printlogo


printlogo


□ حوار
شخصية الشريف المرتضى وتراثه وعصره في حوار مع آية‌الله استادي


نبذة
ولد آية الله رضا استادي مقدّم (الطهراني) في عام ۱۹۳۷م في طهران. اكمل دراسته الابتدائية والمرحلة التمهيدية من الدراسة الحوزوية في طهران. ثم توجّه بعد ذلك إلى قم لغرض اكمال الدراسة في الحوزة؛ حيث تتلمذ فيها لمرحلة السطوح على يد الأساتذة الآيات: ستودة، والمشکيني، والميرزا حسين النوري، والخزعلي، ومحمّد الشاه آبادي، والسبحاني، والمنتظري، ومکارم الشيرازي, وسلطاني البروجردي، وآذري القُمي.
وإلى جانب الدراسة كان آية الله استادي يهتم لجانب التبليغ أيضاً، إلى جانب التدريس. وكان لديه اهتمام خاص بتقصي وتحقيق واحياء التراث المدوّن للسالفين من العلماء. ولهذا السبب نلاحظ ان معظم مؤلفاته تتركز في مجالات: فهرسة المخطوطات، والكتابة حول حياة وسيرة كبار العلماء، وتحقيق الكتب والرسائل. تولّى مسؤوليات تنفيذية مختلفة، نذكر منها مثلاً: ادارة الحوزة العلمية في قم، وعضوية مجلس صيانة الدستور، وعضوية مجلس خبراء القيادة، وعضوية هيئة امناء دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، وعضوية الهيئة الادارية لمؤسسة >على طريق الحق<، وعضوية المجلس الاعلى للحوزات العلمية، وإمامة صلاة الجمعة في قم.
وفي الوقت الحاضر يتولّى آية الله استادي أيضاً رئاسة المؤتمر الدولي لتخليد ذكرى الشريف المرتضى علم الهدى.
وفي ضوء هذه المهمة أجرينا معه لقاءً طرحنا عليه خلاله الأسئلة التالية:
كيف تقيّمون مكانة الشيف المرتضى بين علماء الشيعة؟ وما هي الخصائص والمميّزات التي كان يتّصف بها؟ وما هي ابداعاته العلمية؟ وما مدى تأثيره في المجتمع الشيعي في عصره؟
وما هي أفكار وتوجهات الشريف المرتضى التي يمكن ان تكون مفيدة لعصرنا أكثر من غيرها؟ وما العوامل المؤثرة في تربية شخصيات كالشريف المرتضى وجعلها شخصيات مؤثّرة؟ وما هي التوصيات التي تقدّمونها لمواجهة الاختلافات النظرية بين علماء ومفكّرين مثل الاختلافات بين القميين والبغداديين؟
وانتم بمصفتكم رئيساً للمؤتمر، ما هي النتائج التي تأملونها من وراء عقد هذا المؤتمر؟
وما هي توصياتكم للجنة العلمية والمسؤولين عن عقد هذا المؤتمر؟
فكتب سماحته في جواب هذه الأسئلة ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول في معرض الاجابة عن الأسئلة الاولى ما يلي:
ينبغي مسبقاً التعرّف على الظروف التي كان يعيشها الشيعة يومذاك؛ اي في عهد الشريف المرتضى والشريف الرضي وبعض اساتذتهما وتلاميذهما ومقتضيات ذلك العصر، وكذلك الظروف التي كان يعيشها أهل السنّة يومذاك، لكي تكون لدينا صورة واضحة عن حدود الحريّة التي كانت متاحة للشيعة لبيان معتقداتهم والدعوة اليها ونشرها. كما ينبغي أيضاً ان نكون على علم بالمعطيات السلبية التي كانت ستواجه الشيعة في حالة عدم اخذهم بزمام المبادرة والمواقف الحازمة والموثّقة. ولا يمكن طبعاً الادلاء برأي حول مكانة الشريف المرتضى(رح) وأقرانه، إلا في ضوء التعرف على هذه المقدّمات.
