□ مقالة/ الجزء الثانی و الاخیر
المرأة المؤمنة بين الحوزة العلمية والجامعة
الانتباه: الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي «الآفاق» بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها
▪ فاطمة العكبرى
هي الشيخة فاطمة بنت الشيخ محمد بن أحمد بن حازم العكبري.
كانت(رح) عالمة، فاضلة، فقيهة، وهي من مشيخة السيد تاج الدين بن معيّة، وقد أجاز لها الشيخ عبدالصمد بن أحمد بن عبدالقادر بن أبي الجيش.
▪ فضّة البلاغيّة
هي السيدة فضّة بنت الشيخ محمد علي البلاغي، وأخت الشيخ أحمد بن محمّد علي البلاغي المتوفي سنة 1248 هـ، وزوجة الشيخ علي بن الشيخ حسين محفوظ.
ولدت سنة 1189 هـ، وأخذت تقرأ على أبيها بعد أن تعلّمت القرأءة والكتابة على يده، وكانت تختلف على بعض أقربائها.
كانت(رح) تدّرس الأصول والحديث، وقد حضر في بيتها جمع من الطلاب والعلماء، وحضر عندها أيضاً جملة من علماء النجف في درس القوانين في الاُصول باعتبار كونها مجازة بقراءتها على صاحبها.
ولها محاورة مع زوجها الشيخ علي محفوظ، ذكرها أصحاب التراجم والسير، منهم: الحر العاملي في أمل الآمل، وأثنى عليها، وعرّفها بالفاضلة الجليلة الملد فضة، وأضاف أنها كانت أديبة، شاعرة، حسنة الخط، وكانت ترتزق بكتابة الكتب.
وجاء ذكرها أيضاً في شعراء الغري بوصفها شاعرة بارعة.
توفيت(رح) كما يأتي تأريخ وفاتها باعتبار عدّ الهاء، وهي آخر حرف من حروف اسمها ( فضّه ) في الأربعمائة، لا خمسة كما يستعمل، ورثاها جمع من الشعراء والعلماء منهم: الشيخ ابراهيم بن صادق المخرومي العاملي الخيّامي الطيّبي المولود سنة 1221 هـ، والمتوفى سنة 1228 ومن قصيدته التي رثاها بها هذا البيت:
برغم التقى قد قوّضت أخت أحمد
وفات برغم المجد سفر التجلّد
وقد ضبط تاريخ وفاتها بسنة 1279 أو سنة بعدها.
▪ نصرت بيگم « العلوية الأمينيّة »
هي العلوية الجليلة أم الفضائل المعروفة بـ « بانوى مجتهده أمين »، والدها الحاج السيد علي أمين التجار ابن السيد حسن ابن السيد محمد بن معصوم الحسيني الأصفهاني، وأمها بنت الحاج مهدي الملّقب بجناب.
ولدت في أصفهان سنة 1308 هـ، وفي الخامسة من عمرهما دخلت المدرسة بعناية والدتها حتى صار عمرها خمس عشرة سنة.
وفي السنة الخامسة عشر من عمرها تزوّجت بابن عمها الحاج ميرزا الملقّب بمعين التجار.
كانت(رح) عالمة، فاضلة فقيهه، عارفة، محّدثة، شاعرة، وقد انفردت ـ رضوان الله عليها ـ في عصرنا ـ بالاجتهاد، حيث لم توجد امرأة رقت هذه المرتبة التي تؤهّل الاستنباط الحكم الشرعي سواها.
درست النحو، والصرف، والفقه، والأصول، والحديث، والتفسير، والفلسفة، حتى صارت ممن يشار إليهم بالبنان.
عاشت(رح) ظروفاً صعبة لا تسمح لأي فتاة أن تدخل المدرسة ناهيك عن التفقّه، ولكنها، وقفت أما ذلك الضروف بكل صلابة واقتدار حتى عرفت بمجتهدة العصر.
وبالإضافة إلى الأجواء الظالمة التي عاشتها والظروف التي قاستها كانت ـ قدّس سرّها ـ مبتلاة بموت الأولاد، ولكن المصائب لم تمنعها عن إدامة درسها، حتى أنه عندما يتوفى أحد أولادها ولم يحضر المدرّس لإلقاء درسه عليها، تبعث وراءه وتطلب منه استمرار الدرس، وهذا بدوره خير شاهد على صبرها وقوة ايمانها، مضافاً إلى حرصها على متابعة الدرس.
