printlogo


printlogo


المواقف المناهضة للصهيونية لعلماء الشيعة منذ بداية الثورة الإسلامية وحتى انتصارها

انعقد "المؤتمر اليهودي العالمي" الأول في مدينة بال بسويسرا عام 1897، وكان الإعلان عن قيام دولة يهودية في فلسطين على رأس أنشطة الحركة الصهيونية والاتحادات اليهودية العالمية. وأكد وعد بلفور عام 1917 على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وبعد ذلك بوقت قصير تأسست "جمعية الصهيونية" في طهران وثماني عشرة مدينة أخرى عام 1918. وفي وقت لاحق، بدأت الهجرة الأولى لليهود الإيرانيين إلى فلسطين في عام 1920.
وفي أبريل1921، أي بعد شهر تقريباً من انقلاب 23 فبراير 1920، أعلن حزب "الصهيونية" وجوده في إيران، ثم سلموا دستور الحزب للحكومة، التي استغرقت بعض الوقت للموافقة عليه. وبعد موافقة الحكومة، تم إنشاء فروع للحزب في مدن أخرى، كما أعلن حزب "الشباب الصهيوني" وجوده في همدان في نفس العام. وفي عام 1923، كان إجمالي أربعة وعشرين مكتباً للوكالة اليهودية في إيران يعمل على هجرة اليهود من إيران وأفغانستان والعراق وآسيا الوسطى إلى فلسطين.
وفي أوكتوبر 1922، أبدت مجموعة من علماء طهران البارزين، المعروفين باسم "الهيئة العلمية في طهران"، رد فعل قويّ ضدّ الحركات الصهيونية في إيران. وفي رسالتهم إلى "النيابة العامة الاستئنافية للعدالة" في طهران، احتجوا بشدة على المقال الذي نشر في العدد 12 من صحيفة هححيم الناطقة بالفارسية (المتعلقة باليهود الصهاينة الإيرانيين)، واعتبروه عداءً للإسلام و القرآن وحرباً على المسلمين، وجاء فيه:
"تم نشر [هذا المقال] لتقوية الكفار.. وقد عبر [الكاتب] عن حبه الشديد وعاطفته لهذه الصحيفة المناهضة للإسلام الداعمة لليهود.. وشجعهم على هدم الإسلام واحتلال فلسطين" - وخلافاً لأحكام القرآن - شجع على الاستقلال - الذي يعتمد على تجريد المسلمين من السيادة - وخلافاً للدين الإسلامي، تحتج لهم بمزامير داود وتنفس الصعداء علي الأيام الماضية، ودعاهم إلى تجديد حكمهم وسلطانهم الذي نقضت شريعة المسيح المقدسة والدين الإسلامي الحنيف أساسه».كما انتقدوا مسؤولي الحكومة أنه "لماذا لم تقوموا بملاحقة ومعاقبة هذا العدو الداخلي للإسلام الذي أبغض المجتمع أمام عامة المسلمين وشوه المجتمع الإسلامي أمام الإنسانية ولماذا تطلقون سراحه؟" وحذروا من أن "دوائر العدالة الجنائية هي المسؤولة عن هروب أو اختفاء أو اعتقال هذا الشخص".
ويشيرون في النهاية إلى أن "أعضاء الهيئة العلمية ينتظر بفارغ الصبر اتباع حكم الإسلام المشار إليه وتخليص المجتمع الإسلامي من هذا العار".
وفقاً لتقارير أقسام الشرطة المرسلة إلى دائرة الشرطة العامة في البلاد، في عام 1929 وفي عهد رضا شاه، قامت القنصليات البريطانية في مدن رشت ومشهد وكرمانشاه بجمع وتنظيم يهود إيران والعراق وتركمانستان السوفييتية وأرسلتهم إلى فلسطين. ويبدو أن الهيئة العامة لم تكن على علم بهذا البرنامج وكشفت بلديات المدن عن نشاطها.