۱. وفقاً للتحقيق الذي أجراه المرحوم سيد حسن الصدر، فان اوائل من أسسوا العلوم الإسلامية كان معظمهم من علماء الشيعة، ولكن لا ينبغي الغفلة عن أمر وهو انه إلى عهد الشيخ الكليني، والشيخ المفيد، والشريف المرتضى لم تكن الكتب والمؤلفات على ذلك النحو الواسع من حيث جامعيّتها ونظمها؛ ولهذا فقد كان هناك شعور بوجود نقص في جانب من المعارف. وأما بالنسبة إلى الآخرين فقد بادروا إلى هذا العمل مبكّراً ونظّموا ما كان لديهم وكانت لهم الاسبقية في هذا المجال في الظاهر وذلك بفضل دعم الحكومات لهم ولأسباب اخرى أيضاً. نذكر من ذلك على سبيل المثال ان البخاري (م ۲۵۶هـ) ومسلم بن الحجاج (م ۲۶۱هـ) اللذين ألفا كتابي الصحيحين حسب اصطلاحهم. واما عند الشيعة فقد تم تأليف كتاب «الكافي» وكتاب «من لا يحضره الفقيه» بعد عشرات السنوات من ذلك التاريخ. وقد ذكرت هذا من باب المثال فقط. وهكذا الحال بالنسبة إلى العلوم الاخرى أيضاً. فتفسير الطبري مثلاً يعود تاريخ تأليفه إلى ما قبل عام ۳۱۰هـ. ولم يكن لدى الشيعة حينذاك تفسير يضاهي تفسير الطبري. كانت مقوّمات جميع العلوم بالاستفادة من أحاديث أهل البيت(ع) متوفرة على نحو متناثر وعناوين كلية، ولكن نادراً ما نجد تأليفاً موسّعاً ومرتّباً على نحو منظّم.
غايتي من ذكر هذه المقدّمة هي ان أحد الامور المهمّة والضرورية جداً بالنسبة إلى علماء الشيعة في ذلك الوقت هو الإتيان بمؤلفات تتصف بالدقّة والمتانة، ليسقطوا بها تلك الذريعة التي كان يتبجّج بها الخصوم الذين كان يزعمون ان الشيعة ليست لهم مؤلفات، ولأجل تعريف الشيعة وعلماء الشيعة بمعارف أهل البيت في اطار مؤلفات رصينة.
في هذا المجال اُنجزت أعمال ذات قيمة عالية. نذكر من ذلك كتاب «تفسير حقائق التأويل» الذي كتبه أخو الشريف المرتضى ـ ومن المؤسف ان هذا الكتاب قد ضاع ولا يوجد منه بين أيدينا إلا عُشرُه ـ وجاء هذا الكتاب ليتخذ موضعه في مقابل بعض تفاسير الآخرين ويصبح مدعاة لتفاخر الشيعة ورفعتهم. وهكذا الحال أيضاً بالنسبة إلى كتاب نهج البلاغة، اضافة إلى الكافي، ومن لا يحضره الفقيه؛ حيث ان هذه الكتب أسدت خدمة للإسلام وللمذهب الشيعي بل وللعالم كلّه. ولو أردنا المقارنة والتحكيم المنصف بين كتابي «صحيح البخاري» و«الكافي» للكليني؛ لا تضح أن هناك بينهما من الفارق ما بين الذهب والنحاس.
للشريف المرتضى النصيب الأوفى في هذا المجال؛ وكتابه المعروف بأمالي المرتضى يناظر كتاب حقائق التأويل لأخيه الشريف الرضي، ويمكن اعتباره مع شيء من المسامحة تفسيراً للقرآن الكريم، وهو تفسير يقترن في جميع الحالات بالذود عن مدرسة ومعارف أهل البيت بل ويقوم أحياناً بتفنيد طروحات الآخرين.
ما كاد كتاب المبسوط، المليء بالتفريعات للشيخ الطوسي يدخل في فقهنا حتى بادر الشريف المرتضى الى تأليف كتابه القيّم «الانتصار» الذي يحمل بين ثناياه المعالم الخاصّة للفقه الشيعي غير المدوّن.
ومن الواضح لديكم انه من غير الممكن تأليف كتاب مثل كتاب الانتصار من غير احاطة تامة بفقه الآخرين وبالفقه الشيعي الأصيل. إن بعض مؤلّفات الشريف المرتضى، تدلّ على ابداعه وغزارة علمه. من المؤلفات المهمة للمرحوم الشريف المرتضى: الذريعة في اصول الفقه ـ الذي لم يكن له نظير في مثل هذه السعة_ ورسالة في بيان اعجاز القرآن عن طريقالصرفة، والشافي في الردّ على المغني ـ الذي ربما كان أهلالسنّة يتفاخرون به.
