printlogo


printlogo


□ مقالة
القواعد الفقهية في التراث الفقهي الإمامي تأسيسا وتطويرا

الانتباه: الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي «الآفاق» بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها
▪ حاجة العصر الى تقعيد الفقه والتنظير الفقهي‌‏
إن المستجدّات في مرحلتنا الراهنة وبعد دخول الفقه الى ميدان المجتمع كعنصر محوري وأساس يتطلّب ‏جهوداً علمية أصيلة من حيث الاهتمام بمحورية الشريعة في الحياة الاجتماعية، وتوجه الفقهاء الى تطبيق ‏الشريعة في المجتمع، هذا ما يتطلّب:‏
أوّلًا: رؤية اجتماعية للاسلام.‏
ثانياً: كما يتطلّب فهماً اجتماعياً للنصوص.‏
ثالثاً: ويحتاج إلى فهم القواعد العامة والخاصة للشريعة.‏
رابعاً: عدم إغفال فقه المقاصد وفلسفة الفقه.‏
خامساً: وبالتالي الدخول الى عصر التنظير الفقهي وتدوين الأنظمة الفقهية التي تلبّي كلّ الحاجات ‏الاجتماعية الانسانية على أساس الاسلام الذي جاء ليظهر على الدين كلّه ويغطّي كلّ الساحات ‏الاجتماعية ويمثّل خط الهداية الربّانية في كلّ مجالات الحياة.‏
▪ ‏ ‏من فقه المقاصد إلى فقه القواعد‌‏
إنّ القرآن الكريم ثمّ نصوص أهل البيت (ع) تبعاً للقرآن الكريم هي‌ المصادر الاولى التي اهتمت بطرح ‏وتبيان مقاصد الشريعة.‏
غير أنّ الفقه ولأسباب خاصة كانت قد أحاطت به أخذ يبتعد عن الاهتمام بمقاصد الشريعة بالتدريج ‏وأصبح يركّز على تفاصيل الأحكام الشرعية وأدلّتها ويلتمس الوثائق والأدلّة لمستحدثات المسائل بعيداً ‏عن محور العلل والمقاصد حتى أغفل الفقهاء- في بعض المراحل من هذه الحركة الفقهية- الاهتمام ‏بالمقاصد التي تشكل الاطار الأول والعام للأحكام والنظريات الفقهية حيث يكون إغفالها موجباً لخروج ‏الفقه عن المسيرة التي اعدّت له في الحياة.‏
وحين نتتبّع هذا الاهتمام بالمقاصد الشرعية للأحكام الإلهية عند فقهائنا نجد الشهيد الأول من الروّاد ‏الذين أدلوا بدلوهم الكبير وممّن اهتم بهذا الحقل اهتماماً رائعاً كما جاء في كتابه النفيس (القواعد ‏والفوائد).‏
فالشهيد الأول ركّز في قواعده بشكل عام على المقاصد الشرعية كما في القواعد رقم (4 و5 و6) حيث ‏ربط القواعد الشرعية بالمقاصد، وجعلها كلّها مصاديق وطرقاً لتحقيق مقاصد الشريعة التي تتلخّص في ‏جلب النفع ودفع الضرر عن الانسان في الآخرة والدنيا بشكل أساس ووزّعها على مجالات خمسة، هي: ‏النفس والدين والعقل والنسب والمال.‏
ولعلّ في عبارة المقداد السيوري من أنّه «يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيساً للطلبة بكيفية ‏استخراج المنقول من المعقول» إشارة واضحة إلى هذا المنحى المقاصدي في هذه القواعد.‏