درست هذه السيدة الجليلة على يد عدّة من العلماء منهم:
العلامة الجليل الفقيه السيد مير علي الأصفهاني النجف آبادي، والشيخ المظاهري الأصفهاني، وغيرهم.
ومن بعد جهد جهيد، ونصب شديد، حصلت العلوية على اجازة الاجتهاد والرواية من بعض فضلاء الشيعة وعلمائهم وهي في الأربعين من عمرها المثمر، ولا بئس بالمرور السريع على هذه الإجازات فنقول:
1. إجازة اجتهاد ورواية من آية الله الشيخ محمد كاظم الشيرازي(قد) وقد أُرخت بسنة 1354 هـ.
2. أجازة رواية من السيد ابراهيم الاصطهباناتي المؤرّخة بسنة 1354 هـ، حيث عبّر فيها عن علو منزلتها، وسمو مرتبتها فتمثل بقول الشاعر.
فلو كنّ النساء كـمـثل هذي
لفُضّلت النساء علىالرجال
فلا التأنيث لاسم الشمس عار
ولا التذكير فـخر الهـلال
3. إجازة اجتهاد ورواية من أية الله الشيخ عبدالكريم الحائري(قد) مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة.
4. أجازة رواية من آية الله الشيخ محمد رضا النجفي الإصفهاني، وقد أثنى عليها فيها بأجمل التعابير: التي تليق بشأنها، فقال في موضع من اجازته مشيراً الى دراستها في بيتها:
فكم كنز خفي من الأسرار أظهرته، ومشكل من الأخبار فسّرته، ومعضل أزاحت عنه الإعضال إذا اختلفت الأقوال، فلا غرو وأهل البيت أدرى بمافيه، وأعرف بظاهره وخافيه، فكيف بمن أرخت سترها، ولم تبارح قدرها، فيحقّ أن يفتخر بها ربّات الحجال، على لا بسي العمائم من الرجال.
5. إجازة رواية من حجة الاسلام والمسلمين الشيخ المظاهري استاذها.
وقد منحتّ هذه العلوية اجازة رواية لآية الله العظمى السيد المرعشي النجفي(قد)وللسيدة همايوني تلميذتها وغيرهم.
ولم تقتصر العلوية على الدرس والتفقّه فحسب بل قدّمت خدمات كثيره علمية واجتماعية، فمن آثارها العلمية التي باتت خير تركه لنا مؤلفّاتها القيمّة ومنها:
1. مخزن العرفان في تفسير القرآن باللغة الفارسية، يحتوي على 15 مجلداً.
2. جامع الشتات باللغة العربية، يحتوي على اسئلة وجّهت اليها فأجابت عليها.
3. النفحات الرحمانية في الواردات القلبيّة باللغة الفارسية.
4. سلوك وسير بشر باللغة الفارسية.
5. روش خوشبختي وتوصيه به خواهران إيماني، بالفارسية.
6. مخزن اللآلي في مناقب مولى الموالي عليه السلام باللغة العربية.
7. كتاب الأخلاق، وهو ترجمة لكتاب ابن مسكويه.
8. الأربعون الهاشمية بالعربية.
9. روش أولياء وطريق سير سعداء، وفي نسخة شهداء بالفارسية.
وأما خدماتها العلمية الاجتماعية:
فقد بنت مجمّعاً علمياً في مدينة أصفهان ـ على حسابها ـ سمّي بمكتب فاطمة(س) فضمّت فيه عدّة من الفنيات اللآتي يرغبن في الدراسة الدينيّة وكانت تجيب على كل الأسئلة التي ترد عليها من النساء بخير جواب.
ولا يخفى أنها رحمها الله كانت من العرفاء، وقد شهد لها بعض تلامذتها بالكرامات الإلهيّة التي منّ الله تعالى بها عليها.
توفيت(قد) الشريف في يوم الإثنين الأول من رمضان المبارك في السنة الثالثة بعد الألف والأربعمائه هـ قمري المصادف الثالث والعشارين من خرداد سنة 1362هـ شمسي ودفنت في مدينة إصفهان، والسلام عليها يوم ولدت، ويوم رحلت الى ربها مطمأنة الروح ويوم تبعث حية. وشيدت قبة على قبرها فهي مزار للمؤمنين وعشاق العلم.