۲. من الواضح انه كانت هناك مجموعة من المشاكل في ذلك الوقت الذي كان فيه الشيعة والسنّة يحاولون جمع الأحاديث، وكانت للأحاديث قيمة فائقة عندهما.
تتمثل المشكلة الاولى في أن علماء السنّة ـ وعلى العكس من علماء الشيعة الذين كانوا يقبلون قسماً من الأحاديث المنقولة عن طريق رواة غير الشيعة، في ضوء بعض المعايير طبعاً ـ كانوا يرفضون كلياً الأحاديث المنقولة عن طريق رواة من الشيعة. ويعود سبب هذا الرفض إلى خطأ أو لدوافع سياسية أو لغايات اخرى؛ حيث كانوا يعتبرون الأحاديث ساقطة من الاعتبار فيما إذا كان بعض رواتها من الشيعة حسب قولهم. ومن الطبيعي ان ينتج عن ذلك دخول أحاديث لا أساس لها، بين الأحاديث. ومن حيث المحتوى يُقحم في الدين ما هو بعيد عنه. وفي مثل هذه الظروف يصبح من الضروري تمحيص الأحاديث وتهذيبها، وفي حالات كثيرة تستدعي الضرورة توضيح مضأمين الأحاديث وصيانتها من تحريف معانيها. وقد كان عمل كل من ثقة الإسلام الكليني والشيخ الصدوق (وغيرهما) في المجال الحديثي، يصبّ كلّه في هذا الاتجاه؛ حيث كان العمل غالباً ما يتركّز على اسانيد الأحاديث، ولكن عمل الشريف المرتضى وآخرين كان أكثر ما يُعنى بتوضيح النصوص وتقليب الاوجه المحتملة فيها واختيار الاوجه التي تتساوق مع المبادئ الأساسية لمدرسة أهل البيت. وأبرز مثال على ذلك ما يمكن مشاهدته في كتاب الأمالي، وكذلك بين ثنايا الاجابات التي طرحها عمّا عُرض عليه من أسئلة كلامية.
۳. في ذلك الوقت كان هناك رواجاً للمباحث الكلامية؛ لأسباب بُيّنت في مظانّها. وكان الجميع وخاصة علماء أهل السنّة والمخالفون أحياناً يلجون في كل مقولة من مقولات العقائد الإسلامية ويدلون بآراء ـ تكون أحياناً سخيفة وفجة ـ ولو أن ذلك السوق الصاخب والأجوف تُرك على عواهنه يومذاك لألحق الكثير من الضرر بالدين الإسلامي وبمدرسة أهل البيت. وهذا ما جعل الشيخ المفيد والشيخ المرتضى ومن التحق بركبهما يشعرون المسؤولية والدخول في هذه المباحث التي تُسمّى بالعقلية أو ما يُطرح من رؤى حول المعتقدات الإسلامية الأصيلة؛ من أجل التصدي لذلك الضرر والوقوف دون وقوعه. فكان من الأعمال العلمية التي نهض بها الشريف المرتضى الدفاع عن مذهب أهل البيت عن طريق الاجابة عن الأسئلة أو الاحتجاج والمناظرة أو على شكل تأليف كتاب مثل كتاب تنزيه الأنبياء.
۴. تكريم الحديث والتوجّه نحوه أمر ضروري وواجب ولكن في الوقت ذاته، هناك ما هو أهم من ذلك وهو أساس الدين والمذهب. ومن هنا كان يُطرح أحياناً استناداً بعض الأحاديث ما يوصف انه من عقائد الشيعة، بيد انه لم يكن له أساس رصين. ومن هنا فقد كان الشريف المرتضى في مثل هذه الحالات يعلن أحياناً صراحة ان الحديث غير يقيني بالتأكيد، وفي أحيان اخرى كان يشكك في صواب أقوال بعض كبار العلماء حتى وان كانوا من الشيعة. لكي فيه الآخرون ويتتبّعون المسألة بمزيد من الدقّة. ولابد انكم تدركون ان السير على هذا النهج يتطلب شجاعة وصراحة وعدم التخوّف من بعض المواقف المعارضة ـ حتى من الاصدقاء ـ وقد كان الشريف المرتضى يتّصف بهذه الصفة.