من هنا يمكن القول بأنّ الاتجاه العام في قواعد الشهيد الأوّل هوالاهتمام بالقواعد الفقهية على أساس ‏الاهتمام بالمقاصد الشرعية، وهي حقيقة مهمة وأساسية لا يمكن إغفالها حين دراسة القواعد الفقهية من ‏خلال النصوص الدينية التي وردت حول هذه القواعد. ويشهد لذلك قلّة اعتماده على النصوص التي ‏تكفّلت ببيان هذه القاعدة إذا ما قسنا ذلك بما جمعه المتأخّرون من‌ النصوص حول كلّ من هذه القواعد.‏
بينما سار المحقق القمي باتجاه كيفية اقتناص القاعدة الفقهية من النصوص المأثورة، فالبحث عن قاعدة ‏نفي الضرر عند المحقق القمي قدس سره قد اتجه بهذا الاتجاه بكلّ وضوح.‏
وتكفي مقارنة بسيطة بين النصّين: نصّ الشهيد الأول ونصّ المحقق القمي لفهم هذا الانتقال.‏
وقد جاء بحث الفاضل النراقي لقاعدة نفي الضرر على أعتاب هذا الاتجاه الجديد، فالفاضل النراقي قد ‏اتّبع منهج المحقق القمي وطوّره متّجهاً إلى فقه النصوص المأثورة وكيفية معالجتها لاقتناص قاعدة فقهية ‏ذات مستند منصوص في روايات الفريقين أيضاً.‏
والشهيد الأوّل قد ذكر بشكل عام أنّ القواعد تستند إلى الكتاب والسنّة والإجماع والعقل، وذكر منها ‏قاعدة نفي الضرر، وأشار في مطاوي بحثه عن مصاديق هذه القاعدة إلى آية قرآنية واحدة، ولكن القرآن ‏الكريم حافل بآيات تكلّمت عن نفي الضرر ولم يُشر اليها أيّ واحد من هؤلاء الفقهاء بدءاً بالشهيد ‏وانتهاء بالنراقي والميرفتاح والشيخ الأنصاري، فهل في ذلك ما يردّ الاستدلال بها؟! أم إنّه غفل عنها ‏انسياقاً مع الاتجاه الأخباري في التغافل عن كتاب اللّٰه والاهتمام بنصوص الحديث فقط؟! أم أنّ ‏نصوص الكتاب ذات إجمال ونصوص الحديث ذات بيان وتبيان؟! واللّٰه أعلم بحقيقة الحال.‏
▪ ‏ ‏الفاضل النراقي بين القمي والمراغي‌‏
إنّ الموقع المتميز للفاضل النراقي في مجال تدوين القواعد الفقهية يتجلّى بوضوح حينما نقارن بحوثه مع ‏من سبقه من كبار تلامذة الوحيد البهبهاني كالمحقق القمي، وحينما نقارنها مع من عاصره كالمير فتاح ‏الحسيني.‏
ويمكن أن نستشهد بما أنجزه المحقق القمي في مجال قاعدة نفي الضرر‌ كمصداق من مصاديق هذا البحث ‏المقارن من جهة، وما أنجزه المير فتاح في نفس هذه القاعدة من جهة اخرى لتبيين مستوى إنجاز ‏النراقي في هذا المجال باعتباره قد سبق المير فتاح وتأخّر عن الميرزا القمي قدس اللّه أسرارهم ‏جميعاً.‏
أمّا المحقق القمي الذي يعدّ إنجازه ثالث إنجاز- حسبما اطّلعنا عليه- في مجال قاعدة نفي الضرر بعد ‏الشهيد الأوّل (786 ه‍) والفاضل التوني (1071 ه‍) بحسب ما لدينا من مصادر في هذا المجال فإنّنا نجده ‏يحاول تقديم مادة فقهية مستندة ومشروحة حول القاعدة بعد أن كان الشهيد قد اكتفى بطرحها مشيراً إلى ‏مصدرها فقط، وبعد أن كان الفاضل التوني قد تعرّض لفقه حديث «لا ضرر ولا ضرار» بشكل مقتضب ‏جداً مع محاولة إقحامه في البحث الاصولي في وافيته متكلّماً عن دلالة الحديث بشكل مختصر جداً، نرى ‏المحقق القمي يقوم بشرح الحديث ويبيّن تعدّد طرقه ومصادره، وفي هذا دعم لمستند القاعدة، ثمّ يقارن ‏القاعدة المستفادة منه مع الاصول العملية وسائر الأدلّة الفقهية ليبيّن موقع هذه القاعدة في عملية ‏الاستنباط ويجيب على الإشكالات المتصوّرة أوالمطروحة على هذه القاعدة، كما يتعرّض لتطبيقات هذه ‏القاعدة بشكل إجمالي، كلّ هذا في كتابه (قوانين الاصول) في ذيل البحث الذي طرحه الفاضل التوني في ‏مبحث أصالة البراءة. فالمحقّق القمي يكون قد أدخل البحث عن قاعدة نفي الضرر في مرحلة جديدة وله ‏قصب السبق في هذا المجال.‏
