printlogo


printlogo


ملاحظة
الإعلام الديني ودوره في توعية المجتمع بالتحديات التي يواجهها

 يعتبر الإعلام الديني مهماً جداً في الحفاظ على قيم الدين والتقاليد، وذلك لأنه يلعب دوراً حيوياً في نشر المعرفة الدينية وتبيان الحقائق الدينية الصحيحة، وكذلك يساعد على ترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية في المجتمع، كما أنه يحث الناس على الالتزام بالتعاليم الدينية وترك الأعمال المحرمة والشر المحرم في الإسلام.
كما يلعب الإعلام الديني دوراً مهماً في توعية المجتمع بالتحديات التي يواجهها، سواء كانت داخلية أو خارجية، ويمكنه تقديم المشورة والإرشادات الدينية للناس في الأمور التي يواجهونها، مما يعزز الثقة الدينية لديهم.
ومن بين الأمور التي يعززها الإعلام الديني هي الوعي بالمسؤولية التي علينا جميعاً تجاه مجتمعنا ونصرة الحق والتوجيه الصحيح للناس، وأهمية تحقيق العدالة والمساواة في المعاملات وحماية الحريات والحقوق والمصالح العامة. لذلك، يتمكن الإعلام الديني من توعية الناس بكل ما يعزز قيم الدين والتقاليد ويساهم في بناء مجتمع إسلامي قوي ومستقر.
*أزمة الإعلام الديني
يؤكد الانتشار الواسع للإعلام الديني في مجتمعاتنا العربية والإسلامية الدور الكبير الذي يمثله الدين في هذه المجتمعات، ورغم النجاحات المهمة التي حققها هذا الإعلام، إلا أننا لا نزال في حاجة ماسة إلى إجراء مراجعة نقدية تفتح أمامنا سبلاً جديدة لتطوير منتجات الإعلام الديني، بما يعزز القيم الجوهرية للدين، ويُعمِّق روح المواطنة والتعددية الدينية والثقافية.
خلافاً للصورة السائدة للإعلام الديني في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، والذي لا يتجاوز في كثير من الأحيان الدروس الوعظية والتربوية أو الخطب والمحاضرات حول العبادات والعقائد، فإن آفاق الإعلام الديني يمكن أن تنفتح على مجالات الشأن الإنساني بما يخدم الفرد والمجتمع.
يُفترض في الإعلام الديني أن يرتقي بالسلوك البشري، ويعظِّم القيم الإنسانية الجامعة، ويخدم الصالح العام، ويعالج الجوانب المدنية والعلمية والثقافية والفنية. الإعلام هو صناعة ثقيلة تسهم إلى جانب تأثيرها الاقتصادي في بناء القناعات وتغيير الاتجاهات، والتعبير عن ثقافة المجتمع واتجاهاته وآماله. فالإعلام يمثل تعبيراً موضوعيّاً عن حراك الإنسان وتفاعله الإبداعي في بناء المعرفة والتعارف والوحدة والتنوع.
الاختلاف في المجالات والمواضيع المطروحة في الإعلام الديني، لا يجعل منه قطاعاً منفصلاً عن صناعة الإعلام من حيث أسباب النجاح أو الإخفاق؛ وعلى هذا الأساس، فإن أول نقد يمكن أن يُقدَّم لواقع كثير من الإعلام الديني هو السطحية والطائفية والانجذاب نحو أجندات سياسية، ومصالح تجارية تسعى إلى استغلال سذاجة المخاطَبين وعواطفهم.
من المشكلات الأساسية التي تواجه الإعلام الديني إلى جانب الخلط بين الدين والسياسة، مشكلة الخلط بين الدين والعلم.
الانتقال من الخطاب الديني العاطفي والإعجازي، إلى خطاب إنساني واقعي يستوعب احتياجات الإنسان وهمومه المعاصرة، يمثل ضرورة مُلحَّة من شأنها أن تسهم في إعادة الثقة بالخطاب الديني، والارتقاء بمضمون الإعلام الديني.