رد الفعل الثاني المناهض للصهيونية من قبل العلماء حدث في رجب 1350 هـ، حيث توجه في تلك السنة آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، أحد علماء الشيعة العراقيين البارزين، إلى فلسطين للمشاركة في "مؤتمر القدس الإسلامي الأول" الذي انعقد في القدس. كما حضر في ذلك المؤتمر علماء ومفكرون من الدول الإسلامية الأخرى؛ ومن بينهم: رشيد رضا (من مصر)، إقبال اللاهوري (من الهند)، يحيى دولت أبادي، وسيد ضياء الدين الطباطبائي (من إيران)، وألقى کاشف الغطاء كلمة مؤثرة حذر فيها من تهويد تلك الأرض، وهو ما نال استقبال المشاركين وأقاموا صلاة الجماعة في المسجد الأقصى بإمامته. وخلال رحلته التي استمرت خمسة عشر يوما، تحدث آية الله كاشف الغطا مع علماء السنة والشيعة حول قضية فلسطين وخطر الصهيونية، كما سافر إلى لبنان وسوريا.
وبعد ذلك بعامين في اكتوبر ونوفمبر 1933، وبسبب الاضطهاد والتعذيب الشديد الذي تعرض له السكان العرب الفلسطينيون من قبل الصهاينة المهاجرين بتواطؤ الجنود والعملاء البريطانيين، خرجت مظاهرات كبيرة ضدهم في مدينتي القدس ويافا، مما أدى إلى استشهاد جماعة كبيرة من العرب. وبالتزامن مع هذه الأحداث، استمرت هجرة اليهود الإيرانيين إلى فلسطين، مما أثار احتجاجات العلماء المسلمين والجاليات الفلسطينية ضد الحكومة الإيرانية.
وبعد ذلك غادر آية الله كاشف الغطاء مرة أخرى إلى فلسطين في نفس العام وفي الطريق جاء إلى إيران والتقى بآية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري في قم وفي أغلب الظن، أطلعه على أحداث فلسطين المفجعة والمؤامرات الصهيونية. لأنه بعد ذلك أرسل آية الله الحائري برقية إلى رضا شاه في يناير 1934 وطلب منه منع هجرة اليهود الإيرانيين إلى فلسطين.
كذلك أرسل العديد من علماء قم المشهورين برقيات منفصلة إلى رضا شاه وأرسلوا نسخة منها إلى السيد محمد بهبهاني، الذي كان شخصية روحية معروفة ويحظى باحترام النظام، وهذا الأخير بدوره أرسل نسخة من برقية آية الله الحائري وعلماء قم الآخرين إلى "المكتب الملكي الخاص" وطلب من رئيس المكتب طباعة ونشر برقيات العلماء في صحف البلاد إذا وافق الشاه على ذلك.
وفي رسالة مكتوبة إلى رئيس الوزراء، أعلن المكتب الخاص للشاه: "بموجب الأمر الملكي لا يجوز نشر برقيات [للعلماء] عن مسلمي فلسطين في الصحف".
وخلال تلك الرحلة، ألقى المرحوم كاشف الغطاء كلمة طويلة وتاريخية في " التجمع الإسلامي العام في القدس"، تناول فيها ضرورة التقريب بين المذاهب الإسلامية. وتحدث عن أسباب انحطاط المسلمين وضرورة تجنب الازدواجية، وحذر مرة أخرى من تنامي خطر الصهاينة على الفلسطينيين والمسلمين كافة، وفي إحدى الفتاوي حرّم بيع الأراضي للصهاينة واعتبرها حرباً على الله ورسوله.
وفي العام التالي، دعم وزير الخارجية الإيراني، باقر كاظمي، حقوق العرب المسلمين الفلسطينيين ضد الصهاينة في "عصبة الأمم"، وانتقد الحاج أمين الحسيني، المفتي ورئيس المجلس الأعلى لفلسطين، مرة أخرى استمرار هجرة اليهود الإيرانيين إلى فلسطين أثناء شكره له.