ولكن هذا التطوير قد حظي بتطور كمّي وكيفي في منهج البحث على يد الشيخ المولى أحمد النراقي قدس ‏سره، واستمر هذا التطوير الذي أحدثه النراقي بشكل وآخر بعد أن أرسى دعائمه، حتى نجد أنّ ملامح ‏إنجاز النراقي يهيمن على كلّ ما كُتب من بعده، بدء من تلميذه الشيخ الأنصاري وحتى يومنا هذا.‏
▪ ‏ ‏‏ ‏مقارنة بين منهجي النراقي والمراغي‌‏
إنّ المير فتاح الحسيني- الذي تتلمذ على يدي شيخيه العظيمين من آل كاشف الغطاء: موسى وعلي ابني ‏الشيخ جعفر الكبير- قد اختلفت معالجته‌ للقاعدة المبحوث عنها، وهي قاعدة نفي الضرر.‏
قال الفاضل النراقي: «قاعدة في نفي الضرر والضرار: قد شاع استدلال الفقهاء في كثير من المسائل الفقهية ‏بنفي الضرر والضرار، وتحقيق المقام يستدعي رسم أبحاث، البحث الأوّل في نقل الأخبار الواردة في ذلك ‏المضمار ...».‏
بينما قال في العناوين: «عنوان: من جملة الاصول المتلقّاة من الشريعة «قاعدة الضرر والضرار»، وهومن ‏القواعد الكثيرة الدوران، العامة النفع، ويبتني عليه كثير من الفروع في الفقه إلّا أنّ الاجمال المخلّ إنّما ‏هوفي معناه وفي كيفية دلالته، ولهم في ذلك كلمات كثيرة، والذي ينبغي البحث في ذلك تنقيح المراد منه ‏بحسب ما يستنبط من كلمات الأصحاب؛ لأنّها المعيار في أمثال الباب، فلا بدّ أولًا من ذكر المقامات التي ‏استندوا فيها إلى قاعدة نفي الضرر حتى يتّضح من مجموعها ما ينبغي أن يقال في ضبط المعنى والمراد ‏وتحرير الاستدلال ليكون جامعاً بين النصّ والفتوى».‏
فالنراقي يركّز على النصّ بينما يركّز المراغي على النص والفتوى ويبدأ النراقي، بالنصّ بينما يبدأ المراغي ‏بموارد الاستدلال والاعتماد على هذه القاعدة في أبواب الفقه، ويقوم بعملية الاستقراء ضمن جولة مفصّلة ‏في كلّ أبواب الفقه ليرى رأي الفقهاء فيها من خلال استعمالهم لها، ويعتبر تداول الفقهاء لها وموارد ‏الاستناد اليها هي الغرض الأهم للفقيه، بينما يقف النراقي عند تحليل النصّ الوارد في هذا المضمار ولا ‏يعير أهمية لفهم الفقهاء أواستدلالهم بها في الموارد الكثيرة التي استندوا اليها في عامة أبواب الفقه. وهذا ‏فارق منهجي ملفت للنظر ويفرز نتائج خاصة في عملية الاستنباط بشكل عام.‏
وأمّا سائر النقاط التي تعرّض لها النراقي بعد استعراض روايات نفي الضرر التي أنهاها إلى إحدى عشرة ‏رواية فهي:‏
‏1. معنى الضرر و الضرار لغة و موارد استعمالهما في العرف و اللغة.‏
‏2. معنى نفي الضرر و الضرار و بيان المحتملات في معنى الضرر و بيان نتائج كلّ احتمال.‏
