هل التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ(ع) معتبر؟
الجواب:
قد تبيّن لنا من خلال البحث في هذه المسألة أنّ هناك اختلافاً بين المحدّثين والمفسرين والفقهاء وأصحاب كتب الرجال منذ القرن الرابع إلى عصرنا هذا في اعتبار التفسير المشهور بتفسير الإمام العسكري(ع).
فمنهم من يقول بصدوره عن الإمام(ع) ويَعُـدُّه مصدراً كسائر الكتب الحديثية المعتبرة لتفسير آيات القرآن الكريم.
ومنهم من يعتقد بكونه موضوعاً ومختلقاً على الإمام(ع).
ومنهم من يرى أن سنده ضعيف، ولكن بعض منقولاته صحيحةٌ وصادرةٌ عن المعصوم بشهادة القرائن الخارجية، وفي بعض الموارد بشهادة المتن وإتقانه.
ومنهم من يقول بغير هذه الأقوال. [ينظر: التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (ج1/ص681 وما بعدها)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
وقد سُجِّلتْ بعض الاعتراضات التاريخية على هذا الكتاب:
فمنها: أنه قد ذُكر في قسمٍ من هذه الكتاب أن المختار قد سُجن في زمن الحجّاج، على الرغم من أن الحجّاج أصبح أميراً للكوفة بعد موت المختار.
وانتهى بعض المحققين إلى أنه لا دليل على الوضع في الكتاب كلياً، ولا الصدور من المعصوم(ع) كلياً، بل أمر بين أمرين، فيكون التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(ع) كسائر الكتب الحديثية، فيه الصحيح والمقبول، والضعيف والمردود، فالرد والقبول بالنسبة إلى كل رواية من رواياته يحتاج إلى بحث وتحقيق وتحصيل القرائن. [ينظر: التفسير المنسوب إلی الإمام العسكري (ج1/ص703)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
وأمّا الذين نفوا نسبة الكتاب إلى الإمام العسكريّ(ع) فحجّتهم في ذلك تتبيّن ممّا يلي:
1- ابن الغضائري، صاحب كتاب "الضعفاء" قال فيه: محمد بن القاسم المفسّر الأسترآبادي روى عنه أبو جعفر ابن بابويه ضعيف كذّاب، روى عنه تفسيراً يرويه عن رجلين مجهولين، أحدهما يعرف بيوسف ابن محمد بن زياد، والآخر علي بن محمد بن يسار، عن أبيهما، عن أبي الحسن الثالث(ع)، والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير. [رجال ابن الغضائريّ (ص98)].
2- العلامة الحلي، قال فيه: محمد بن القاسم وقيل ابن أبي القاسم المفسّر الأسترآبادي روى عنه أبو جعفر ابن بابويه، ضعيف كذّاب. [خلاصة الأقوال للعلامة الحليّ برقم 256/60].
3- العلامة محمد جواد البلاغي، صاحب تفسير "آلاء الرحمن" قال فيه: وأما التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري(ع) فقد أوضحنا في رسالة منفردة في شأنه أنه مكذوب موضوع. [ينظر: التفسير المنسوب إلی الإمام العسكري (ج1/ص681 وما بعدها)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
4- السيد الخوئي قال فيه: التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(ع) إنما هو برواية هذا الرجل علي بن محمد بن سيار، وزميله يوسف بن محمد بن زياد، وكلاهما مجهولا الحال... إلى أنْ قال: هذا مع أنّ الناظر في هذا التفسير لا يشكّ في أنّه موضوعٌ. [معجم رجال الحديث ج13/ص157، ترجمة 8442].
وأمّا الذين نقلوا روايات التفسير واعتمدوها فهم:
1- الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه، صاحب الكتب: "من لا يحضره الفقيه والتوحيد والعيون والإكمال والأمالي والعلل ومعاني الأخبار": نقل في كل من هذه الكتب بعض روايات هذا التفسير. [من لا يحضره الفقيه (ج2/ص211-212].
2- أبو منصور الطبرسي، صاحب كتاب "الاحتجاج" قال في مقدمته: ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده إما لوجود الاجماع عليه، أو موافقته لما دلت العقول عليه، أو لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف. [الاحتجاج ج1/ص8-9].
3- القطب الراوندي، صاحب "الخرائج" نقل فيه جملة وافرة للروايات من هذا التفسير. [الخرائج ج2/519- 521].
4- ابن شهر آشوب، صاحب "المناقب"، نسب فيه التفسير إلى الإمام جزماً، ونقل عنه في عدة موارد من المناقب. [ج1/ص92].
5- المجلسي، صاحب "البحار" قال فيه: كتاب تفسير الإمام من الكتب المعروفة، واعتمد الصدوق عليه وأخذ منه وإن طعن فيه بعض المحدثين، ولكن الصدوق أعرف وأقرب عهداً ممن طعن فيه. [ينظر: أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي ج2/ص41].
6- الحر العاملي، صاحب "الوسائل" و"إثبات الهداة"، حيث جعل هذا التفسير من مآخذ الوسائل وإثبات الهداة. [ينظر: التفسير المنسوب إلی الإمام العسكري (ج1/ص688 - 703)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
7-الفيض الكاشاني، صاحب تفسيري "الصافي" و"الأصفى" نقل فيهما مطالب هذا التفسير، واعتمد عليه ظاهراً. [ينظر: التفسير المنسوب إلی الإمام العسكري (ج1/ص688 - 703)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
8-هاشم البحراني، صاحب تفسير "البرهان" نقل فيه كل ما في تفسير العسكري. [ينظر: التفسير المنسوب إلی الإمام العسكري (ج1/ص688 - 703)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
9-العروسي الحويزي، صاحب تفسير "نور الثقلين" نقل فيه بعض ما في هذا التفسير، وكذلك السيد نعمة الله الجزائري، والوحيد البهبهاني، والسيد عبد الله الشبر، جعلوا تفسير الإمام(ع) من مصادر كتبهم. [ينظر: التفسير المنسوب إلی الإمام العسكري (ج1/ص688 - 703)، برعاية السيّد محمّد باقر الأبطحيّ].
المصدر: مرکز الرصد العقائدي