printlogo


printlogo


کلمة رئیس التحریر
خديجة الكبرى: أم الإيمان والتضحية

في تاريخ الإسلام، يبرز اسم امرأة عظيمة تتألق أنوارها في سماء الإيمان والتضحية. إنها السيدة خديجة(س)، التي لم تكن فقط أول امرأة آمنت برسول الله(ص)، بل كانت أيضًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا في نشر الإسلام ودعم النبي(ص). هذه السيدة الجليلة، بإيمانها الراسخ، ومحبتها العميقة، وتضحيتها اللامحدودة، لعبت دورًا فريدًا لا نظير له في تاريخ الإسلام.
كانت السيدة خديجة(س) من بيت قريش ومن أغنى نساء مكة، وقد كرّست كل ما تملكه من مال وثروة في سبيل دعم النبي(ص) ومساعدته في تحقيق هدفه السامي، وهو نشر رسالة التوحيد. لقد كان لهذا العمل العظيم دور حاسم في تطور الإسلام، خاصة في المراحل الأولى التي كانت مليئة بالصعوبات والتحديات.
ثروة السيدة خديجة(س)، التي اقترنت بحسن تدبيرها وبُعد نظرها، كانت بمثابة دعامة متينة ساعدت النبي(ص) على تخطي العقبات الكبيرة التي واجهها في سبيل نشر الإسلام. ففي الوقت الذي بذلت فيه قريش قصارى جهدها لفرض الحصار الاقتصادي والاجتماعي على المسلمين، كانت أموال السيدة خديجة هي التي قدمت العون للمسلمين. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، فترة الحصار في شعب أبي طالب، حيث عاش النبي والمسلمون أشد أنواع الضيق والمعاناة. في تلك الفترة، كانت ثروة السيدة خديجة لا تقتصر على تأمين الاحتياجات المادية للمسلمين، بل ساهمت أيضًا في الحفاظ على معنوياتهم وإيمانهم.
كذلك، دعم السيدة خديجة المالي للنبي(ص) جعله مستغنيًا عن أي مساعدة من الآخرين، مما أتاح له التركيز الكامل على تبليغ الرسالة الإلهية. وهذا يُظهر أهمية الثروة في تحقيق الأهداف الدينية، بشرط أن تُستخدم في طريق الله وبنية خالصة.
إن ذكرى السيدة خديجة(س) تذكرنا دائمًا بأن الثروة، إذا اقترنت بالإيمان والإخلاص، يمكن أن تكون وسيلة قوية لنشر الدين وتعزيز القيم الإيمانية. إن تضحية هذه السيدة العظيمة تشكل نموذجًا خالدًا لكل البشر، وخاصة النساء المسلمات، لكيفية تحويل الممتلكات الدنيوية إلى ثروة أبدية.
وفي الختام، فإنه من واجب جميع المسلمين أن يقتدوا بسيرة هذه السيدة الجليلة، وأن يكرسوا ما يستطيعونه من جهد وثروة في سبيل نشر القيم الإلهية والإنسانية. السيدة خديجة(س) ليست فقط أمًا روحية للمسلمين، بل هي رمز للإيمان والتضحية والإيثار الذي سيظل خالدًا في صفحات التاريخ الإسلامي المشرق.