۵. طلبّ الرئاسة وحب الدنيا عند بعض الصحابة بعد رحلة رسول الله(ص) أخرجهم عن النهج الذي كان قد رسمه لهم رسول الله(ص)، وأحدث بينهم فرقة وانقساماً، وهذا الانقسام يزداد يوماً بعد يوم. وكثيراً ما تقع الاقلية الشيعية والأكثرية السنيّة في صراعات من جوانب مختلفة ووقع الشيعة ضحية لظلم مضاعف. وقد نتج عن تلك الصراعات تنامي العداء والشتائم والتُهم. وقد استمر هذا الاختلاف على تلك الدرجة من الحدّة والشدّة في زمان الشيخ المفيد والشريف المرتضى، وقبله. ولم تكن له حصيلة سوى الاضرار بالإسلام والنيل منه والاساءة إليه. والاجراء الوحيد الذي كان متاحاً لتهدئة الأجواء والاستمرار في مناقشة المعتقدات والأفكار بعيداً عن الشتائم والمنازعات البدنية واللفظية، هو أن ينبري علماء كبار في ظل الظروف التي اتيحت يومذاك وفسحت المجال أمام الشيعة إلى حدّ ما، إلى بيان وتأصيل عقائد الشيعة في تأليفات مدعومة بالاستدلال والمنطق بدلاً من أساليب الشتم والتكفير؛ من أجل ان ينتزعوا الذريعة من أيدي المخالفين. ومن ذلك مثلاً ان يكتبوا تفسيراً للقرآن ويبيّنوا فيه بشكل جلي الآيات المتعلّقة بأهل البيت ويضعوا الحقائق بين يدي القرّاء ـ الذين ربّما يكونون من أهل السنّة أيضاً ـ وهكذا يبرزون مذهب أهل البيت كمذهب منطقي وهو قائم على اسس القرآن والأحاديث الأصيلة والعقل.
وكان ممن اختاروا السير على هذا النهج الشريف المرتضى. فانت تجد في كتبه أفضل أساليب الدفاع عن مدرسة أهل البيت؛ ولكنه غالباً ما يبيّن الامور على نحو لا يثير حفيظة الآخرين. وينبغي بطبيعة الحال عدم الرضوخ لقضية حساسية الآخرين إلى الحد الذي يمنع عن بيان الوقائع. لاحظوا كتاب نهج البلاغة تجدون ان الشريف الرضي كان متحفّظاً فيه إلى حدّ بعيد، غير انه ذكر فيه الخطبة الشقشقية أيضاً. وهناك أيضاً ما يشبه الرسالة كتبها الشريف المرتضى في توضيح هذه الخطبة، ولكن لا اظن احداً يحكم بنحو واحد على تفسيرين مثل تفسير القمي وتفسير مجمع البيان. فقد كتب أمين الإسلام الطبرسي تفسير البيان بالشكل الذي يبرز أحقية أهل البيت من جهة، ويمكن أن يُقبل في الأوساط العلمية والدينية لأهل السنّة من جهة اخرى، وهذا ما تحقق بالفعل. في حين أن تفسير القمي كتب بالنحو الذي دفع ذوي الحساسيّات من أهل السنّة إلى نتائج غير حميدة. ونحن طبعاً نسأل الله الرحمة لهم جميعاً.
۶. في ختام هذا القسم أرى لزاماً الاشارة إلى أنّ بعض الأعلام مثل الشريف المرتضى قد جعلوا هذا المنطق أساساً لمنهجهم وعلمونا ان «نحن أبناء الدليل أينما مال نميل». ومن المؤكد ان هذا المنطق يصبّ في مصلحة الدين. من المفترض أن يكون هناك سؤال وجواب، وينبغي فتح باب الحوار والنقاش. ولابد أن يكون هناك بين علماء المذهب الواحد اجتهاد وتحقيق وعدم تمسّك بالتقليد الصِرف. إن ما قام به الشيخ المفيد من كتابة تعليقات على كتاب الاعتقادات للشيخ الصدوق ـ بما كل ما له من عظمة ـ بل وحتى مؤاخذات أحياناً (وبغض النظر عن مسألة مطابقة رأي أي منهما للواقع)، يوجب عظمة الدين. لقد كان الشريف المرتضى يدخل أحياناً في نقاشات مع كبار علماء الشيعة من غير خوف ورهبة، في محاولة لتعديل بعض أقوالهم. كما ينبغي القول أيضاً أنه قد وقع أحياناً في أخطاء لا يُستهان بها. والمعصوم من عصمه الله.