‏3. إنّ نفي الضرر أصل و قاعدة ثابتة بالأخبار المستفيضة و غيرها من اصول التشريع.‏
‏4. معالجة حالات التعارض بين هذه القاعدة و سائر الأدلّة.‏
‏5.   مفاد نفي الضرر هو نفي الحكم، لا إثبات حكم و تعيينه. ثمّ مناقشة ما ارتكبه كلّ من الفاضل التوني ‏والمحقق القمي في هذا المجال.‏
‏6. الملاك في تحديد الضرر المنفي.‏
‏7. موارد تعارض نفي الضرر مع دليل آخر.‏
‏8. التكاليف الشاقة الضررية ظاهراً و علاقتها بدليل نفي الضرر، و مناقشة المحقق القمي في ذلك.‏
‏9. ما يكون جبراً للضرر، و مدى دخوله في مورد تعارض الضررين.‏
‏10. حكم الإذن بالضرر.‏
‏ ‏وأمّا منهج المير عبد الفتاح المراغي حيث لخّص البحث فيما يلي:‏
‏1. استقراء موارد تعرّض الفقهاء لقاعدة نفي الضرر من خلال تطبيقاتها، ثمّ استنتج معنى عاماً منها.‏
‏2. عرّج على مستندهم لهذه القاعدة و هي الأخبار المتواترة، كما أضاف اليها دليل العقل.‏
‏3. ثمّ ذكر المعنى اللغوي من مصادر اللغة.‏
‏4. ثمّ تعرّض لموارد الضرر من الأعيان والمنافع و الحقوق و النفس و البدن و العرض، و الضرر بالفعل ‏و الضرر بالقوة.‏
‏5. ثمّ بيّن المراد من نفي الضرر، و ناقش المحقق القمي في ذلك، كما ناقش صاحب العوائد.‏
‏6.   ثمّ بحث في مدى قبول هذه القاعدة للتخصيص، و ناقش القمي أيضاً‌ من جهة، وصاحب العوائد من ‏جهة اخرى.‏
‏7. ثمّ ذكر أنّه هل يقبل الاذن أو لا؟‏
‏8. وناقش صاحب العوائد في أنّ قاعدة الضرر لا تثبت حكماً ولا تعيّنه.‏
‏9. كما ناقشه في مسألة تعارض الضررين أيضاً.‏
‏10. وبحث أيضاً تعارض قاعدة نفي الضرر مع مفاد عموم سلطة الناس على أموالهم.‏
‏ ‏وأمّا المحقق المدقق الشيخ الأعظم الأنصاري الذي تتلمذ عند الفاضل النراقي فقد لخّص رسالتي النراقي ‏والمراغي وهذّبهما وإن كان قد اتّبع المنهج العام لأستاذه النراقي وناقش من سبقه، ولكن الفضل يعود ‏لهذين العلمين اللذين تباريا في هذا المضمار وقدّما للفقهاء ثمرة جهدهما العلمي من الفكر والإبداع.‏
▪ ‏ ‏‏الخطوط العريضة لدراسة القواعد الفقهية بشكلٍ منهجي‌‏
إنّ ما نستخلصه بعد المقارنة هو ضرورة الاهتمام بالمنهج العلمي المتكامل الذي رسم كلّ واحد أو كلّ ‏مجموعة من الفقهاء القدامى والمحدّثين بعض خطوطه العريضة، ويتلخّص في مجال البحث عن القواعد ‏الفقهية بما يلي:‏
‏1. استقصاء مقاصد الشريعة في الكتاب والسنّة استقصاءً تامّاً مع تمييز المقاصد العامة لها.‏
‏2. استقصاء القواعد الفقهية وتنظيمها بشكل هرمي يجمع القواعد العامة لكلّ مجالات الحياة وأبواب ‏الفقه الى جانب القواعد الخاصة بكلّ مجال وبكلّ باب فقهي.‏
‏3. التوجّه الى كتاب اللّه لاستخراج هذه القواعد من النصوص مباشرة أو من خلال مصاديقها حسب ‏منهج استقرائي قابل للاحتجاج به.‏
‏4. التوجّه الى نصوص الحديث ودراستها سنداً ونصّاً ودلالةً.‏
