printlogo


printlogo


کلمة رئیس التحریر
السلام علیک یا ربیع الأنام

 في الزيارة المنسوبة للإمام المهدي(عج) التي رواها السيد ابن طاووس(قد)، نقرأ: "السَّلَامُ عَلَى رَبِيعِ الْأَنَامِ وَنَضْرَةِ الْأَيَّامِ". هذه العبارة تخفي بين طياتها أسرارًا من المعاني العميقة، إذ تشير إلى أن الإمام المهدي(عج) سيحمل معه ربيعًا للروح الإنسانية، فيبعث الحياة في قلوب البشر ويعيد إليها وهجها المنطفئ.
لفهم أبعاد هذا الربيع الروحي، يمكننا أن نغوص في معاني الآيتين 16 و17 من سورة الحديد، اللتين تشير الروايات إلى ارتباطهما بهذا المعنى العميق. يقول الله تعالى في الآية 17: "اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ". هذه الآية تحمل في ظاهرها بُشرى بعودة الحياة للأرض بعد جفافها، مثلما ينهض الربيع بالأرض بعد سبات الشتاء. لكن حين نلج إلى أعماق الروايات، نجد أن الأئمة ؟عهم؟ قد فسّروا هذه الآية بأنها إشارة إلى إشراق نور الإمام المهدي(عج) على العالم.
الأئمة(عج) استنبطوا من هذه الآية معنى أعمق يتجاوز الطبيعة المادية، إذ كما تُبعث الأرض من جديد بعد موتها، سيُبعث العالم إلى حياة من نور وعدالة بعد قرون من الظلم والظلام. وعندما يظهر الإمام، سينتشر العدل كما تتفتح الأزهار في الربيع، وسيشهد الكون تحوّلاً من حال إلى حال، حيث تزدهر الأرض بزهور الحق والإنسانية.
إن الربيع الذي يرافق ظهور الإمام المهدي (عج) ليس مجرد عودة للحياة الطبيعية، بل هو ربيع من قيم جديدة ومعانٍ سامية ترتقي بالإنسانية إلى مدارج النور. قلوب البشر ستفوح بمعرفة الحق وحب الخير، وستغمر الأرض نفحات السكينة والرحمة، حتى يعم السلام أرجاء المعمورة، ويعود العالم إلى فطرته النقية.