وفي ختام هذه المقالة المختصرة حان الأوان للوفاء بالوعد عسى أن تتم الفائدة بما أردت إيراده، وهو إشارة الى عدة نقاط يجب أن يسلّط عليها الضوء في مجالي الحوزة والجامعة كي يتم التعاون بين الطرفين، وذلك رفعاً للسلب واثباتاً للايجاب فيهما إن شاء الله تعالى.
النقاط التي يجب أن تذكر:
1 ـ العمق الذي يشاهد في الدراسة الحوزويّة، فنرى أنّ الحوزوي يمتاز بالدقة حين متابعة المطالب العلمية، بينما نشاهد هذه الدقة مفقودة في الأغلب لدى الأكاديمين، إذ نرى من توصّل منهم إلى درجة الدكتوراه لا يستطيع مبادلة النقاش مع طالب السطوح، ولعلّ المشجّع في الحوزة دخول الطالب عن رغبة نفسيّة، لا عن طمع في شهادة أو ما يشابه ذلك، وهذا لا يكون في المواد التي لم يتطرّق لها الجامعي في أثناء دراسته وبحثه كالاُصول والفقه حتى يكون خارجاً عن كلامنا، بل حتى في الموارد التي يدرسها الجامعي في حياته الدرسية كالنحو، والصرف، والبلاغة.
2 ـ الترتيب الموجود في دراسة الجامعة، سواء كان من ناحية المواد الدرسية أو المراحل التي يصعد إليها الطالب، فنرى أنّ الجامعة وضعت خطة درسيّة لا يتمكن أحد من التلاعب فيها، فمتى ما أتم الطالب هذه المرحلة ودرس تلك المواد المعيّنة انتقل إلى مرحلة أعلى وهو مطلوب في الحوزة أيضاً.
3 ـ عدم الالتزام الشرعي عند بعض الجامعيّن: ومن المؤسف أن نرى دعاة الثقافة والتمدّن من الجامعيّن ـ وخصوصاً النساء ـ بمجرد أن دخلت في الصف الأول من الجامعة تبعّدت عن ربها كأن الوضع الجامعي يفرض عليها
ذلك فقامت بسحب قنامها إلى الوراء ـ وتجميل وجهها، وصارت نظرتها حول ضبط الحجاب الشرعي كأنّه عادة تقليديّة للأمهات، أو صفة تختص بالعوائل الحوزوية، وعوام الناس الذين أطاعوهم، وهذا اشتباه عظيم يُستدرج به الجامعي من قبل الاستعمار رويداً رويدا.
فأقول لأخي الجامعي: لا يغرّنك غرور دعاة التمدّن، ولا يفتننّك شياطين الغرب بارتداء زيّهم، أوحلق لحيتك، أو أمور أخرى يحاولون بها انزلاقك عن سلّم النجاة وانهمارك في حضيض الخسران.
وأقول لأختي الجامعيّة، التي أودّ نجاحها وترقيتها حال كونها معلّمة لجيل بأكمله ومدرسّة يحضر بين يديها الكثير من الطلاب والطالبات:
وإذا المعلّم ساء لحظ بصيرة
جاءت علي يده البصائر حـوّلا
وإذا أتّى الرشاد من سبب الهوى
ومن الغـرور فـسمّه التضليلا
وإذا أصيب القـوم في أخلاقهم
فـأقم عليـهم مأتماً وعويلا
وأقول لاختي الطالبة:
فتاة الجيل مثلك لا يجاري
سفيهات يبعن تقـىً وديـناً
فبالتقصير طالتنا الأعادي
وبـاللذات ضيّعنـا العرينـا
أبنت خديجة كوني حـيـاءً
كأمّك تنجبي جيـلاً رزيـنا
خذيها قدوةً ننهض جميعاً
وتبق ديارنا حصـناً حصينا
ولا يشغلك قشر عن لباب
ولا تضلّك (صوفياهم ولينا)
هذا ما أوردت ذكره، راجيةً الترابط الوثيق بين الجامعة والحوزة، ورفع ما لايرام، والعمل بما يرام، وذلك بوضع يد الجامعي المؤمن بيد أخيه الحوزوي، لضرب أفواه الاستعمار الذي باتت عينه شابحة على شباب الإسلام وحفره مهيّئة لأبناء الجيل، ويريد لحظة قبل لحظة اصطيادهم بأشباكه المسمومة، فلنتحّد ونضرب أفواهه بقدرة اسلامية جعفريّة، ولمثل هذا فليعمل العاملون، والحمدالله ربّ العالمين.
المصدر: الموقع الإلکتروني دار الزهراء(س)