بدعوة من مفتي فلسطين، سافر آية الله الشيخ عبد الكريم الزنجاني من العراق إلى فلسطين في 22 رمضان 1355هـ، وفي مصر ذكّر بخطورة الهجرة الصهيونية إلى فلسطين وتهويد تلك الأرض. وألقى خطاباً في القدس وشدد على خطر الهجرة اليهودية، وأعلن أن هؤلاء الضيوف غير المدعوين، إذا سيطروا على فلسطين، سيطردون المضيفين من ديارهم، وسيكونون تهديداً كبيراً للعالم الإسلامي، وحذر من أن إغراءات الحكومة البريطانية بشأن الحياة السلمية لليهود مع المسلمين وتشكيل حكومة مشتركة ليست أكثر من خداع، وعلى الفلسطينيين أن يعبروا عن معارضتهم الشديدة لها منذ البداية. كما ألقى آية الله الزنجاني كلمة للصهاينة في تل أبيب وحذرهم من الانخداع بلعبة أمريكا مشيراً أن الهجرة لن تنفعهم. ومع بداية الحرب العالمية الثانية، تباطأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين؛ لكن بعد انتهاء الحرب ومع الدعايات الكثيرة التي أطلقتها الوكالات الصهيونية والاتحاد اليهودي العالمي حول أفران هتلر لحرق اليهود، تمكنت من الحصول على الرأي الإيجابي لأغلبية دول العالم فيما يتعلق بهجرة اليهود إلى فلسطين و إقامة دولة يهودية في تلك الأرض.
وفي السنوات نفسها، نشط ثمانية عشر مكتباً للوكالة في إيران في تنظيم اليهود الإيرانيين وإرسالهم إلى فلسطين، وهو ما حظي بالتعاون الكامل مع المؤسسات الحكومية، ففي مرحلة واحدة فقط تم إرسال حوالي ستين ألف شاب يهودي إلى فلسطين دون أداء الخدمة العسكرية وخلافاً لقوانين البلاد.
اتخذت مكاتب الوكالة اليهودية في إيران إجراءات هامشية لإخفاء أنشطتها عن أعين العلماء والشعب الإيراني، ولذلك بدأ البهائيون في إثارة الفوضى والشغب مع المسلمين في مدن وقرى البلاد، مما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص من الجانبين، وهو ما انعكس في الصحافة الدينية في ذلك الوقت.
وبين الحين والآخر كانت أخبار وتقارير هذه الصراعات تصل إلى آية الله البروجردي من قبل الشعب أو ممثليه، فكان يعرب عن قلقه واستيائه في اللقاءات العديدة التي كان يعقدها مع الشاه ورئيس الوزراء أو ممثليهما ويدعو إلى منع البهائيين من خلق الفوضى، كما أعرب أيضاً عن مخاوفه في أكثر من موقف من خلال رسائل موجهة إلى كبار المسؤولين في البلاد أو من خلال ممثليهم.
على أي حال، فخلال تلك السنوات الحرجة التي استمرت فيها حركة التطهير الديني وحرق المصاحف الكسروية، والدعاية المناهضة للدين لـ«حزب توده الايراني»، وأعمال الشغب التي قام بها البهائيون وأنشطة الأحزاب والجماعات السياسية، فقد تم تشتيت أذهان علماء الدين وعامة الناس المتدينين كثيرا لدرجة أن الجهود السرية لمكاتب الوكالات اليهودية والصهيونية (التي كانت تعمل بمساعدة المسؤولين والمؤسسات الحكومية في تنظيم وهجرة يهود إيران وبعض البلدان في المنطقة) تم تجاهلها بالكامل.
