printlogo


printlogo


□ مقالة/ الجزء الثالث
أصـول الـفـقه

ز)  تدوين الحنفية للأصول، خطوة نحو تقليص المسافات
ينبغي لنا أن لانعدّ المذهب الحنفي في القرون الإسلامية الأولى مذهباً فقهياً صرفاً، بل مذهباً يقدّم منظومة كلامية ـ فقهية؛ لكن من المعلوم أيضاً أن الأوساط الحنفية كانت قد خطت على مدى القرنين ۳و۴ه‍، خطوات على طريق تقريب مواقفها العقائدية من مواقف مجاميع أصحاب الحديث، ثم الأشاعرة. و في القرن ۴ه‍، ومع ظهور موجة تدوين آثار في أصول الفقه وبشكل عام وضع الأسس للمنظومات الأصولية، كانت الظروف مؤاتية لأن يطرح علماء الحنفية  بتقديمهم نظريات معتدلة في الأصول  مذهبهم كمذهب مقبول في رأي أتباع بقية مذاهب أهل السنة. وبرغم أن هذه النظريات كانت تطرح في كثير من الحالات بوصفها أساليب مقتبسة من فقه أبي حنيفة وينسب مضمونها إلى إمام المذهب، لكن لاشك في أنها حصيلة فكر ودراسة أصوليين كان فقه إمامهم ملهماً لهم فحسب.
و في نظرة إلى الموضوعات محل الخلاف في بحوث الأدلة الفقهية ينبغي التذكير بأن نطاق النقاشات الأصولية بين الحنفية وبين الشافعية الذين كانوا منافسيهم الرئيسين في مجال الأصول، كان أضيق بكثير فيما يخصّ دليلي الكتاب والسنة. و من بين الحالات التي يلاحظ فيها ثبات أصوليي الحنفية المتقدمين على مواقفهم المضادة للشافعية، المسألة العريقة تخصيص الكتاب بخبر الواحد الذي أصرّ فيه أبوبكر الرازي، الملقب بالجصاص على عدم إمكانية التخصيص، لكن أقوالاً أكثر اعتدالاً بهذا الشأن ظهرت تدريجياً على ألسن الأصوليين الحنفيين الآخرين. و في مسألة التعارض بين الخبر والقياس التي كان أصحاب الحديث يقرِّعون فيها الحنفية لتركهم الأخبار، كان الأصوليون الحنفية بشكل عام قد اتخذوا موقفاً مستنداً إلى الأخبار. وخلال ذلك، فقد اعتمـد أبو الحسن الكرخـي (تـ ۳۴۰ه‍ / ۹۵۱م) بشكل مطلق على تقدم الخبر مقارنة بالقياس، بينما رأى البعض الآخر أن ترجيح الخبر منوط بوجود صفات مثل الفقاهة في شخصية الرواة.
وبشأن أقوال الصحابة، ينبغي القول إن الكرخي في موقف أقرب إلى الشافعي وضمن نفيه وجوب تقليد الصحابة، رأى أن استخدام أقوالهم في الفقه يقتصر على الأمور التعبدية التي لامجال فيها للقياس والرأي. لكن البعض الآخر من أصوليي الحنفية مثل أبي سعيد البردعي أكدوا بشكل عام على وجوب اتّباع أقوال الصحابة.
و في الآثار الأصولية للقرنين ۴و۵ه‍ / ۱۰و۱۱م، فإن من أهم البحوث الكثيرة التداول هو بحث الإجماع وبشكل خاص أقسام معينة منه مثل نظرية الإجماع السكوتي. وبهذا الشأن، فإن أغلب الأصوليين الحنفية إلى جانب الشافعية كانوا يقبلون بتوسيع مفهوم الإجماع وحجية الإجماع السكوتي، غير أن أعلاماً مثل أبي عبد الله البصري من الحنفية المعتزلة أنكروا من الأصل كونه إجماعاً، بينما قبل البعض مثل أبي الحسن الكرخي إلى جانب بعض الشافعية والمعتزلة  باتخاذهم موقفاً وسطاً  بالإجماع السكوتي بوصفه حجة شرعية من غيـر أن يعدّوه مصداقاً حقيقياً للإجماع.
