كلمة رئيس التحرير
أمّ الأمّة
فاطمةُ، عليها السلام، بضعةٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وجزءٌ من وجوده الشريف، فسرورها سرورهُ، وحزنُها حزنهُ، كما قال عليه الصلاة والسلام: "إنما فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني، ومن أحبها فقد أحبني، ومن سرها فقد سرّني". وَهيَ التي قال عنها النبيُّ صلى الله عليه وآله: "إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها".
ولم يكن تعلقُ النبيِّ صلى الله عليه وآله العميق بابنته الوحيدة نابعاً من مشاعر أبويةٍ فحسب، بل كان ينبعُ أيضاً من محبتهِ الغامرة لأمته، التي كان ينظر إليها كأبنائه. ففاطمةُ زوجةُ أمير المؤمنين، وأمُّ أئمة هذه الأمة، فوجب التنويه بمكانتها السامية، وتأكيدُ شرفِ مقامها بتكرارِ النبيِّ صلى الله عليه وآله لِيثبت مكانتها العظيمة في القلوب والعقول، ولئلا تنسى الأمةُ منزلتها ومقامها، ولِتسلك بمحبتها سبيلَ الحقِّ بإخلاصٍ، حتى تبلغَ الأمة مقصدها الأسمى وهو قربُ الله تعالى.
فمن سعى في نيل رضا رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد سلك سبيلَ الهدى والرشاد، ولا يُسخطُ بضعةَ النبيِّ صلى الله عليه وآله وفلذة كبده إلا من سلك سبيلَ الغيّ والضلال. وكما أن اتباع النبيِّ صلى الله عليه وآله دليلٌ على محبة الله، فإن اتباع فاطمة عليها السلام يُنالُ به رضا الله تعالى. وقد قال الإمامُ محمدُ الباقرُ عليه السلام: "ولقد كانت - عليها السلام - مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش، والأنبياء والملائكة".