على الإعلام الديني أن يعمق اهتمامه ببناء المجتمع الإنساني المعاصر، من خلال التركيز على حقوق الإنسان، والمواطنة، والديمقراطية، وإعلاء قيمَتَي الوحدة والعدالة الاجتماعية.
ينجح الإعلام الديني في تحقيق رسالته عندما يستنطق المعاني الجوهرية لِلدِّين، وينطلق من فكر إصلاحي حضاري يستوعب التحديات الراهنة، وينتقل بالعقل الجمعي من الارتهان بالماضي إلى فقه الواقع، ومن القَطْعيّة العَقَدِيّة إلى النسبية الاجتهادية، ومن ازدراء الحياة الدنيا والتحذير منها إلى تعميق معاني الحياة والابتهاج بها.
*الإعلام الديني دور ومسؤولية
ظهر في الآونة الأخيرة نمط جديد للغزو الاستعماري لبلادنا ومجتمعاتنا الاسلامية الحديثة العهد نسبيا بالخروج من دائرة الانتداب والوصاية تمثل في الغزو الثقافي الغربي الذي يريد استلاب شخصيتنا الإسلامية ومسخ هويتنا وتدمير قيمنا وتراثنا ومنظومتنا الفكرية والعقائدية والاخلاقية، واتخذ هذا الغزو من وسائل الاتصال والإعلام حصان طروادة يدخل من خلاله ليس إلی مجتمعاتنا وبيوتنا فحسب إنما إلی عقولنا وجوارحنا بحيث أغوى الكثيرين من شبابنا وبناتنا فاستلب عقولهم بشكل أصبحوا يفكرون فيه بطريقة تخدم مصالح الغرب ومخططاته·
ويحمل هذا الغزو في طياته برامج ومواد إعلامية لايقتصر خطرها على نقل الأخبار وتوجيهها وحرف اهتمامات الراي العام فحسب إنما يتجاوز الخطر حدود الأطر الاعلامية ليضرب الأسس والركائز الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع الاسلامي، فنجد الانتاجات الضخمة التي تعمم الرذيلة والفاحشة كثقافة عامة تدعو إلی ممارسة المنكر والتعاطي معه كنهج طبيعي فطري للحياة.
في المقابل يصد الاعلام الاسلامي الغزو الثقافي الغربي من خلال ما يملكه من وسائل إعلام وتقنيات حديثة جعلته يحتل موقعا مؤثرا وفعالا على مساحة العالم الإسلامي، حتى تشكل مؤخرا مصطلح الإعلام الديني الذي بات يكتسب الأهمية البالغة في نهضة الأمة بكل أبعادها الثقافية والفكرية والحضارية لأنه يشكل الوسيلة الأنجع والأفضل للتواصل مع أكبر شريحة من أتباع الديانات السماوية عموما والمسلمين خصوصا مما يرتب على القيمين على وسائل الإعلام الديني مسؤولية تأكيد الهوية الدينية والمحافظة عليها وتعميم الثقافة الدينية النابعة من القرآن الكريم القيم والمفاهيم والأحكام الشرعية فضلا عن نقل التراث الديني إلی الأجيال وتقديم مادة إعلامية هادفة تحقق التثقيف والترفيه والإمتاع وتسهم في حفظ المجتمع ورفده بالقيم والفضائل والمعلومات المفيدة·
ولما كان هذا الإعلام مقرونا بخاتم الديانات السماوية فإنه مطالب بأن يتمتع بروحية الإسلام الذي تدخل في تفاصيل الحياة العامة والخاصة للمسلمين، فلا يصح أن يحصر الإعلام الإسلامي اهتماماته بالقضايا والشؤون الدينية بمنأى عن اسهاماته في ملامسة القضايا والشؤون والشجون المعيشية والاجتماعية للمسلمين.
الذين تزداد مشاكلهم وهمومهم ومعاناتهم بفعل الفقر والتخلف وغياب التنمية عن مجتمعاتهم، فإذا كانت مهام المؤسسات الإعلامية تقتضي أن تسلط أضواءها على المشاكل التي تعترض مسيرة الإنسان وتعيق تقدمه وتسيء إلی وضعه فإن أولى واجبات الإعلام الديني العمل لما فيه مصلحة ونفع الإنسان انطلاقا من الأخوة الإيمانية التي قال فيها سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون اخوة)(الحجرات، 10).
 *المصدر: الوفاق/ وكالات