وبعد قيام حكومة إسرائيل الوهمية، أصدر آية الله الكاشاني (رحمه الله) بيانا واعتبر قيام تلك الحكومة بمثابة غدة سرطانية في قلب الدول الإسلامية وأعلن أنه يجب استئصال هذه الغدة في أسرع وقت ممكن.
وفور إعلان تشكيل الحكومة الإسرائيلية، بدأت تلك الحكومة بالهجوم على الأراضي الفلسطينية، وهكذا اندلعت الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل.وفي المناسبة نفسها، أصدر آية الله  ا الكاشاني بياناً بدعم الشعب الفلسطيني، وبينما احتج بشدة على المحافل الدولية الداعمة للحكومة الصهيونية، أعلن عن فسادها قائلاً:
"إن قيام دولة اليهود في المستقبل سيكون بؤرة فساد كبير لمسلمي الشرق الأوسط والعالم أجمع، وخسارتها لن يشعر بها عرب فلسطين فقط، بل ستطال المسلمين كافة، فامنعوا هذا الظلم الفاحش بأية وسيلة ممكنة، وارفعوا هذا الإزعاج عن المسلمين في فلسطين.."
وأصدر العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين وآية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء عدة بيانات بمناسبة إعلان تشكيل الحكومة الإسرائيلية والحرب الأولى لتلك الحكومة مع العرب. واعتبر شرف الدين تدمير فلسطين تدميرا للإسلام والعرب، ودعا ملك الأردن إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل، واعتبر المعركة مع الغزاة الإسرائيليين في سبيل تحرير فلسطين جهادا، وألقى باللوم على الحكومة اللبنانية لعدم الرد بشكل مناسب على العدوان الإسرائيلي في جنوب ذلك البلد.
واعتبر كاشف الغطاء في تصريحاته أن فلسطين هي القضية الأهم في العالم الإسلامي، وأعرب عن أسفه لعدم اهتمام علماء المسلمين بهذا الحدث واستهتارهم به، وطالب جميع مسلمي العالم بالدفاع عن أرض فلسطين بالتضحية بأرواحهم وأموالهم.
أما نواب صفوي، رئيس «جمعية فدائيي الإسلام»، فقد أصدر بيانا أعلن فيه استعداد 5000 مقاتل إيراني للمشاركة في المعركة ضد الصهيونية في فلسطين، وطلب من الحكومة الإيرانية اتخاذ الترتيبات اللازمة لإرسالهم. كما طلب آية الله البروجردي، في إعلان كتبه باللغة العربية، وترجم المرحوم إشراقي واعظ جزءا منه وقرأه على الناس، من الشعب المسلم في إيران أن يقيموا مجلساً للدعاء، وأن يدعو فيه من أجل تخفيف البلاء عن الفلسطينيين وإذلال الصهاينة.
وأعلن آية الله السيد محمد بهبهاني، في رسالة إلى البابا زعيم الكاثوليك في العالم، كراهية العلماء والمسلمين في العالم لحكومة إسرائيل المنافقة، وأعرب عن استغرابه من اعتراف الحكومات المسيحية بتلك الحكومة وطلب منه تحذير مسيحيي العالم من دعم تلك الحكومة وعدم المساس بالمشاعر الدينية للمسلمين.
كذلك، بعد إعلان قيام دولة إسرائيل، أسس الشيخ مصطفى رهنما «منظمة بيت المقدس» السياسية مع آية الله طالقاني وآية الله الحاج ميرزا خليل كمرئي، وفي أحد تصريحاته انتقد بشدة النظام الإيراني بسبب الاعتراف الفعلي بالحكومة الإسرائيلية.