وأخيراً، يجدر ذكر بحث الاستحسان الذي كان مثار خلافات قديمة بين الحنفية والشافعية، وبرغم وجود نزعة نحو التقريب، فإن مهمة الدفاع عنه بوصفه سمة مميزة للفقه الحنفي كانت تثقل كاهل جميع الأصوليين الحنفية. و في ظروف كهذه، كانت الوسيلة الوحيدة للدفاع عن شرعية الاستحسان بشكل لايكون مرفوضاً من قبل غير الحنفية، هي التدقيق في تعريف المصطلح؛ و على هذا الأسـاس، بادر بعض الأصوليين الحنفية  بتعريفهـم الاستحسان بأي نوع من أنواع العدول عن القياس بلحاظ صارف شرعي، سواء أكان عدولاً إلى قياس أدق، أم عدولاً إلى دليل منصوص  إلـى إغلاق طريق الإنكار على المخالفين وأخيراً أقنعوا باحثين من القرون الأخيرة بأن نزاع الماضين حول الاستحسان كان نزاعاً لفظياً. وينبغي أن نضيف أن أبا بكر الرازي في تبيانه اجتهاد الرأي الحنفي، رأى أنه لايعدو عن كونه أحد ثلاثة معان: الأول القياس الشرعي والآخر الاجتهاد في موضوعات مثل تعيين الوقت والقبلة والثالث «الاستدلال بالأصول».
و عن موضوع الاستصحاب الذي كان قد وجد له في أصول القرنين ۴و۵ه‍، أرضية مؤاتية للانتشار، فيجدر القول إن هذا الأصل لم‌ يكن يتمتع بشكل تقليدي بمكانة في أوساط الحنفية، و لم‌تكن مواجهة الأصوليين الحنفية إزاءه مواجهة خلّاقة، بل ردّ فعل يهدف إلى طرح المسألة و الحد من الاستخدام؛ و من ذلك، أن أبـا منصـور الماتريـدي، أحـد متكلمـي الحنفيـة (تـ ۳۳۳ه‍ / ۹۴۵م) باتخاذه موقفاً خاصاً بين الأصوليين رأى العمل بالاستصحاب واجباً على المكلف في حالة عدم العثور على دليل من الكتاب والسنة فحسب. و على الجانب الآخر، كان أصوليون حنفيون مثل أبي زيد الدبوسي يرون أن الاستصحاب لايمكن الركون إليه لإثبات حكمٍ، و هو يصلح لدفع الحكم فحسب.
و من مؤلفات الأعلام البارزين من الحنفية في هذه الفترة، يمكن أن نذكر: مأخذ الشرائع لأبي منصور الماتريدي، الأصول لأبي الحسن الكرخي، الأصول لأبي عبـد الله البصـري (تـ ۳۶۹ه‍ / ۹۷۹م)، أصول الفقه لأبـي بكر الـرازي (تـ ۳۷۰ه‍)، و تقويم الأدلة لأبي زيد الدبوسـي (تـ ۴۳۰ه‍ / ۱۰۳۹م). و في النصف الثاني من القرن ۵ه‍، أيضاً يحظى أصول الفقه لفخر الإسلام الپزدوي بوصفه مختصراً دراسياً في الأصول الحنفية، والأصول للسرخسي بوصفه أثراً جامعاً للمؤلفات السابقة، بمكانة متميزة.