واما بالنسبة إلى الأسئلة الاخرى فينبغي القول إنَّ ما ارتجيه ـ جرياً على خُطا سائر الحريصين ـ هو تقديم جميع ما بين أيدينا من تراث المرحوم الشريف المرتضى، بشكل صحيح وكموسوعة. المؤلفات التي طُبعت في ما سبق كما ينبغي، تُطبع على هيئتها مع مراعاة حقوق محقّقيها. ولا ينبغي ان يُعاد التحقيق من جديد ويُطبع كتاب باسم محقق جديد لمجرّد وجود بضعة أخطاء يمكن التنبيه إليها بواسطة صفحة من تنبهات الى الاخطاء.
ان الأمر يستدعي تأليف كتاب تحليلي وموثّق حول سيرة هذا العالم الجليل؛ إذ ان موضع هذا الكتاب له فراغ مشهود في المكتبات، غير ان تكرار المكررات وهو ما أصبح شائعاً في الآونة الاخيرة، فهو عمل غير محبّذ ولا فائدة فيه.
وأما بالنسبة إلى البحوث فينبغي ان تكون معمّقة حتى وان كان عددها قليلاً. كما ينبغي أيضاً توخّي الدقّة في قبولها فان كانت فيها شيء من التجديد ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب القواعد الأصيلة.
الأعمال الثقافية والدينية التي تُنجز بنفقات بيت المال ومن اموال الحكومة، ينبغي الاقتصاد فيها إلى أقصى حد ممكن وان يُنظر إليها على انها عمل علمي وديني وليس مشروعاً للتكسّب. واذا كان الآخرون يتقاضون مبالغ كبيرة لقاء ما يقومون به من تحقيق الكُتب، فهذا لا ينبغي ان يُتخذ ذريعة ويؤدي إلى افراغ عملنا ـ نحن الحوزويين ـ من الجانب المعنوي.
أوّل ما أبدأ بتوجيه النصيحة والموعظة إلى نفسي وأقول لو قُورن ما يُسمّى بالأعمال العلمية الجديدة مع المشقّة المظنية والمتاعب التي كان يبذلها السابقون، فهل هناك تشابه بينهما من الناحية المعنوية؟ فهل صاحب كتاب وسائل الشيعة الذي قضى عشرين سنة من العمل المتواصل، أو ثقة الإسلام الكليني الذي انفق من عمره ۲۰ سنة من العمل، أو الشيخ الصدوق بما كان له من أسفار في ظروف واوضاع ذلك الزمان، هل كانوا يرتجون الحصول على أجر مقابل أتعابهم سوى من الله تعالى ومن أهل البيت(ع)؟ أقول لنفسي: ينبغي أن أسعي وأحاول السير على غرار سيرتهم على الاقل والتشبّه بهم لأكون في مصافهم أو حتى وإن كان أدنى منهم بكثير.
ملاحظة أخيرة
في ما يخص موسوعة الشريف المرتضى، من الضروري والمفيد اعداد مجلد لفهارس شاملة لها. يُذكر فيها معاصروه والكتب التي اعتمدها. واذا اراد المحققون ايجاد خلاصة لجميع كتبه ومؤلفاته الموجودة، يسهل عليهم ذلك، وهكذا الحال بالنسبة إلى الآيات القرآني التي وردت في كتبه.
كتاب الشافي بما له من مكانة، تكتنفه مشاكل من حيث العبارات ونظمها، حتى ان الشيخ الطوسي بادر إلى تلخيصه. وينبغي ان يوضع هذا التلخيص إلى جانب مؤلفاته. وهذه الطبعة الموجودة حالياً ممتازة ولا تحتاج إلى عمل جديد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: الامانة العامة لمؤتمرات مؤسسة دارالحدیث