printlogo


printlogo


کلمة رئیس التحریر
کهرباء الحبّ

 العجب يملأني، بل يملأ العالم بأسره! من ماذا؟ من حبّ يشبه الكهرباء، يبعث الحياة في القلب، يدفعه للانطلاق نحو وادي الجنون، ليقفز في فضاء لا نهاية له من النشوة. فضاء مفعم برائحة شجرة السنط، ممتلئ بألحان العندليب العذبة. تراب هذا الفضاء تفوح منه رائحة الجنة، فيسحر القلب ويجعله هائماً، غير مستقرّ.
القلب يتحرر من قيود العقل، يجتاز هذا السهل اللامتناهي ويذوب في أفق الشغف. يغمر السهل نور فضي لامع يشدّ الأنظار. أبحث عن مصدره، فأجد عموداً من الضوء يمتدّ من الأفق إلى السماء، كأنه شعاع يتدفق من العرش ليُضيء هذا السهل. نور لا يُتعب العين، بل يزيدها بريقاً وسحراً.
أشعر بداخلي بحرارة غريبة، لذيذة، تمنحني الحياة. حرارة أتمنى أن تبقى معي إلى الأبد، أن يبقى قلبي متجولاً في هذا الفضاء اللامحدود من الحب، رافعاً جسدي الترابي إلى قمة النشوة والسكينة. حرارة تجعلني أشعر وكأنني أتحول إلى طيف، أحلق بلا قيود، أبحث عن المعشوق في كل زاوية من هذا الكون، وأراه في كل شيء حولي: في زرقة السماء، في خضرة الأرض، وحتى في صمت النجوم.
عن مَن أتحدث؟ عن عاشق شرب كأس الحب دفعة واحدة، فأصبح سيد المخمورين في عالم العشق. عن حبّ اشتعل بكيانه، غمر وجود الحسين(ع) حتى أفناه في المعشوق. ومنذ تلك اللحظة، صار وجوده كهرباء جذب، يلفّ الأرواح، يأسر القلوب، ويمنح الطمأنينة لكل من أضاع ملاذه في دروب الحب.
إنه حبّ لا يُقاس بالزمن ولا بالمكان، حبّ يتجاوز حدود المادة ليصبح شعوراً خالصاً، يبعث فينا الإحساس بالحياة الأبدية. هو الحب الذي يجعلنا ندرك أن الذوبان في المعشوق ليس فناءً، بل حياة جديدة، حياة مليئة بالنور، بالنقاء، وبالسكينة التي لا تُوصف.
الحسين(ع)، ذلك الكيان الذي أصبح مرآة للحبّ الإلهي، ذلك النور الذي يضيء دروب العاشقين، هو من جعل وجوده رسالة؛ رسالة تخبرنا أن الحب الحقيقي ليس امتلاكاً، بل عطاءً بلا حدود، وأن من ذاق طعم هذا الحب، لن يعود كما كان أبداً.