وكان آية الله طالقاني من العلماء المجاهدين والمجدين الذين أرادوا وحدة الشعوب الإسلامية وعودة فلسطين والمدينة المقدسة إلى أحضان المسلمين. ولهذا السبب، في عام  1952، شارك آية الله الكاشاني، إلى جانب آية الله الحاج ميرزا خليل كمرئي، وآية الله الحاج آغا رضا الزنجاني، والصدر بلاغي، في "المؤتمر العالمي للشعوب الإسلامية" الذي عقد في كراتشي. لقد كان آية الله طالقاني قلقا من الأخطار التي تهدد العالم الإسلامي وعلى رأسها دولة إسرائيل التي قامت في قلب الديار الإسلامية بدعم شامل من الاستكبار العالمي والإرهاب والقهر والتشريد للعرب الفلسطينيين في تلك الأرض.
وفي عام 1959 انعقد مؤتمر آخر حول فلسطين في القدس -التي كان نصفها الغربي تحت سيطرة الأردن- ومن إيران شارك فيه الحاج ميرزا خليل كمرئي -الذي سبق أن شارك في المؤتمر الإسلامي الفلسطيني في باكستان عام 1952- ممثلاً عن آية الله البروجردي وآية الله طالقاني وعدد آخر من العلماء، كما أعطى آية الله البروجردي مبلغ عشرة آلاف تومان للسيد كمرئي لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
بعد انقلاب 19 أغسطس 1959، تمكنت الحكومة الأمريكية، باعتبارها الحكومة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، من تحقيق الوضع الاستعماري المتفوق في إيران تدريجياً، وقد حاولوا مع إنجلترا فتح موطئ قدم لدولة إسرائيل الناشئة في إيران، ولذلك، أوكلت مهمة تدريب وتنظيم السافاك الإيراني إلى الحكومة الإسرائيلية، كما وسعت إسرائيل علاقاتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية مع إيران، وجاء العديد من المسؤولين والخبراء السياسيين والعسكريين والاقتصاديين الإسرائيليين سراً إلى إيران واجتمعوا مع الشاه والسلطات الإيرانية، وتم خلاله توقيع اتفاقيات وعقود في مختلف المجالات .
بالإضافة إلى ذلك، حاولت الحكومة الإسرائيلية الحد من الكراهية بين الإيرانيين وكسب قاعدة اجتماعية من خلال إقامة علاقة وثيقة مع شخصيات مستقلة وفئات مختلفة من المجتمع. لذلك، في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، دعا مئات من مديري الوكالات الحكومية والطلاب والكتاب والصحفيين والمثقفين المستقلين إلى ذلك البلد للاطلاع على التقدم الذي حققته إسرائيل في مجالات العلوم والصناعة والزراعة. ونشر بعضهم ملاحظاتهم وأحاديثهم في شكل مذكرات رحلات وأشادوا بالتقدم الذي أحرزته إسرائيل. وفي استمرار لتوسيع العلاقات بين إيران وإسرائيل، في صيف عام 1960، في مقابلة، اعترف الشاه مرة أخرى بالكيان الإسرائيلي، مما تسبب في رد فعل سلبي في الدول الإسلامية، ومنها الحكومة المصرية برئاسة جمال عبد الناصر التي هاجمت النظام الإيراني بشدة، وكرد فعل على ذلك العمل، أطلقت على الخليج الفارسي اسم "الخليج العربي"، واقتدت به دول إسلامية أخرى. ومن ناحية أخرى، علماء الأزهر -ربما تحت ضغط الحكومة المصرية- وكذلك آية الله الشيخ عبد الكريم الزنجاني أرسلوا برقيات إلى آية الله البروجردي وطلبوا منه الضغط على الحكومة الإيرانية وسحب الاعتراف بالحكومة الإسرائيلية. إثر ذلك، دعا آية الله البروجردي رئيس مجلس الأعيان إلى قم لمعرفة حقيقة الأمر وطلب منه التوضيح، فذكر الأخير أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جديد، وأرسل آية الله البروجردي عين جوابه إلى الزنجاني وعلماء الأزهر، وهو بالطبع لم يكن مقنعا بالنسبة لهم.