‏5. مقارنة ما أفرزته نصوص الكتاب مع ما أفرزته نصوص السنّة و ملاحظة المقاصد التي تشكل الإطار ‏العام لكلّ التشريعات لئلّا نخرج في فهمنا‌ واستنباطنا عن ذلك الإطار الذي حدّدته نصوص الكتاب و ‏السنّة.‏
‏6.   الاهتمام بالمصاديق و الفروع التي جاءت في الكتاب و السنّة، ثمّ الفروع التي ذكرها الفقهاء و ‏ملاحظتها ضمن الاطار العام الذي حدّدته نصوص الكتاب و السنّة.‏
‏7.   إنّ الفهم الاجتماعي للنصوص أصل لا بدّ منه، بمعنى ضرورة رؤية هذه النصوص من زاوية أنّ ‏الاسلام دين أبدي اجتماعي، فهو يصلح لكلّ المجتمعات البشرية على مدى الأجيال ما مضى منها وما ‏سيأتي، وأنّه جاء لإدارة شئون الحياة الفردية التي تقع في إطار اجتماعي دائماً بالإضافة إلى أنّه يحمل ‏دعوى رسالة شاملة لكلّ مجالات الحياة وأنّ قوانينه قوانين دقيقة حيّة لتنظيم حياة المجتمعات بل العالم ‏الانساني أجمع.‏
إذن، لا ينبغي أن نغفل عن هذه الحقائق التي تدخل كقرائن لُبيّة في فهم النصوص الدينية وتؤثّر بلا ريب ‏في كيفية استنباط الأحكام من خلال النصوص.‏
‏8. وعلى هذا فالقواعد الفقهية لا تُدرس بشكل منفصل عن بعض، ما دامت تدخل في بنية النظام ‏الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتربوي والأخلاقي الاسلامي، بل تلاحظ مترابطة، كما قد تدخل ‏تطبيقاتها في أكثر من مجال.‏
‏9. وتبقى قضية الاسس الأخلاقية التي يبتني عليها فقهنا الإسلامي قضية جوهرية تدخل في صميم ‏فقهنا، و ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار في كلّ مجالات الاستنباط، سواء كان الاستنباط على مستوى ‏حكم فردي أو اجتماعي فرعي، و في قضية معيّنة أو على مستوى قاعدة فقهية أو نظرية فقهية أو نظام ‏فقهي.‏
وما قاله العدلية من ابتناء كلّ الأحكام الأخلاقية على مسألتي حسن العدل و قبح الظلم يعتبر مؤشّراً ‏واضحاً لهذا الاتجاه، حيث نعتبر الشارع الأقدس لا يتجاوز هذين الأساسين، ممّا يعني أنّ الشريعة ‏الإسلامية في روحها شريعة‌ ذات محتوى أخلاقي وأسس قيميّة فريدة. وقد أيّد القرآن الكريم هذا ‏التأسيس الرائع حين قال تعالى عارضاً الخطوط العريضة للشريعة الإسلامية في محكم كتابه الخالد: [إِنَّ ‏اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ ‏يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ].‏
‏10. إنّ في هذا الذي نصّت عليه الآية الكريمة لبلاغاً لقوم يعقلون و يتفقّهون، و ذلك حين ‏يلتفتون إلى أنّ هذه الآية المباركة قد جمعت في نفسها كلّ اطر التشريع الإسلامي و الوجهة التي تتوجّه ‏إليها الشريعة الغرّاء في تفاصيل أحكامها، و كم لها من نظير يستحق التأمل و الدراسة الجادّة حين تصنّف ‏مداليل الآيات حسب تسلسلها الهرمي من الاسس الى الخطوط العريضة الى التفاصيل ثمّ الفروع و ‏التطبيقات.‏
وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب.‏
المصدر: مجلة فقه أهل البيت ((ع)) (بالعربية)، ج٤٣‏