printlogo


printlogo


□ مقال
خصوصية زيارة الأربعين للإمام الحسين‌(ع)
لعل أبرز ما يميز زيارة الاربعين ويحيطها بالخصوصية هو ما تحمله من معاني استذكار الآلام والمصائب والمحن التي حلَّت بالإمام الحسين(ع) وأهل بيته الكرام(ع)، ابتداءً من رجوع السبايا من الشام إلى العراق في العشرين من صفر من أجل دفن الرأس الشريف مع الجسد، وما قاسته من آلام السبي وفقدان الإمام وظلم السلطة واضطهادها. فكان هذا التاريخ يمثل رمزاً وإحياءً لكل مشاعر الحزن والأسى واستذكاراً لهذه الواقعة الأليمة.

ومن هنا جاءت الأحاديث والروايات في حث المحبين والموالين لسيد الشهداء على زيارته في جميع الأوقات بشكل عام وعلى زيارته في الأربعين على وجه الخصوص لما لهذه الزيارة من أهمية في توطيد مشاعر المحبة والولاء للحسين الشهيد واستذكاراً لما بذله من أجل الحفاظ على تعاليم رسالة جده المصطفى(ص).
ولعل ما أسهم في تميز زيارة الأربعين وخصها بهذه الأهمية ما رواه زرارة عن الامام الصادق(ع) قال: «قال أبو عبد الله(ع): يا زرارة إن السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم، وإن الارض بكت أربعين صباحاً بالسواد، وإن الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، وإن الجبال تقطعت وانتثرت، وإن البحار تفجرت، وإن الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين».
هذا فضلاً عن عمل الإمام المعصوم علي بن الحسين «السَّجّادُ(ع) وعقيلة الهاشميّينَ والسّبايا زاروا الإمامَ المظلومَ يومَ الأربعين، فزيارةُ الإمامِ السَّجّادِ(ع) يومَ الأربعينِ دليلٌ على الاستحباب، لأنّ الإمامَ معصوم عن الخطأ فكل تصرفاته وما يصدر عنه حكمة وصواب، ففِعْلُهُ وقولُهُ وتقريرُهُ حُجَّةٌ، ولو لم يكُن يومُ الأربعينِ مُستَحَبّاً لما فَعَلَهُ الإمامُ السَّجَّادُ وعقائِلُ الوحيِ والطَّهارةِ صلوات الله عليهم أجمعين؟!».
أما الإمام الحسن العسكري(ع) فقد خص زيارة الأربعين لسيد الشهداء(ع) من خلال جعله إياها واحدة من علامات المؤمن، حيث قال: «علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم».
 نلحظ في هذا الحديث كيف ان الامام(ع) ربط بين الأعمال العبادية الواجبة كالصلاة الواجبة والمستحبة وتعفير الجبين الناتج عن كثرة السجود للباري عز وجل وبين زيارة الأربعين للإمام الحسين(ع)، مما يشير إلى ان لهذه الزيارة -وبما تحمله من أبعاد ومضامين-أهمية خاصة في ترسيخ دعائم الدين الاسلامي وإحياء للرسالة المحمدية الخاتمة.
ومن هنا نجد تأكيد الأئمة على إحياء شعيرة زيارة الأربعين كما أرادها الباري عز وجل، وكما حثت عليها نصوص الائمة(ع) وأحاديثهم في فضل هذه الزيارة المباركة، حتى أنها عُدَّتْ «من علامة إيمانهم وولائهم لسيد شباب أهل الجنة المنحور على مجزرة الشهادة الإلهية المثول في يوم الأربعين من شهادته عند قبره الأطهر لإقامة المأتم وتجديد العهد بما جرى عليه وعلى أهل بيته وصحبه من الفوادح العظيمة» على يد قوى الظلم والكفر متمثلاً بالأمويين ومن تابعهم.
المصدر: مجلة السبط، عدد خاص بوقائع المؤتمر العلمي الدولي الثاني لزيارة الأربعين، السنة الخامسة، المجلد الخامس، العدد الثاني، ج1، 2019م، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص 43-44.