ح) شمولية أصول الفقه بين المذاهب
ينبغي تقييم القرنين ۴و۵ه‍ / ۱۰و۱۱م، على أنهما ذروة الدراسات الأصولية في تاريخ الفقه الإسلامي، ذلك أن تدوين علم الأصول الذي كان بابه قد أُشرع منذ القرن ۲ه‍ لم يتخذ شكلاً جاداً وشاملاً إلا في القرن ۴ه‍. فمنـذ ذلك القرن  وعلى الأقل في شرقـي العالـم الإسـلامـي  لم تعد أصول الفقه أرضية تخصصية لبعض المذاهب، بل حظيت بقبول عام بوصفها مقدمة ضرورية لعلم الفقه. وقبل أي إيضاح، تجـدر الإشارة إلى القسم الأول من مفاتيح العلوم للخوارزمـي (تـ ۳۸۷ه‍ / ۹۹۷م) بوصفه مؤلفاً موسوعيـاً في العلوم الإسلامية خصص قسماً منه للفقه أيضاً، وفتح في أول باب من أبواب هذا العلم فصلاً في أصول الفقه. و في هذا الفصل جعل المذاهب الفقهية المختلفة تدور حول راية أصول الفقه، ورأى أن من الأدلة (بحسب تعبير المؤلف: الأصول) الستة محل البحث في الأوساط الفقهية، تحظى ثلاثة منها بالاتفاق وهي الكتاب والسنة وإجماع الأمة، بينما الأدلة الثلاثة الأخرى و هي القياس والاستحسان والاستصلاح تعتبر مثار خلاف بين المذاهب. كما تجدر الإشارة إلى تعامل أبي بكر الأبهري (تـ ۳۷۵ه‍ / ۹۸۵م)، زعيم مالكية المشرق مع فقه أبناء مذهبه في المغرب، حيث ذمهم لسطحية تعاليمهم والبعد عن الأصول النظرية.
ويلاحظ في الآثار الأصولية لهذه الفترة اشتراك واسع في أسلوب طرح البحوث، وإلى حدّ ملحوظ في اتخاذ المواقف بين المذاهب المختلفة. و من حيث مواضيع البحث في هذه الآثار ينبغي القول إنه فضلاً عن تفصيل البحوث القديمة في أسس الاستدلال الفقهي مثل البحث في كيفية الاحتجاج بالكتاب والأخبار والآثار والإجماع وكذلك بحثي القياس والاستحسان، كان هناك موضع لبحوث في تدوين وتحديد بعض المبادئ الفقهية مثل أقسام الواجب والأمر والنهي وبعض البحوث اللفظية التي تضم العام والخاص والمجمل والمفصل والحقيقة والمجاز. وتحظى البحوث التحليلية والاستدلالية الخاصة بخبر الواحد بحجم واسـع، و في مصافها، احتل الإجماع  مع سعـة فـي المفهـوم  شطراً واسعاً من بحوث الأدلة.
وتجدر الإشارة إلى تعزيز الأسس النظرية للقياس بوصفها معلماً بارزاً في بحوث المالكية والتي وضعت المالكية من أصحاب الحديث في مصاف المتطرفين من أصحاب الرأي؛ كما حدث عندما اعتبر أبو الفرج القاضي وأبوبكر الأبهري من مالكية العراق و في نظرية مشتركة، القياس أولى من خبر الواحد في حالة التعارض. و في المقارنة تجدر الإشارة إلى نظرية المتكلم والأصولي المالكي، أبي بكر الباقلاني المثيرة للجدل الذي عرَّف القياس بأنه «حملُ معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أونفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم، أو صفة»؛ وقد لقي هذا التعريف قبول الكثير من الأصوليين الذين أعقبوه.
و قد تبلور أصل البراءة خلال القرن ۵ه‍ في قالب أصولي، وتم التنظير بشأنه في آثار الشافعية بشكل خاص. و عدَّ أبو إسحاق الشيرازي في موضع استصحاب براءة الذمة على أساس دلالة العقل أمراً واجباً، و في موضع آخر عدَّ أصل البراءة بتعبير «استصحاب حال العقل»، أداة للمجتهد في حالة انعدام الدليل الشرعي؛ بينما كان الاستصحاب نفسه في القرن ۵ه‍ عرضة لنقد لاذع من أصوليي مذاهب مختلفة.
