سیماء الصالحین
يقول العلّامة المطهّري(ره)
أيّام الدراسة ذهبت في إحدى السنين إلى نجف آباد قرب أصفهان، كان الوقت شهر رمضان، عطّلت الدروس وكان أصدقاؤنا هناك. ذات يوم، كنت أريد اجتياز الشارع إلى الطرف الآخر، وعندما وصلت إلى وسط الطريق جاءني قرويّ وقال: «مولانا، عندي مسألة فأجبني عن مسألتي»، قلت: «قل»، قال: «هل يتعلّق غسل الجنابة بالبدن أم بالروح؟» قلت: «أنا لا أفهم معنى هذا الكلام، غسل الجنابة كأيّ غسل». وتنبّهت إلى أنّه قد يكون فكّر في معنًى صحيح، قلت: «هو من جهة مرتبط بروح الإنسان؛ لأنّه يحتاج إلى نيّةـ ومن جهة أخرى يرتبط بالبدن؛ لأنّ الإنسان يغسل بدنه». وسألته: «هذا هو مرادك؟».
قال: «لا، أجبني جواباً صحيحاً غسل الجنابة يتعلّق بالبدن أم بالروح؟».
قلت: «لا أدري».
قال: «فلماذا كوّرت هذه العمامة على رأسك؟».
صعدت بمقدار معلوماتي
ابن الجوزي، أحد الخطباء المعروفين في عصره، ارتقى منبراً ذا درجاتٍ ثلاث وبدأ يتحدّث إلى الناس، فقامت امرأة من الجالسين وسألته سؤالاً قال: «لا أدري»... قالت: «إذا كنت لا تدري فلمَ جلست فوق الناس بثلاث درجات؟ قال: «هذه الدرجات الثلاث التي صعدتها هي بمقدار ما أعلم أنا ولا تعلمونه أنتم، لقد صعدت بمقدار معلوماتي ولو أنّي أريد أن أصعد بمقدار مجهولاتي لكان ينبغي أن يُصنَع لي منبرٌ يلامس فلك الأفلاك».
المصدر: سیماء الصالحین، ص 232