في أغسطس 1966، بعد أن قام الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، هاجمت حكومة إسرائيل، إلى جانب إنجلترا وفرنسا، مصر، وهو ما قوبل بتحذير من الحكومتين السوفيتية والأمريكية. واحتجاجا وتعبيرا عن الاشمئزاز من تصرفات الحكومة الإسرائيلية وتعاطفا مع الإخوان المسلمين المصريين، قام آية الله البروجردي بإيقاف دروس الحوزة.
بعد وفاة آية الله البروجردي، بدأت العلاقات الشاملة بين نظام الشاه وإسرائيل تتوسع، مما أدى إلى رد فعل قوي من الإمام الخميني وخطابه الشهير في 3 يونيو 1963، واعتبر الإمام فيه البهائيين عملاء لإسرائيل متسائلاً: "ما هي العلاقة بين الشاه والكيان الإسرائيلي لتطلب قوات الشرطة في البلاد من الدعاة؟ ألا يقولوا إن الإسلام في خطر وألا يتحدثوا عن إسرائيل والشاه بسوء؟" وتابع الإمام: «إن اختلافنا كله يدور حول هذه المسائل الثلاث، وإذا لم نتحدث في هذه المسائل فماذا نقول؟»
وفي هذا الخطاب أظهر الإمام الخميني ضمنا ارتباط نظام الشاه بإسرائيل. وفي العام نفسه، قام آية الله هاشمي رفسنجاني بترجمة كتاب "القضية الفلسطينية" للكاتب أكرم زعتر لإطلاع الشعب الإيراني على فلسفة إنشاء الحكومة الإسرائيلية والدعم السياسي والمالي والعسكري للولايات المتحدة لهذا الكيان والمصير الأليم للشعب الفلسطيني. وأضافت له مقدمة موسعة مفيدة كان لها تأثير كبير في المجتمع، فتم منع نشر الكتاب على الفور، وتم اعتقال المترجم أيضاً وتعذيبه بشدة.
وبعد نفي الإمام الخميني، أصبحت العلاقات بين إيران وإسرائيل تتسع يوماً بعد يوم، وتغلغل البهائيون أكثر فأكثر في الأجزاء الحساسة من البلاد، وحاولوا تعزيز مصالح إسرائيل وتطويرها، كما اختارت الشركات الأمريكية والأوروبية ممثليها التجاريين من بين اليهود والبهائيين.
في يونيو 1967، بمناسبة الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على مصر وسوريا والأردن، أصدر الإمام الخميني، الموجود في المنفى في العراق، إعلاناً يدين الغزو الإسرائيلي ويحظر أي علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية مع ذلك البلد كما حذر المسلمين من بيع وشراء البضائع الإسرائيلية.
كذلك، أدانت المرجعيات الشيعية في العراق وإيران مثل: الحكيم، عبد الله الشيرازي، الميلاني، المرعشي النجفي، الكلبايكاني، شريعتمداري، البهبهاني، بالإضافة إلى علماء وطلاب الحوزة العلمية في قم، بإصدار بيانات، العدوان الإسرائيلي، وأعربوا عن تعاطفهم مع الدول والحكومات العربية المشاركة في الحرب، وطلبوا من الشعب المسلم في إيران مساعدة الإخوة العرب المسلمين وأعلنوا أيضاً عن أرقام حسابات لجمع التبرعات النقدية من الناس.
وبعد عام وبضعة أشهر، وفي مقابلة أجراها الإمام مع ممثل منظمة الفتح الفلسطينية في النجف في أكتوبر 1968، ونشرت في جريدة النور، أصدر فتوى بالجهاد ضد الصهاينة المحتلين. وبعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ظهرت مرة أخرى موجة من المشاعر المعادية للصهيونية ومعادية لإسرائيل بين الحوزات العلمية الشيعية، وقام رجال الدين المثقفون والثوريون، من خلال كتابة سلسلة من المقالات والكتب، بكشف جرائم إسرائيل و تزايد خطر الصهيونية على العالم الإسلامي وانتقدوا بشدة إهمال المجتمعات الإسلامية وتجاهلهم، وتبعية رؤساء الدول الإسلامية والعربية لقوى الشرق والغرب، كما استنكروا الصمت واللامبالاة، بل التواطؤ، للمحافل الدولية، وخاصة الأمم المتحدة أمام جرائم إسرائيل.
