printlogo


printlogo


□ مقالة/ الجزء الأول
أساليب التغييب لفضائل أمير المؤمنين(ع)   (حديث الغدير أُنموذَجاً)

▪ المقدّمة
ابتُلي التراث الإسلامي بآفات عديدة، لعل من أبرزها ظاهرة تغييب فضائل أهل بيت النبوّة ومحاولة إخفائها؛ ليُغلق الطريق أمام انتقالها إلى الأجيال اللاحقة، على الرغم من كونها كرامات خصَّهم الله بها. ولم يُستثنَ الإمام أمير المؤمنين من تلك الظاهرة، حيث تعرَّضت فضائله لهجمة شرسة تطوَّع فيها بعض المخالفين وبأساليب متعدّدة؛ للحدِّ منها، مع أنّها ملأت الخافقين.
نسلِّط الأضواء في هذا المقال على الأساليب التي استُخدمت في إخفاء فضائل الإمام علي(ع) متَّخذين من حديث الغدير أُنموذجاً، وقد اخترنا هذا الحديث لشهرته وكثرة الحضور عند إبلاغ النبي(ص) به، ومع ذلك تجرّأ بعض المؤرِّخين والمحدِّثين على إخفائه وتغييبه  كحدث وحديث  ومنه يُعرف مدى خطورة مسلك أولئك المؤرِّخين وقدرتهم على التلاعب بالتاريخ مهما كانت وقائعه واضحة.
وفيما يلي نستعرض تلك الأساليب التي استُخدمت في هذا المجال:
▪ الأُسلوب الأوّل: تغييب الحديث من حيث المكان
إنّ المكان يلعب دوراً مهمّاً في فهم كثير من الحوادث التاريخية، وقد يقترن الحدث بمكان ما بحيث ينتقل الذهن إلى المكان بمجرّد ذكر الحادثة، فإذا غُيِّب المكان وأُلغي من الرقعة الجغرافية نهائيّاً فسيحيط بتلك الحادثة غموض، وهذا ما حدث لواقعة غدير (خم)، حيثُ حاولت الدول المتعاقبة في منطقة الحجاز إخفاء هذه المنطقة وربط الغدير بميقات الجحفة ليشتبه على مَن يريد الوصول إليه والصلاة في مسجده من الشيعة، وهذا ما جعل (أدارسة مراكش) يهتمّون به بشكل خاصّ منذ سنة (172ه) إلى سنة (310ه) لعمارة وبناء الجحفة، الذي حفظ ذكرى الغدير في مسير العودة من حجّة الوداع، بدليل الاهتمام بسفر الحجّاج المصريّين والمغاربة. ويجب أن لا ننسى أنّ منطقة الحرمين  مكّة والمدينة  كانت جزءاً لا يتجزّأ من حكومة مصر، وقد انضمّت بعد سقوط الفاطميّين إلى منطقة نفوذ صلاح الدِّين الأيّوبي، وقد جرت سياسة الولاة والخلفاء على إبقاء هذا الميقات متهدِّماً طيلة قرون مديدة، كي لا تكون حادثة توقّف الرسول(ص) في مكان باسم (غدير خم) إحراجاً لقوم وتقويةً لآخرين!
إنّ سقوط الفاطميّين سنة (567ه) بيد صلاح الدِّين الأيّوبي، وتسنّم الأيوبيّين السلطةَ في مصر (564  648ه) الذي صار سبباً لازدهار ميناء جدّة، وجعل الجحفة في مسير الانهدام ومعْرَضه، جعلهم يفرحون أنّهم استطاعوا  عوضاً عن الفهم الصحيح للتأريخ  أن يحذفوا التأريخ!
والآن وقد جُدِّد بناء مسجد الميقات، وتوفّرت الإمكانات اللازمة للذين يريدون أن ينسلّوا من ملذاتهم ويحرروا أنفسهم في هذا الميقات ليضعوها أمام الله، فإنّ الفرصة سانحة لإحياء تاريخ أهمّ مكان على مسير عودة الرسول من حجّة الوداع، بإحياء مسجد الغدير في جهة شمال شرقي البناء التاريخي، وبنفس الاعتبار التاريخي والشرعي، وهمّة الذين جدّدوا بناء مسجد الميقات، وبناء مسجد بدر في بدر، وبناء مسجد العقبة في منى، ومسجد عمر ومسجد عليّ(ع) في المدينة.
