لا يدرك الحقيقة ولا يتقبلها إلا ذوو الأفكار النيرة والنفوس الطاهرة؛ لأن الحقيقة سامية ومقدسة لا يمسها إلا المطهرون. عندما بزغت شمس حقيقة الإسلام من أفق مكة وأضاء شعاعها النوراني سماء مكة المظلمة بالشرك وعبادة الأصنام كضوء النهار، لجأ خفافيش الظلام إلى كهوف الشرك والكفر المظلمة حتى لا يؤذي نور الحقيقة أعينهم، وليتمكنوا من التآمر للانقضاض على وجه الشمس. كان الشيطان رفيقهم، وبنفخه في أتون أفكارهم الرجعية والمتحجرة، كان يرسم أسباب معارضتهم وعداوتهم لنورانية الوحي، ولکن بعد أن أحبط ثبات النبي(ص) في تبليغ رسالته إغراءاتهم، لجأوا إلى التهديد والإيذاء، وخلقوا للنبي(ص) الكثير من المعاناة والمشقة، ليفشلوه في نشر دعوته من جهة، وليبعدوا الآخرين عن التجمع حول نور وجوده من جهة أخرى؛ أولئك الآخرين الذين كان ظهور الحقيقة بالنسبة لهم يساوي إسقاط زعماء مكة المشركين من عرش السلطة وإذلالهم، وفي النهاية تحرير الناس الذين طوق زعماء قريش وغيرهم أعناقهم بالعبودية لسنوات طويلة، وداسوا على كرامتهم بأهوائهم النفسية وأفكارهم المتحجرة.في هذه الأثناء، كانت سيدة كريمة من عائلة أصيلة، ذات فكر نير ونفس طاهرة، أول امرأة تؤمن بدعوة آخر أنبياء الله، ووضعت كل وجودها وثروتها في خدمة نشر أشعة هذه الشمس المنيرة للعالم. خديجة،(س)، هي السيدة التي يدين لها الإسلام والمسلمون إلى الأبد بتضحياتها وإيثارها وجهادها.
فليكن مباركاً ذكرى زواج النبي الأكرم والسيدة خديجة الكبرى(س)!