وبعد ذلك بعامين، عندما أضرم النظام الإسرائيلي النار في المسجد الأقصى، واجه ردة فعل قوية من الإمام الخميني وغيره من العلما، نظير آيات الله الحكيم والمرعشي النجفي والكلبايكاني والإمام موسى الصدر والمجامع الدينية الشيعية في إيران والعراق. وفي مقابلة أجراها الإمام الخميني مع صحيفة الجمهورية العراقية بتاريخ  23 اكتوبر 1969، وصف مؤتمر رؤساء الدول الإسلامية المنعقد في مدينة الرباط بالمغرب بأنه غير مثمر، وأنه يسعى لمساعدة ودعم تصرفات إسرائيل. وقد أشار الأستاذ مطهري في خطابه الشهير الذي ألقاه في مارس 1970 إلى أهمية القضية الفلسطينية لجميع مسلمي العالم وأكد على ضرورة مساعدة الفلسطينيين والحاجة الماسة للتطرق إلى قضية الفلسطينية في أيام الحداد الشيعية في تاسوعاء وعاشوراء.
وفي عام 1973، عندما اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، أعلنت السلطات الشيعية في إيران والعراق تعاطفها مع الحكومات والدول العربية المشاركة في الحرب وطالبت بتقديم أي مساعدة منها، كما وجه الإمام الخميني رسالة إلى الدول والأمم الإسلامية يدعوها فيها إلى الجهاد الشامل ضد إسرائيل ويحذرها من بيع النفط لإسرائيل. كما أصدر مراجع وعلماء آخرون من إيران والعراق ولبنان أمثال: الكلبايكاني، شريعتمداري، الخوئي، الشاهرودي، روحاني، الشيرازي، الحمامي، آل رازي، كلباسي، حسني البغدادي، والإمام موسى الصدر بيانات أعلنوا فيها دعمهم لإخوانهم المسلمين في حربهم ضد إسرائيل. وطلبوا من عامة المسلمين ألا يترددوا في مساعدتهم بأي شكل من الأشكال.
وبعد الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة عام 1967، اعتبر الإمام موسى الصدر، زعيم الشيعة في لبنان، قضية فلسطين واجباً دينياً وإنسانياً، حيث أدان بشدة الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على جنوب لبنان، ودعم المقاومة الفلسطينية، ورفض أي تعاون ومساعدة مع إسرائيل، واعتبره محرماً، كما شدد على المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وأنشأ منظمة "حركة أمل" العسكرية لهذا الغرض.
ومع أولى الحركات السياسية الشعبية التي بدأت ضد النظام البهلوي عام 1978، كانت الحكومة الإسرائيلية أول من شعر بالقلق، وفي الصيف المقبل، اعتبر السفير الإسرائيلي في إيران آنذاك أن سقوط النظام البهلوي مؤكد ووشيك. وفي سبتمبر 1978، اختفى الإمام موسى الصدر، زعيم الشيعة اللبنانيين وأحد أبرز الشخصيات السياسية في الشرق الأوسط، والذي كان يعتبر داعماً قوياً للمقاومة الفلسطينية، بشكل مريب أثناء سفره إلى ليبيا. ومع انتشار الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية ضد نظام الشاه، والتي أدت في النهاية إلى سقوط النظام الملكي وانتصار الثورة الإسلامية، أعلن موشيه ديان، وزير الحرب الإسرائيلي السابق: أن الثورة الإسلامية في إيران ستكون زلزال عظيم في الشرق الأوسط.