ومثل هذا الإلغاء للمكان كان إلغاء مكان مرقد الإمام علي(ع) في النجف، إمعاناً في تغييب فضائل ومناقب الإمام(ع)، وأوّل مَن أثار تلك الشبهة هو الخطيب البغدادي، قائلاً: «حكى لنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا بكر الطلحي يذكر أنّ أبا جعفر الحضرمي  مطيناً  كان ينكر أن يكون القبر المزور بظاهر الكوفة قبر عليّ بن أبي طالب(ع). وكان يقول: لو علمتْ الرافضة قبر مَن هذا لرجمته بالحجارة، هذا قبر المغيرة بن شعبة. وقال مطين: لو كان هذا قبر عليّ بن أبي طالب؛ لجعلت منزلي ومقيلي عنده أبداً». وتابعه على ذلك بعض المؤرِّخين من العامّة منهم: ابن عساكر وابن خلكان والذهبي وابن كثير، وقد أبطل هذه الشبهة كثير من العلماء من الشيعة وغيرهم، فقد كتب السيد عبد الكريم بن طاووس رسالة في ذلك سمّاها (فرحة الغري في تعيين قبر الإمام علي(ع))، وكذلك ردَّ على هذه الشبهة ابن أبي الحديد في شرح النهج.
إنّ جرأة هؤلاء المؤرِّخين والمحدِّثين، بلغت إلى هذا المقدار وهو إلغاء أماكن بهذه الشهرة، تدعونا إلى التأمّل في الكثير من المدوّنات التاريخيّة ودراستها دراسة متفحِّص لئلّا تخفى علينا حقائق التاريخ واستحقاقات أفراده.
▪ الأُسلوب الثاني: تغييب الشهود
ولم ينتهِ الأمر إلى هذا المقدار فقط، بل حاول بعض المؤرِّخين إلغاء تجمُّعٍ جماهيريٍّ هائل ربما لم يشهد تاريخ الجزيرة العربية مثله؛ إذ إنّ عدد حضور الغدير يبلغ عند ابن الجوزي: مائة وعشرين ألفاً، وعند الطبرسي: سبعين ألفاً، وقد صرّح الإمام الصادق(ع) بأنّه بالرغم من وجود هذا العدد الهائل من المسلمين، لم يستطع الإمام أمير المؤمنين(ع) أن يأخذ حقّه ظاهراً، فقد قال(ع) لعمرو بن يزيد: «العجب يا أبا حفص! لما لقى عليّ بن أبي طالب، أنّه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر على أخذ حقّه، والرجل يأخذ حقّه بشاهدين، إنّ رسول الله(ص) خرج من المدينة حاجّاً ومعه خمسة آلاف، ورجع من مكّة وقد شيَّعه خمسة آلاف من أهل مكّة، فلمّا انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي(ع)»، وقد ذكر ابن أبي الحديد أنّ الحضور كانوا مائة ألف.
إنّ وجود حشدٍ جماهيريّ بهذا العدد الهائل لم يكن ذريعةً كافية للبخاري  مثلاً  أو غيره لثبوت صحّة هذه الحادثة وما جرى فيها، فكيف بغيره من المؤرِّخين والمحدِّثين؟! فلم أرَ مثله حقّاً أُضيعَا.
الأُسلوب الثالث: تغييب المعنى
وهناك طائفة أُخرى أكثر تضييعاً للحقائق من سابقتها في تغييب الفضائل، هذه الطائفة لمّا ثبتت عندها الواقعة زماناً ومكاناً تصرَّفت في المتن بحثاً عن شبهة تصرّف المعنى المراد منه إلى غير مقصود الشارع ومراده، وهؤلاء هم الذين وقفوا عند لفظ (المولى) في حديث الغدير، وراحوا يصرفونه إلى معانيه اللُغوية الأُخرى، وهي بالطبع غير مرادة للنبي(ص) في ذلك اليوم. نعم، إنّ لكلمة مولى عدّة معانٍ لُغوية، فقد قال ابن الأثير: «وقد تكرّر ذكر المَوْلَى في الحديث، وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة، فهو: الرَّبُّ، والمَالكُ، والسَّيِّد، والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ، والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد، والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه».
