الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي، عالم جليل ترك بصمة خالدة في تاريخ الأمة الإسلامية، لم يكن مجرد فقيه ينكبّ على الكتب، بل كان مثالًا لرجل حمل همّ الأمة، ونذر حياته لنشر العلم ومواجهة الظلم والجهل. وُلد في قرية بسيطة، لكنه انطلق في رحلة علمية مكللة بالعزم والإخلاص، لينير دروب عصرٍ مظلمٍ لا يخلو من الفتن والمكائد.
كان الشيخ عبد الكريم صاحب قلب نابض بالإيمان، وروح زكية تسعى إلى الله، وقد استطاع بثباته أن ينير قلوب تلامذته بمعارفه، زارعًا فيهم بذور التقوى والإخلاص. رغم صعوبة الظروف وتكالب الأعداء، ظل ثابت الجنان، ينشر العلم بالحكمة والتواضع، ليكون قدوة في زهده وتقواه ووعيه السياسي والاجتماعي.
في زمن خيمت فيه الظلمات على النفوس، ارتفع صوت الشيخ عبد الكريم، لا بالصراخ، بل بالعلم والعمل. أحيا الحوزة العلمية في قم المقدسة، التي أنجبت رجالًا عظماء أعادوا للأمة عزها وهيبتها. كان إنسانًا قبل أن يكون عالمًا، عاشقًا للبساطة، محبًا للناس، ساعيًا لخيرهم، وواقفا كالطود في وجه الظالمين.
مساهماته العلمية والاجتماعية لم تكن مجرد إنجازات عابرة، بل دروسًا حية في العزيمة والإصرار والإيمان بالمبادئ. رحل الشيخ عن الدنيا، لكن روحه وأعماله باقية، كنجمة لا تأفل، وكمنارة تضيء الأجيال القادمة. كانت حياته رحلة نورٍ خرجت من قلب الظلمات، لتقدم درسًا خالدًا في قدرة الإنسان على تغيير التاريخ بإخلاص النية وقوة الإرادة.
طوبى للشيخ عبد الكريم، هذا النجم الذي لن ينساه التاريخ، وستظل سيرته إشعاعًا للأجيال القادمة في العلم والأخلاق والتقوى.