کلمة رئیس التحریر
لا تقتلعونا العواصف مهما اشتدت
تواجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ عقود تحديات جيوسياسية معقدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تجد نفسها في مواجهة ضغوط متعددة الأوجه من القوى الإقليمية والدولية. هذا الوضع قد شكل جانباً مهماً من السياسة الخارجية الإيرانية ونظرتها للأمن القومي.
منذ الثورة الإسلامية عام 1979، اتخذت إيران موقفاً معارضاً للهيمنة الأمريكية في المنطقة ولوجود إسرائيل، معتبرة نفسها جزءاً من "محور المقاومة" الذي يضم حلفاء مختلفين في المنطقة. هذا الموقف الاستراتيجي أدى إلى فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على البلاد، خاصة في قطاعات النفط والبنوك والتكنولوجيا.
رغم هذه الضغوط، نجحت إيران في تطوير قدراتها العسكرية والتكنولوجية بشكل ملحوظ. فقد استثمرت في برامج الصواريخ الباليستية وتقنيات الطائرات المسيرة، وطورت صناعات دفاعية محلية قادرة على إنتاج أسلحة متطورة. كما نجحت في بناء شبكة من التحالفات الإقليمية مع جماعات ودول مختلفة تشاركها الرؤية السياسية.
على الصعيد الاقتصادي، واجهت إيران تحديات كبيرة بسبب العقوبات، لكنها طورت استراتيجيات للتكيف معها. شملت هذه الاستراتيجيات تنويع الشركاء التجاريين، خاصة مع الصين وروسيا، وتطوير القطاعات غير النفطية، والاستثمار في التكنولوجيا والصناعات المحلية. كما عملت على تطوير آليات مالية بديلة لتجاوز القيود المصرفية الدولية.
في المجال التكنولوجي، حققت إيران تقدماً في عدة قطاعات رغم القيود المفروضة عليها. فقد نجحت في تطوير قدرات في مجال الطاقة النووية السلمية، وحققت إنجازات في علوم الفضاء والطب والزراعة. هذا التقدم التكنولوجي ساهم في تعزيز الثقة بالنفس والاعتماد على القدرات الذاتية.
على المستوى الإقليمي، لعبت إيران دوراً مؤثراً في عدة ملفات، من العراق وسوريا إلى لبنان واليمن. هذا النفوذ الإقليمي، رغم إثارته للجدل، يُنظر إليه من المنظور الإيراني كجزء من استراتيجية الدفاع الاستباقي وحماية المصالح القومية.
إن التجربة الإيرانية في مواجهة التحديات الخارجية تظهر قدرة الدول على التكيف والصمود حتى في ظل الضغوط الشديدة، وإن كانت هذه التجربة تثير نقاشات واسعة حول تكاليفها وتبعاتها على الشعب الإيراني والمنطقة ككل.