وقد حاول الكثير من المحدِّثين صرف هذا المعنى عن الولاية والخلافة، فهذا الفخر الرازي في تفسيره لمّا وصل إلى قوله(ص): «مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه»، قال: «وفي لفظ المولى ههنا أقوال: أحدها قال ابن عباس: [مَوْلَاكُمْ] أي مصيركم، وتحقيقه أنّ المولى موضع الولي، وهو القُرب، قال تعالى: [النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ]؛ فالمعنى أنّ النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتَصِلون إليه. والثاني: قال الكلبي: يعني أوْلى بكم، وهو قول الزجّاج والفرّاء وأبي عبيدة، وزعم أنّ ما قالته الشيعة ليس تفسيراً، وإنّما معنى، قال: واعلم أنّ هذا الذي قالوه معنى، وليس بتفسير للفظ، لأنّ لو كان مولى وأوْلى بمعنى واحد في اللّغة؛ لصحّ استعمال كلّ واحد منهما في مكان الآخر، فكان يجب أن يصحّ أن يُقال: هذا مولى من فلان كما يقال: هذا أوْلى من فلان، ويصحّ أن يقال: هذا أوْلى فلان كما يقال: هذا مولى فلان، ولمّا بطل ذلك؛ علمنا أنّ الذي قالوه معنى وليس بتفسير، وإنّما نبّهنا على هذه الدقيقة لأنّ الشريف المرتضى لمّا تمسّك بإمامة عليٍّ، بقوله: (مَن كنت مولاه فعلي مولاه) قال: أحد معاني مولى أنّه أولى، واحتجّ في ذلك بأقوال أئمّة اللّغة في تفسير هذه الآية، بأنّ مولى معناه: أوْلى، وإذا ثبت أنّ اللفظ محتمل له وجب حمله عليه؛ لأنّ ما عداه إمّا بيّن الثبوت، ككونه ابن العمّ والناصر، أو بيّن الانتفاء، كالمعتِق والمعتَق، فيكون على التقدير الأول عبثاً، وعلى التقدير الثاني كذباً، وأمّا نحن فقد بيّنا بالدليل أنّ قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير، وحينئذٍ يسقط الاستدلال به. وفي الآية وجه آخر: وهو أنّ معنى قوله: [هِيَ مَوْلَاكُمْ] أي: لا مولى لكم؛ وذلك لأنّ مَن كانت النار مولاه فلا مولى له، كما يُقال: ناصره الخذلان ومعينه البكاء؛ أي: لا ناصر له ولا معين، وهذا الوجه متأكّد بقوله تعالى: [وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ]، ومنه قوله تعالى: [يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ].
لكن المعنى للحديث منحصر بالأَوْلى الذي هو المتقدِّم غير مقيَّد بشيء من الأشياء وحال من الأحوال، قال أبو الصلاح الحلبي: «وأمّا إفادة الأوْلى للإمامة فظاهر، لأنّ حقيقة الأوْلى: الأملك بالتصرُّف، الأحقّ بالتدبير، يقولون: فلان أوْلى بالدم وبالمرأة وباليتيم وبالأمر؛ بمعنى الأحقّ الأملك، فإذا حصل هذا المعنى بين شخص وجماعة اقتضى كونه مفترض الطاعة عليهم من حيث كان أوْلى بهم من أنفسهم في تقديم مراداته وإن كرهوا».
وقال الشيخ الأميني في الغدير، بعد البحث في صحّة خبر الغدير: «وأمّا دلالته على إمامة مولانا أمير المؤمنين(ع) فإنّا مهما شككنا في شيء فلا نشكّ في أنّ لفظة (المولى) سواء كانت نصّاً في المعنى الذي نحاوله بالوضع اللُّغوي، أو مجملة في مفادها لاشتراكها بين معانٍ جمّة، وسواء كانت عَرِيّة عن القرائن لإثبات ما ندّعيه من معنى الإمامة أو محتفّة بها، فإنّها في المقام لا تدلّ إلّا على ذلك؛ لفهم مَن وعاه من الحضور في ذلك المحتشد العظيم، ومَن بلغه النبأ بعد حين ممَّن يُحتجّ بقوله في اللُّغة من غير نكير بينهم، وتتابع هذا الفهم فيمَن بعدهم من الشعراء ورجالات الأدب حتى عصرنا الحاضر، وذلك حجّة قاطعة في المعنى المراد».
ولهذه الأسباب ولعلم الأئمّة(ع) بأنّ البعض سوف يتلاعب بالمعنى المراد من المولى أو بالحديث عموماً، راحوا يبيِّنون لشيعتهم المعنى والمراد بأجلى عبارة لا تحتمل التأويل، فعن سهل بن قاسم النوشجاني، قال: قال رجل للرضا(ع): يا بن رسول الله! إنّه يروى عن عروة بن الزبير أنّه قال: توفّي النبي(ص) وهو في تقية، فقال: «أمّا بعد قول الله: [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ  وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ  وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ]، فإنّه أزال كلَّ تقية بضمان الله عزوجل له، وبيّن أمر الله تعالى، ولكن قريشاً فعلت ما اشتهت بعده، وأمّا قبل نزول هذه الآية فلعله».
فمن الواضح أنّ قول الإمام: «أزال كلَّ تقية»، لا يُراد به المعاني الأُخرى التي أراد لها مَن فسَّرها به.
وعن إبراهيم بن رجاء الشيباني قال: قيل لجعفر بن محمد(ع): ما أراد رسول الله(ص) بقوله لعليٍّ(ع) يوم الغدير: «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه». قال: فاستوى جعفر بن محمد(ع) قاعداً، ثمَّ قال: «سُئل  والله   عنها رسول الله(ص)، فقال: الله مولاي أوْلى بي من نفسي لا أمرَ لي معه، وأنا مولى المؤمنين أوْلى بهم من أنفسهم لا أمرَ لهم معي، ومَن كنت مولاه أوْلى به من نفسه لا أمرَ له معي، فعليّ بن أبي طالب مولاه أوْلى به من نفسه لا أمرَ له معه».