و من الآثار البارزة للشافعية في هذه الفترة، يمكن أن نورد نماذج مثل البيان في دلائل الأعلام على أصول الأحكام وشرح رسالـة الشافعـي لأبـي‌ بكـر الصيرفـي (تـ ۳۳۰ه‍ / ۹۴۲م) والتبصرة لأبي إسحاق الشيـرازي (تـ ۴۷۶ه‍ / ۱۰۸۳م) والبرهـان لإمام الحرمين الجوينـي (تـ ۴۷۸ه‍). كما لعب المالكية الذين كانوا قد انضموا إلى صفوف كتّاب الأصول في هذه الفترة، دوراً كبيراً في نشر علم الأصول بتأليفهم آثاراً مثل اللمـع في أصول الفقه لأبـي الفـرج المالكـي (تـ ۳۳۱ه‍) وأصول الفقـه لأبي بكر الأبهري (تـ ۳۷۵ه‍ / ۹۸۵م) ومقدمـة في أصـول الفقه لأبـي الحسن القصار (تـ ۳۹۸ه‍ / ۱۰۰۸م).
و من مؤلفات بقية المذاهب، تجدر الإشارة إلى آثار مثل العدة للقاضي أبي يعلـى (تـ ۴۵۸ه‍ / ۱۰۶۶م)، التمهيد لأبـي الخطـاب الكلوذانـي (تـ ۵۱۰ه‍ / ۱۱۱۶م) من الحنابلة؛ نعت الحكمة لأبي الطيب ابن الخلال (ابن النديـم، ۲۷۳) والكتـاب الشهيـر الإحكام لابـن حزم الأندلسـي (تـ ۴۵۶ه‍) من الظاهرية؛ والتحرير والنقر، وكذلك الحدود والعقود، الأثرين الأصوليين الجامعين لأبي الفرج المعافى بن زكريا  (تـ ۳۹۰ه‍ / ۱۰۰۰م) (ابن النديم، ۲۹۲) من الجريرية.
و في الآثار الأصولية الباقية من المعتزلة أيضاً مثل قسم الشرعيـات مـن المغنـي للقاضـي عبـد الجبـار (تـ ۴۱۶ه‍ / ۱۰۲۵م) والمعتمد لأبي الحسين البصـري (تـ ۴۳۶ه‍ / ۱۰۴۴م)، طُرحت إلى جانب نظريات علماء بقية المذاهب، نظريات أصولية خالية من سمات الأصول القديمة للمعتزلة. كما كان القاضي عبد الجبار قد ألف كتاباً مستقلاً في الأصول تحت عنوان النهاية.
وكخاتمة للدراسات الأصولية في القرن ۵ه‍، ينبغي أن نذكر محمد الغزالي وأثره القيم المستصفى الذي يعد منعطفاً لامثيل له في تاريخ المؤلفات الأصولية. وبرغم أن هذا الكتاب ألّفه مؤلف شافعي، لكنه لعب دوراً رئيساً في نقل البحوث الأصولية لهذه الفترة إلى الآثار المتأخرة بوصفه أبرز ممثل للأصول المتبلورة في هذه الفترة التاريخية، وكان نموذجاً يحتذى للدراسات الأصولية مـن بعده لدى جميع مذاهب أهل السنة. و مع أن الغزالي أبـدى  بـوصفـه عـالمـاً ذا رأي  آراء في الأصول، لـكن كتـاب المستصفى مدين بأهميته التاريخية بشكل كبير إلى أسلوب التحليل والجمع بين الآراء وتنقيح وتنظيم البحوث بشكل يدعو للاستحسان في تناول الكتاب.
ط) تدوين الآثار الأصولية في الألف الأخيرة
بعد دراسة المسائل الأصولية من جوانب شتى في القرنين ۴و۵ه‍ على أيدي أصوليي أهل السنة وآخرهم الغزالي، يلاحظ في القرون التالية تحول محدود نسبياً في الآثار الأصولية لأهل السنة، كما أن الكثير من البحوث والآثار هو تكرار، أو شرح وتفصيل للموضوعات التي كان الأقدمون قد طرحوها في كتاباتهم. ودون الورود في الحديث عن مفهوم، أو نطاق انسداد باب الاجتهاد في عالم فقه أهل السنة، ينبغي التذكير بشكل إجمالي بأن تجنب الفقهاء الاجتهاد نسبياً، كان قد جعل الكثير من البحوث الأصولية في هذه الفترة الطويلة بحوثاً نظرية بعيدة عن الاستخدام العملي. وفي هذا الصدد، فإن بعض المجتهدين البارزين فحسب، أنتجوا بنظرة فنية أصولية حيناً وبرؤية سلفية حيناً آخر، نظريات جديدة، وبإبداع محدود بطبيعة الحال في مضمار أصول الفقه.
