printlogo


printlogo


شهداء الفضیلة
الشهيد آية الله الشيخ أحمد الأنصاري القمي

ولد الشيخ أحمد الأنصاري، نجل الشيخ محمد حسين القمي في عام (1338 هـ ) في مدينة قم المقدسة، اشتهر والده بالزهد والتقوى حتى عرف بذلك وأخوه الأكبر هو الشيخ مرتضى الأنصاري من خطباء ايران المعروفين في عقدي الستينات والسبعينات وهو من الأسرة الأشعرية التي قطنت في قم المقدسة في القرن الأول الهجري، وجدّه الأعلى (زكريا بن آدم) من رواة الحديث المشهورين من أصحاب الإمام الرضا(ع) المعدودين، وكذا من أصحاب الإمام الجواد(ع) .
منزلته العلمية
الشهيد السعيد منذ نعومة أظفاره كان يطلب العلم، فقد بدأ دراسته الدينية وهو في العاشرة من عمره بتشجيع من أخيه وشقيقه الأكبر حيث درس المقدمات في ذلك السن، وفي السابعة عشرة من عمره غادر بمعية والدته مدينة قم متوجهاً الى النجف الأشرف حيث ضريح أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(ع).
وقد دفعه حبّه وشغفه بالعلم والدراسة وتلك الأجواء الروحانية في المدينة
المقدسة الى أن يقيم هناك فعادت والدته بمفردها الى ايران بعد أن رأت فيه ذلك الحب والتعلّق بالعلم والعلماء وودّعته.
وقد بلغ من حبّه وشغفه بالدراسة والعلم أنه لم يغادر النجف حتى بعد أن بلغته أنباء عن وفيات بعض أقاربه، وظلّ منهمكاً يطلب العلم مستغرقاً في الدراسة.
شارك الشهيد الصدر(قد) مدّة من الزمن في المباحثة وكذا الأخوين الجعفريين، مارس التدريس إلاّ أنه لم يغفل عن الدراسة وظلّ سنوات عديدة يحضر دروس الخارج على أيدي أساتذة الحوزة المبرّزين.
​​​​​​​أساتذته
درس هذا العالم المجاهد على أيدي اساتذة كبار وانتهل من فيض علومهم وهم :
أخوه حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مرتضى الأنصاري. آية الله العظمى الميرزا عبدالهادي الشيرازي. آية الله العظمى السيد محمود الشاهرودي. آية الله العظمى السيد محسن الحكيم. آية الله العظمى السيد محمد الروحاني.
 
نشاطاته
كان له دور بارز في واقعة 15 خرداد عام (1383 هـ ) في المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة. وسعى الى أن تعطل الحوزة العلمية في النجف الأشرف نشاطها ورتّب لقاءات بين العلماء وبين مرجع العالم الشيعي آية الله العظمى السيد محسن الحكيم في مدينة الكوفة. علاقته الوثيقة جداً مع الإمام الخميني بعد وصول السيد الإمام الى مدينة النجف الأشرف. وبسبب علاقاته الواسعة والوثيقه مع المحسنين الإيرانيين أصبح حلقة وصل لإيصال الحقوق الشرعية القادمة من إيران الى الطلاب والعلماء في مدينة النجف الأشرف والمراكز الدينية من قبيل الحسينيات والمساجد والمدارس الدينية والمحتاجين والفقراء. وكذا تحمل مسؤولية ايصال المساعدات والمعونات الى سبعمائة سجين إيراني في مدينة الحلة في العراق وهم في واقع الأمر زوّار قادمون من ايران لزيارة العتبات المقدسة ويجهلون القوانين السائدة في العراق فيما يخص الإقامة وقد تعرضوا للاعتقال في الأعوام بين سنة (1390 ـ 1394 هـ  ـ 1970 ـ 1974م) وقد أقدم على دفع غرامات تبلغ آلاف الدنانير العراقية لانقاذ اُولئك السجناء من الأوضاع المزرية في سجون البعث حيث تمكّن من اطلاق سراحهم جميعاً بعد معاناة طويلة ومساعي حثيثة.
 
جهاده حتى الاستشهاد
بعد وصول صدام الى السلطة وامساكه بزمام الاُمور في البلاد أصبحت الظروف في العراق صعبة للغاية وبدأت الحكومة حملة شرسة للقضاء على الحوزة العلمية في النجف الأشرف والقضاء على المرجعية الدينية، وراحت أجهزة النظام الحاكم في بغداد تضغط على الزعامات والشخصيات الدينية وكان آية الله الأنصاري من اُولئك الذين تعرّضوا للضغوط الشديدة.
وبعد تهديدات النظام ومضايقاته الشديدة قرر آية الله الأنصاري مغادرة النجف الأشرف ولكن في عام (1400 هـ  ـ 1980م) كان النظام البعثي يعدّ العدّة للهجوم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وراح يقرع طبول الحرب وقام بسبب ذلك بالتمهيد للهجوم من خلال قيامه بحملة اعتقالات واسعة في صفوف العلماء في مدّة وجيزة وشملت الحملة الشرسة الحوزة العلمية في النجف الأشرف ومدن اُخرى.
وفي منتصف  إحدى الليالي اقتحم أكثر من عشرين نفراً من رجال الأمن الصدامي منزل آية الله الأنصاري وقام البعثيون باعتقاله ونقله مخفوراً الى بغداد.
وبعد سنوات طويلة من الانتظار وبعد سقوط نظام صدام وكسر أبواب السجون العراقية لم يعثر على أي أثر لهذا العالم الكبير، كما لم يعثر على أيّ من العلماء المعتقلين ، مما يدلّ على أنهم قد لقوا مصارعهم جميعاً على أيدي جلاّدي النظام البعثي الاجرامي ونالوا جميعهم درجة الشهادة الرفيعة بعد أن عرجت أرواحهم الطاهرة تشكو الى بارئها ظلم صدام وعصابته المجرمة.
المصدر: کتاب شهداء العلم والفضيلة في العراق