*اختلاف الأقوال في مسألة مجيء أهل البيت(ع) إلى کربلاء في يوم الأربعين (این تیتر روی تصویر کار بشه)
ثمّة خلاف في مسألة ورود قافلة الأسرى من الشام إلى کربلاء في يوم الأربعين، يقول المرحوم السيد ابن طاووس في کتابه: "ثم أمر ـ يزيدـ بردّ الأسرى وسبايا الحسين إلى أوطانهم بمدينة الرسول الأکرم(ص)، وأمّا رأس الحسين(ع)، فروي أنّه اُعيد فدفن في کربلاء مع جسده الشريف صلوات الله وسلامه عليه؛ کان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار إليه. قال الراوي، ولما رجع نساء الحسين(ع) وعياله من الشام وبلغوا إلى العراق قالوا للدليل: مرّ بنا على طريق کربلاء.
فوصلوا إلى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري(ره) وجماعة من بني هاشم رجالاً من آل الرسول(ص) قد وردوا لزيارة قبر الحسين(ع) فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبکاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم المقرحة للأکباد، واجتمعت إليهم نساء ذلک السواد، وأقاموا على ذلک أياماً".
ومن جهة أخرى نعلم أن جابر بن عبدالله الأنصاري جاء لزيارة الإمام الحسين(ع) يوم الأربعين والتقى بالإمام زين العابدين وأهل بيته(ع) وبالتالي فإنّ أهل البيت(ع) قد حضروا في کربلاء يوم الأربعين.
ولکن مسألة ورود أهل البيت(ع) إلى کربلاء يوم الأربعين تعرضت للإشکال من جهتين:
الاُولى: هناک أقوال مخالفة لهذا القول في المصادر التاريخية، والأخرى: إنّ بعد المسافة يمنع من تحقق هذا الأمر، وهنا نسعی لبحث هذه المسألة ودراستها؛ وفي البداية نستعرض الأقوال الموجودة في هذه المسألة:
القول الأول: إنّ أهل البيت(ع) جاءوا إلى کربلاء في سنة 61 في يوم 20 من شهر صفر وهذا الرأي هو مختار السيد ابن طاووس في اللهوف وابن نما أيضاً.
وفي کتاب "نفس المهموم" ينقل الشيخ عباس القمي عن قول "تاريخ حبيب السّير" أن يزيد سلّم رؤوس الشهداء إلى عليّ بن الحسين(ع) وجاء بها الإمام يوم 20 من صفر إلى کربلاء وألحقها بالأبدان وعاد إلى المدينة، وفي "مقتل الحسين للمقرّم" أورد هذا الکلام عن أبي ريحان البيروني في "الآثار الباقية".
وطبقاً لهذا الکلام يمکن القول أنّ أهل البيت(ع) جاؤوا مع الإمام زين العابدين(ع) في يوم الأربعين إلى کربلاء، وهذا يقوّي رأي السيد ابن طاووس.
القول الثاني: هو ما ذهب إلى الشيخ المفيد الذي قال: "وفي اليوم العشرين من شهر صفر کان رجوع حرم الحسين(ع) من الشام إلى المدينة وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبدالله الأنصاري صاحب رسول الله(ص) من المدينة لزيارة أبي عبدالله الحسين(ع) فکان أول من زاره من الناس".
ويصرّح الشيخ الطوسي في "مصباح المتهجّد" أيضاً: "وفي اليوم العشرين منه (شهر صفر) کان رجوع حرم أبي عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب من الشام إلى المدينة".
القول الثالث: ما أورده السيد ابن طاووس في کتابه "الإقبال" حيث يستبعد مجيء سبايا الحسين (ع) إلى کربلاء يوم الأربعين، ويرى أيضاً ورودهم في هذا اليوم إلى المدينة، والعلاّمة المجلسي(ره) يستبعد کلا هذين القولين أيضاً، وفي الواقع أنّ السيد ابن طاووس کتب کتابه "الإقبال" بعد کتاب "اللهوف" وبذلک ردّ على قوله الأول، رغم أنّه يقول: من الممکن ذهابهم إلى کربلاء ولکن ليس في يوم 20 من صفر.
القول الرابع والخامس: إنّ السبايا عندما تحرّکوا من الکوفة إلى الشام، جاءوا إلى کربلاء، أو أنّهم بعد مراجعتهم من الشام إلى المدينة، جاءوا إلى کربلاء في وقت آخر، وقد نسب هذين القولين الشيخ عباس القمي في "منتهى الآمال" إلى بعض العلماء، ولکنّه ضعّف هذين القولين لأنّهما لم يردا في المصادر التاريخية.
القول السادس: إنّ سبايا آل محمّد(ص) جاءوا إلى کربلاء في يوم 20 من صفر في سنة 62 من الهجرة، أي بعد سنة من واقعة کربلاء، وهذا هو قول فرهاد الميرزا في کتابه "القمقام الزخّار".
وطبقاً لما ذکر آنفاً، فإنّ "السيد ابن طاووس" في "اللهوف" و"ابن نما" في "مثير الأحزان" و"الشيخ بهائي" في "توضيح المقاصد" يعتقدون أنّ أهل البيت(ع) جاءوا إلى کربلاء يوم الأربعين الأوّل أي سنة 61 من الهجرة، لأنّهم قالوا: إنّ قافلة السبايا عند رجوعهم من الشام طلبوا من الحادي أن يمرّ بهم على کربلاء، ولکن کثيراً من المؤرّخين المحقّقين لم يقبلوا بهذا القول، وقد نقلوا أقوالاً مختلفة في هذه المسألة، واختلاف الأقوال هذا هو الذي أدّى إلى التشکيک في الواقعة.
*المصدر: موقع مكتب سماحة المرجع الديني آية الله مكارم الشيرازي