و في القرن ۶ه‍ / ۱۲م، ينبغي دون شك أن نعدّ المحصول لفخر الديـن الرازي (تـ ۶۰۶ه‍ / ۱۲۰۹م)، المتكلم والفقيه الشافعـي من المؤلفات المهمة والرئيسة في هذا المجال والذي كان وإلى قرون موضع شرح وتحقيق علماء الأصول. و في القرن ۷ه‍ / ۱۳م، قوبل مؤلَّفان اثنان بترحيب واسـع؛ أولهما الإحكـام لأصول الأحكـام لسيف الديـن الآمدي (تـ ۶۳۱ه‍ / ۱۲۳۴م) من متكلمي الشافعية وفقهائهم والذي عُرف بوصفه مصدراً مهماً في الدراسات الأصولية المقارنة؛ والآخر نص موجز عنوانه مختصر المنتهى للأديب والفقيه المالكي، جمـال الدين ابن الحاجـب (تـ ۶۴۶ه‍ / ۱۲۴۹م) الذي انتشر لعدة قرون في الأوساط الأصولية بوصفه نصاً تدريسياً وكتبت له شروح وحواش كثيرة. وفضلاً عن دور الآمدي و من بعده ابن الحاجب في التدوين والتنظيم، فقد كان لهذين الاثنين في بعض الموضوعات الأصولية بحوث دقيقة وآراء جديدة أيضاً تجلت في شتى المواضع من آثارهم.
و في القرن ۸ ه‍ / ۱۴م، يجدر الحديث عن تبلور المدرسة السلفية التي كان مؤسسها ابن تيمية (تـ ۷۲۸ه‍ / ۱۳۲۸م) الذي كان يؤكد على فتح باب الاجتهاد، وإلى جانب إصراره على اتّباع النصوص، كان يمنح أهمية للقياس أيضاً في استنباط الأحكام الشرعية؛ وبدلاً من الإجماع، كان يعزز استخدام عنصر تحت عنوان «الاتفاق» الذي كان بحسب تعريفه يعني التوافق بين المجتهدين في الشريعة الإسلامية. و لم ينبرِ ابن تيمية نفسه لتأليف كتاب جامع في الأصول، بل يلاحظ انعكاس تعاليمه الأصولية في كتاب إعلام الموقعين لتلميذه ابن قيم الجوزية. و عن هذا الأثر ينبغي القول إنه يلاحظ في مواقفه وأسلوب بحثه اختلاف جذري بينه وبين الآثار الأصولية المتداولة و إن هذا الأثر يتمتع في الأصل بنسيج جديد و لاتنسجم عناوين فصوله مع ما كان متداولاً في الآثار الأصولية.
كمـا أن أبا إسحـاق الشاطبـي (تـ ۷۹۰ه‍ / ۱۳۸۸م) من منظِّري المذهب المالكي والذي اشتهر برأيه في أن باب الاجتهاد مفتوح، انتهج أسلوباً مبتكراً وخاصاً في طرح البحوث في كتابه الشهير الموافقات في أصول الشريعة. فقد انبرى و هو الذي كان ينظر إلى علـم الأصول نظرة من يبغي الحصول علـى أداة فاعلة للاجتهـاد  ومن خلال نظرة عميقة إلى الأسس الكلامية لمسألة التكليف  لإعادة النظر في فلسفة التشريع بشكل جذري، واقترح أساليب في الاستخدام، أو وسعها، مما ينبغي أن نذكر في مقدمتها توسيع نطاق استخدام الاستصلاح. و في الحقيقة، فإن القسم الأكبر من هذا الأثر هو بحوث نظرية من النمط المذكور، ويشتمل ثلث منه فحسب تحت عنوان «كتاب الأدلة» على البحوث المتداولة في الكتب الأصولية.
یُتابع
المصدر: مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری