية والنظرية
وقدم حجة الإسلام واعظي اقتراحات بشأن تنفيذ الاستراتيجية الأولى وقال: من أهم الإجراءات لتنفيذ هذه الاستراتيجية الانتباه إلى الحكمة العملية.
في الواقع، على الرغم من اهتمام كبار فلاسفتنا بالحكمة العملية منذ الماضي، وقد لاحظ الفلاسفة مثل الفارابي التوازن بين الحكمة العملية والنظرية، ولكن مع تقدم الفلسفة الإسلامية من حيث الزمن، فقد اختل هذا التوازن وتركز أبحاث وجهود الفلاسفة الإسلاميين في الغالب على الفلسفة النظرية والفلسفة الأولى.
ما نحتاجه الآن هو أن نأخذ الفلسفة العملية على محمل الجد، ويجب أن يبدأ هذا المسار. أحد الإجراءات الجيدة لفتح الحكمة العملية هو مقارنة مساهمات الفلاسفة المسلمين بالقضايا التي أثيرت في الفلسفة المعاصرة. بهذه الطريقة، يمكننا أن نقيم توازنًا تدريجيًا بين الحكمة العملية والنظرية.
وأضاف: هناك طريقة أخرى تساعد على فتح آفاق للفلسفة الإسلامية وهي تعزيز فروع الفلسفة أو ما يعرف بالفلسفات المضافة. هذه الفلسفات مجالات يمكننا أن نفتحها على أنفسنا ونساهم في إثراء الفلسفة الإسلامية وتعزيزها من خلال الدخول المتناسب ووفقًا لأسس فلسفتنا النظرية.
في ظل دخول في هذه المجالات تتعزز الفلسفة الإسلامية وستكون إنجازاتنا في هذه المجالات من إنجازات الفلسفة الإسلامية. طريقة أخرى هي أخذ الفلسفة المقارنة على محمل الجد. في الوقت الحالي في الفلسفة المعاصرة، يعمل بعض الناس في مجال الفلسفة الأولی، مثل السببية والضرورة والمقولات الثانوية، إلخ. من خلال دراسة هذه الأعمال وتقاليدنا الفلسفية، يمكننا إيجاد أرضية مشتركة والوصول إلى نتائج جيدة.
وقال رئيس مكتب الاعلام الاسلامي، في إشارة إلى طريقة أخرى لفتح آفاق الفلسفة الإسلامية: ربما يكون الصراع مع الإلحاد الحديث طريقة أخرى لإثراء الفلسفة الإسلاميّة. الحقيقة هي أن الإلحاد آخذ في الازدياد بين المتعلمين.أصل الإلحاد الحديث هو الاستغلال الفلسفي للبحث العلمي.
يوجد هنا أيضًا مجال جيد جدًا لنمو الفلسفة الإسلاميّة والترويج لها. إذا دخلنا بجدية في هذه المجالات، فسنضع أنفسنا في الجغرافيا الحالية للفكر الفلسفي وسنتعامل معها نتيجة لذلك. هذا الصراع في حد ذاته يسبب نمو وثراء الفلسفة الإسلاميّة.
المصدر: المرکز العالی للعلوم و الثقافة الإسلامیة