وعن الحسن بن طريف، قال: كتبتُ إلى أبي محمد(ع) أسأله ما معنى قول رسول الله(ص) لأمير المؤمنين(ع): «مَن كنت مولاه فهذا مولاه»، قال: «أراد بذلك أن جعله عَلماً يُعرَف به حزب الله عند الفرقة».
أمّا أبان بن تغلب، فقد قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي(ع) عن قول النبي(ص): «مَن كنت مولاه». فقال: «يا أبا سعيد! تسأل عن مثل هذا؟! أعلمهم أنّه يقوم فيهم مقامه».
يتّضح ممَّا تقدَّم أنّ معنى (المولى) في حديث الغدير قد تعرَّض إلى أخطر هجمة تغييب وتهميش؛ وذلك بصرف المراد الحقيقي منه الذي نطق به النبي(ص) إلى ما سواه.
▪ الأُسلوب الرابع: قَلْب الفضائل إلى مثالب
ومن وسائلهم في طمس الفضائل والمناقب، قَلْب الفضائل من الأوصاف السامية المباركة الموضوعة لها إلى مثالب ومطاعن، فمن ذلك أنّ النبي(ص) حين احتفى بتنصيب أمير المؤمنين يوم الغدير خليفة للمسلمين عقد اجتماعاً للاحتفال بهذه المناسبة في الجحفة، فنصب خيمة للاجتماع ومبايعة أمير المؤمنين(ع)، وكانت له(ص) عمامة اسمها (السحاب)، فعمَّم بها أمير المؤمنين(ع)، وأمرهم بالدخول عليه في تلك الخيمة، ومصافحته ومبايعته، فدخل الصحابة واحداً بعد الآخر، حتى أنّ عمر بن الخطاب قال كلمته المشهورة: «بخٍ بخٍ لك يا عليُّ، أصبحتَ مولاي ومولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنة».
فكان أمير المؤمنين بعد ذلك إذا حضر متعمّماً بتلك العمامة يقول النبي(ص): «أتاكم عليٌّ في السحاب». وهذا هو المعنى الصحيح لما يُنسب إلى الشيعة من قولهم: (جاء علي(ع) في السحاب)، والمفهوم لدى عامّة المسلمين، ولا يرتاب فيه أحدٌ لوضوحه، إلّا أنّه لم يرُق لبعض المحدِّثين والمؤرِّخين بقاء تلك الفضيلة الدالّة على الغدير، والمذكِّرة به، فعمد إلى تشويهها إمعاناً في إبطالها وتغييب حقيقتها.
فقال الملطي في التنبيه والردّ: «قولهم (يعني: الروافض): (عليٌّ في السحاب)، فإنّما ذلك قول النبي(ص) لعليٍّ حين أقبل وهو متعمّم بعمامة النبي(ص) كانت تُدعى السحاب، فتأوّله هؤلاء على غير تأويله».
وقد نسب عبد الكريم الشهرستاني في (الملل والنحل) إلى فرقة من فرق الشيعة وهم السبائية قولهم: «وهو الذي (يعنى عليّاً(ع)) يجيئ في السحاب، والرعد صوته، والبرق تبسُّمه»، فاُنظر كيف أُوِّل الحديث افتراءً علينا!
والحقيقة إنّ هذا المعنى لم يتأوَّله أحدٌ منهم قط  من أوّل يومهم  على غير تأويله، كما ذكر الملَطي، وإنّما أوَّله الناس افتراء عليهم، وليت الملطي دلّنا على فرقة قالت بذلك! وإنّما هم أفراد شذّاذ تجد أمثالهم في كلِّ ملِّة ودين، فتعميم القول بذلك لكلِّ الشيعة، ونبزهم بالروافض وراءه ما وراءه!
وقد جاء كلام الملطي في سياق حديثه عن فِرَق الرافضة  حسب تعبيره  وقسَّم فِرَقهم إلى ثماني عشرة فِرْقَة، ومن تلك الفِرَق فِرقة السبئية، ثمَّ قسَّم السبئية إلى فِرَق، ونسب إليهم عدّة معتقدات. فإذا كان قصده أنّ هؤلاء هم الشيعة فقد نسب إليهم كثير من الأُمور ظلماً وجهلاً، فالشيعة لا تقول بأنّ الإمام عليّاً(ع) لم يمت، ولم تقل بإمامة محمد بن عليٍّ الذي لا زال يحرسه الأسد في غار!!
تم الجزء الأول ویلیه الجزء الثاني في العدد المستقبل
المصدر: مجلة الإصلاح الحسیني، العدد الثامن