printlogo


printlogo


مقتطف من کلام سماحة آیة الله الخامنئي حول
 ضرورة تدخل الحوزات العلمیة في القضایا العالمیة والسیاسیة(قسمت رنگی شده روی تصویر کار شود)

 ...ثمّة هنا مغالطة ينبغي أن أشير إليها. قد يقول البعض لو لم تدخل الحوزات العلمية في القضايا العالمية والسياسية والتحديات المختلفة لما كان لها كل هؤلاء الأعداء، ولكانت أكثر احتراماً مما هي عليه اليوم. هذه مغالطة. ما من جماعة أو مؤسسة أو منظومة لها قيمتها تحظى باحترام الرأي العام بسبب عزلتها وعدم فاعليتها ونشاطها، ولن تحظى بعد اليوم أيضاً. احترام المجامع والمؤسسات غير المكترثة والميّالة للسلامة والمبتعدة بنفسها عن التحديات إنما هو احترام صوري. احترام هو في معناه العميق عدم احترام.. كاحترام الأشياء الذي لا يعدّ احتراماً حقيقياً، وكاحترام الصور والتماثيل الذي لا يعدّ في واقع الأمر احتراماً. وأحياناً يكون هذا الاحترام مشوباً بالإهانة والاستهانة الباطنية من قبل من يتظاهر بالاحترام. الكائن الحي النشيط المؤثر هو الذي يثير الاحترام سواء في قلوب الأصدقاء أو حتى في قلوب الأعداء. إنهم يعادونه لكنهم يجلونه ويحترمونه.
أولاً عزلة‌ الحوزة العلمية في قم وأية حوزة أخرى تؤدي إلى إقصائها. عدم الدخول في التيارات الاجتماعية والسياسية والتحديات يفضي تدريجياً إلى التهمّش والنسيان والعزلة. لذلك كان رجال الدين الشيعة عموماً وبصرف النظر عن الاستثناءات الفردية والمرحلية متواجدين في الصميم من الأحداث. ولهذا فإن رجال الدين الشيعة يتمتعون بنفوذ وعمق في المجتمع لا تحظى به أية منظومة أخرى من رجال الدين في العالم، إسلامية‌ كانت أو غير إسلامية.
ثانياً لو أراد رجال الدين السير على الهامش وعلى الرصيف وانتهاج العزلة لأضرّ ذلك بالدين. رجال الدين هم جنود الدين وخدمة‌ الدين، ولا شأن ولا حيثية لهم بمعزل عن الدين. لو اعتزل رجال الدين القضايا الأساسية - والنموذج البارز لذلك هو الثورة الإسلامية‌ العظيمة - وبقوا غير آبهين حيالها لأضرّ ذلك بالدين دون مراء، والغاية التي يتوخاها رجال الدين هي صيانة الدين.
ثالثاً إذا كان التواجد في الساحة مما يؤدي إلى تحفيز العداء فإن هذا العداء ‌في المحصلة النهائية مبعث خير. فالعداوات هي التي تحفز الغيرة والحمية والاندفاع، وتخلق الفرص للكائن الحي. أينما شنت الخصومات والهجمات والأحقاد على رجال الدين أو الدين قابلتها خطوات بناءة من قبل الواعين والمتيقظين. قلت ذات مرة‌ في حشد من الناس أن تأليف كتاب من قبل كاتب متعصب ضد الشيعة أدى إلى ظهور عدة كتب تعتبر من مصادر الشيعة الكبيرة. في مدينة‌ قم هذه لو لم يصدر كتاب "أسرار الألف سنة" (بالفارسية "أسرار هزار ساله") من قبل شخص منحرف كان تركيبة من الأفكار العلمانية والميول الوهابية لما اندفع إمامنا الجليل لتجميد دروسه مدة من الزمن وكتابة‌ "كشف الأسرار" في الردّ عليه، وفي هذا الكتاب نجد البراعم الأولى للحكومة الإسلامية وولاية الفقيه، إذ أن إعادة إنتاج هذه الفكرة الفقهية الشيعية المهمة مشهودة في كتاب "كشف الأسرار" للإمام الخميني(رض). ولو لا تحركات التيارات اليسارية والماركسية وحزب توده في عقد العشرينات وبداية ‌الثلاثينات [الأربعينات والخمسينات الميلادية] لما تم إنتاج كتاب خالد مثل "أصول الفلسفة والمنهج الواقعي" (بالفارسية "أصول فلسفه و روش رئاليسم"). وعليه فهذه العداوات لم تنته بضررنا. أينما حصل خصام، أبدى الكائن الواعي اليقظ - أي الحوزة العلمية - عن نفسه ردود الفعل المناسبة وخلق الفرص. العداوات تخلق الفرص، طبعاً حينما نكون يقظين وأحياء ولا نكون غافلين.
في عهد رضا خان حينما حصلت تلك الخطوات المعادية لرجال الدين أدت بمرجع مثل المرحوم السيد أبي الحسن الأصفهاني(رض) إلى أن يسمح بإنفاق الحقوق الشرعية في إصدار المطبوعات والمجلات الدينية. وهذا شيء لا سابقة له وكان عجيباً في حينه. وهكذا صدرت المطبوعات الدينية‌ بالحقوق الشرعية وبسهم الإمام وظهرت المجامع الدينية بالاعتماد على سهم الإمام. أي إن شخصية مثل السيد الإصفهاني(رض) وخلافاً لما قد يتصوره البعض كان يفكر في القضايا الثقافية لبلادنا، وفي عالم التشيع، وفي البلد الشيعي، ويجيز إنفاق سهم الإمام في مثل هذه الأعمال والنشاطات.. هذه فرص.. العداوات توفر مثل هذه الفرص الكبرى.
رابعاً إذا بقي رجال الدين على الحياد في التحديات الأساسية لن يؤدي ذلك إلى بقاء أعداء‌ رجال الدين والدين على الحياد أو إلى اتخاذهم جانب الصمت. "و من نام لم ينم عنه" (نهج البلاغة، الخطبة 62). إذا لم يشعر رجال الدين الشيعة بالمسؤولية حيال الأحداث العدائية التي تواجههم، ولم ينزلوا إلى الساحة، ولم يفجّروا طاقاتهم وإمكانياتهم، ولم ينهضوا بالمهمات الكبيرة ‌الملقاة على عواتقهم، فسوف لن يفضي ذلك إلى إيقاف العدو لعدائه، بل على العكس، كلما شعر الأعداء أن فينا ضعفاً تقدموا إلى الأمام، وكلما شعروا أننا منفعلين ضاعفوا من نشاطهم وتقدموا إلى الأمام. لقد أدرك الغربيون منذ أمد طويل الإمكانيات الهائلة‌ للفكر الشيعي على مواجهة الظلم العالمي والاستكبار العالمي. منذ أحداث العراق، ومنذ قضية التنباك.. لذلك لن يسكتوا، وسوف يواصلون تعدياتهم وتقدمهم إلى الأمام. صمت وحياد العلماء ورجال الدين والحوزات العلمية لا يمكنه إطلاقاً إيقاف عداء الأعداء. وإذن فحركة الحوزات العلمية وعدم بقائها على الحياد حيال الأحداث العالمية وإزاء التحديات الوطنية والدولية ضرورة من الضرورات لا يمكن الغفلة عنها.
المصدر: موقع خامنئي.آی آر (KHAMENEI.IR)